من وضع هذا الشعار ــ النداء؟ وما مضمونه وقيمته؟ظهر هذا الشعار ــ النداء في سياق تأسيس الأممية الثالثة (الكومنترن) وتطويرها وتعيين موضوعاتها، وبشكل خاص مع مؤتمرها الثاني الذي اتخذت فيه لجنتها التنفيذية القرار بإقامة «المؤتمر الأول لشعوب الشرق» (المعروف بـ«مؤتمر باكو») في الأسبوع الأول من تموز 1920.
من المعروف أن لينين، ومعه قادة البلاشفة، كانوا وراء الحملة المنظمة لإسقاط الأممية الثانية (وأحزابها اليسارية الإصلاحية، بما فيها من مرتدّين لوقوفهم إلى جانب برجوازية بلدانهم، تلك البرجوازية التي فجّرت الحرب العالمية الأولى) وتشكيل الأممية الثالثة لتضم الأحزاب الشيوعية الثورية في الغرب الأوروبي والأميركي. وكانت الفكرة الأساسية التي اندفعت باتجاهها الأممية الثالثة هي تحويل الحرب العالمية الأولى، الحرب بين الضواري الرأسماليين لغرض اقتسام المستعمرات وإعادة اقتسامها، إلى مناسبة لشن حرب أهلية ضد الرأسمالية الإمبريالية في كل بلد من البلدان الاستعمارية، وذلك انسجاماً مع اعتبار لينين «أن الحرب الأهلية هي شكل من أشكال النضال الطبقي» [1]. هذا فضلاً عن قيام الإمبريالية الأوروبية والأميركية واليابانية بشن الحرب على الثورة البلشفية ومحاولة إسقاط السلطة السوفياتية الفتية.
ملصق سوفياتي عن الشعار، فيكتور كوريتسكي (1931)

لهذا الغرض رُفعت شعارات حماية السلطة السوفياتية في روسيا، واستمرار الثورة في الغرب الأوروبي والأميركي باتجاه إقامة ديكتاتورية البروليتاريا عالمياً. ولمّا كانت روسيا في قسم كبير منها تضم مجتمعات شرقية، ما قبل رأسمالية وإقطاعية، ومنتشرة على تخوم بقية بلدان ومجتمعات المشرق حيث قلما برزت الرأسمالية وبالتالي الطبقة العمالية إلا بشكل أولي، فقد طرح لينين إمكانية بناء سلطة سوفياتية (وديكتاتورية البروليتاريا، أو ديكتاتورية البروليتاريا والفلاحين)، في روسيا وفي غيرها من بلدان الشرق، كمقدمة لبناء الاشتراكية، دون المرور بالضرورة في مرحلة المجتمع البرجوازي الرأسمالي. واعتبر لينين أن تحالف البروليتاريا (الغربية أساساً) مع كادحي شعوب الشرق (البلدان المستعمَرة وشبه المستعمَرَة والتابعة للإمبريالية)، وغالبيتهم من الفلاحين، ضرورة ملحة وشرط لإمكان النجاح في إسقاط سيطرة الرأسمالية على العالم، فضلاً عن حماية السلطة السوفياتية في روسيا. واعتبر هذا التحالف شرطاً لنجاح البروليتاريا الغربية في مشروعها للتحرر من سلطة رأسمال، كما هو شرط لنجاح كادحي الشرق وبلدان المستعمرات في التحرر الوطني والاجتماعي.

لينين لم يُطلق هذا الشعار ــ النداء
على ضوء هذه النزعة اللينينية (الدعوة إلى المحالفة بين البروليتاريا الغربية وفلاحي الشرق) المتكررة في أدبيات لينين، لا سيما في المؤتمر الثاني للكومنترن، شاع نسب الشعار ــ النداء (يا عمال العالم وشعوبه المضطهَدة، اتحدوا) إلى لينين. ولكن الباحث المدقق في أدبيات لينين المترجمة إلى العربية (مختارات لينين في 10 مجلدات) والفرنسية (مؤلفات لينين، 45 مجلداً، صادرة معاً عن: Éditions sociales, Paris; Éditions du progrès,Moscou) والإنكليزية (المجلدات الصادرة عن Progress Publishers Moscow)، لا يستطيع العثور على أي نص للينين ورد فيه هذا الشعار. ولقد استعنت بأصدقاء عدة متعمقين في الماركسية واللينينية لبتّ أمر نسب هذا الشعار ــ النداء إلى لينين، استناداً إلى نص له، وكان جوابهم النفي.

زينوفييف هو واضع هذا الشعار ــ النداء
وفي الحقيقة ورد هذا الشعار ـــ النداء لأول مرة في الجلسة الختامية، السابعة، لـ«المؤتمر الأول لشعوب الشرق» (مؤتمر باكو) في الأسبوع الأول من عام 1920، على لسان غريغوري زينوفييف[2] (رئيس اللجنة التنفيذية للأممية الثالثة ورئيس مؤتمر باكو) في 7 أيلول 1920. حيث قال: «أطلق معلمنا المشترك، كارل ماركس، منذ سبعين عاماً نداءه «يا عمال العالم اتحدوا». نحن أتباعه ومتابعو نضاله يسعدنا أن نتمكن من تحقيق ومتابعة ندائه ونقول: «يا عمال جميع البلدان ويا مضطهَدي العالم أجمع، اتحدوا»[3].
ولو أن لينين هو الذي وضع هذا الشعار ــ النداء لكان زينوفييف أشار إلى ذلك بالضرورة، فهو ليس على خفة بحيث لا يذكر صاحب الكلام الأصلي. بالإضافة إلى عدم العثور على هذا الشعار ــ النداء في أي نص من نصوص لينين. هذا فضلاً عن أن لينين بالذات قد صرح قائلاً في متن كلمته في السادس من كانون الأول 1920 (أي بعد مضي شهرين على كلام زينوفييف) في «اجتماع المناضلين الناشطين في منظمة موسكو للحزب الشيوعي (ب) الروسي»: «نحن الآن لسنا كممثلين للبروليتاريا العالمية فحسب، ولكن كممثلين للشعوب المضطهدة أيضاً. أخيراً، ظهرت مجلة عن الأممية الشيوعية باسم «نارودي فوستوكا» (شعوب الشرق) وهي تحمل الشعار التالي: «يا عمال كل البلدان وكل الشعوب المضطهدة، اتحدوا». «متى أصدرت اللجنة التنفيذية أوامرها بتعديل الشعارات؟». سأل(ني) أحد الرفاق. (جواب لينين): في الواقع، لا أتذكر أنه حدث ذلك من قبل. بالطبع، تعديل خاطئ من وجهة نظر البيان الشيوعي، لكن البيان الشيوعي كُتِب في ظل ظروف مختلفة تماماً. ومع ذلك، فمن وجهة نظر السياسة الراهنة، فإن التغيير صحيح»[4]. هكذا ظهر هذا الشعار ــ النداء، بلسان زينوفييف بدون علم لينين، في السابع من أيلول 1920، وظهر في تشرين الأول من العام نفسه على مجلة تابعة للأممية، واعترف لينين أن لا علاقة له بذلك في السادس من كانون الأول في نفس السنة. ولكنه صار مدافعاً بحماس عن هذا الشعار ــ النداء.

هل ينطوي الشعار ــ النداء على تغييب الصراع الطبقي؟
مناسبة هذا السؤال والكلام أعلاه ما نلاحظه من ضحالة ثقافة بعض الرفاق الشيوعيين القادة. وغرضنا من ذلك توضيح المفاهيم وتصحيح فهمها؛ وعدم التهور الاعتباطي، قبل التمكن منها، في عرضها وشرحها؛ وبالتالي الاستناد إلى هذه الشروحات في السلوك السياسي أو في التعبئة، وإن يكن بعضها غير عصي على الاستيعاب؛ وحثّ الرفاق المسؤولين خاصة على التعلم بجد ومثابرة. يعتبر البعض أن لينين خاطب سكان الدول المستعمَرَة كشعوب وليس كطبقات وهو بذلك يسلّط الضوء على طبيعة الصراع في هذه الدول كصراع وطني بين الاستعمار وعموم الشعب الساعي إلى التحرر وليس صراعاً طبقياً بالمعنى الضيق للكلمة.
بعض الرفاق هنا يفهم الأمور على طريقة «المكتوب يُقرأ من العنوان»، ولا حاجة بالتالي لمعرفة جوهر العنوان وكيفية معالجته وطرحه. جوهر النص، برأي قائله، أن لينين خاطب سكان الدول المستعمَرة، كشعوب وليس كطبقات. فطبيعة الصراع في هذه الدول صراع وطني مع الاستعمار وليس صراعاً طبقياً، محلياً أو عالمياً. فما مدى صحة هذا الكلام؟
صحيح أن لينين وقادة الأممية الثالثة استعملوا عبارة الشعوب، والأمم، بالمعنى العام. وكثيراً ما وردت عندهم عبارة الشعوب أو الأمم المستعمِرَة و/أو المستعمَرَة، وعبارة الشعوب أو الأمم الظالمة أو المظلومة، أو المضطهِدة أو المضطهَدة... فهل كان القصد من ذلك اتخاذ كل شعب من الشعوب وكل أمة من الأمم، الظالمة أو المظلومة، ككتلة واحدة دون فوارق وصراعات طبقية داخلها؟ وهل التحرر من الاستعمار يعني أن كامل الشعب المستعمَر يكون مظلوماً وهو ككتلة واحدة يقاوم الشعب المستعمِر الظالم؟ وألا ينطوي الشعار ـــ النداء على الصراع الطبقي عالمياً بين كتلتَي المظلومين (في الغرب البروليتاريا، وفي الشرق الكتل الفلاحية والكادحين) وكتلتَي الظالمين (الرأسماليون الإمبرياليون وأتباعهم في الغرب، والإقطاع والبرجوازية المتواطئة مع الاستعمار في الشرق)؟
الثقافة السطحية (الاكتفاء بالعنوان) وحدها تسمح بالتفسير الاعتباطي لهذا الشعار ـــ النداء، وتعتبره خارج الصراع الطبقي العالمي والمحلي، سواء بالنسبة إلى شعوب أو إلى أمم الشرق أو الغرب.
ورد هذا الشعار ــ النداء لأول مرة في الجلسة الختامية، السابعة، لـ«المؤتمر الأول لشعوب الشرق» (مؤتمر باكو) في الأسبوع الأول من عام 1920، على لسان غريغوري زينوفييف


كيف نظّرت الأممية الثالثة، لا سيما لينين، لمسألة المحالفة بين البروليتاريا العالمية (والغربية أساساً) وشعوب الشرق أو شعوب البلدان المستعمرة وشبه المستعمرة والتابعة اقتصادياً وسياسياً للإمبريالية؟ وكيف شرحت الحرب الاستعمارية التي تشنها البرجوازيات الغربية، ومقاومتها من قبل الطبقات في مجتمعات الشرق أو البلدان الخاضعة والمظلومة؟ فهل كل طبقات مجتمعات الشرق قاومت الاستعمار؟ ألم يقف بعضها إلى جانبه وضد حركات التحرر؟ وهل مقاومة الاستعمار والصراع في حروب التحرر منه لم تتضمن، في نفس الآن، صراعاً داخل طبقات شعوب الشرق؟
يقول لينين في «الموضوعات إلى المؤتمر الثاني للأممية الشيوعية. مسوّدة أولية للموضوعات في المسألة القومية ومسألة المستعمرات» (5 حزيران 1920): «بالنسبة إلى الدول والأمم الأقل تطوراً، حيث تسود العلاقات الإقطاعية أو البطريركية...، ينبغي أن لا يغرب عن البال بوجه خاص»: 1) ضرورة دعم الشيوعيين (الغربيين) لحركات التحرر الوطني البرجوازية والديموقراطية 2) ضرورة النضال ضد رجال الدين وغيرهم من عناصر الرجعية والقرون الوسطى من أصحاب النفوذ 3) ضرورة النضال ضد الجامعة الإسلامية وما شاكلها من التيارات التي تحاول ربط الحركة التحررية المناهضة للإمبريالية الأوروبية والأميركية بتوطيد مراكز الخانات[5] (Khans) والإقطاعيين والشيوخ إلخ. 4) ضرورة تأييد حركات الفلاحين الصرف المناضلة ضد كبار ملاكي الأراضي والملكية العقارية الكبيرة وضد كل مظهر من مظاهر الإقطاعية أو بقية من بقاياها 5) ينبغي العمل لتحالف مؤقت مع الديموقراطية البرجوازية في المستعمرات، مع صيانة بصورة قاطعة لاستقلال الحركة البروليتارية حتى بشكلها البدائي...[6].
بيد أن الموقف من حركات التحرر الوطني البرجوازية تعرّض للتعديل، كما ورد في كلام لينين في «تقرير اللجنة المختصة بالمسألة القومية ومسألة المستعمرات» (26 تموز 1920): فهذه المسألة بالذات قد أثارت بعض الخلافات والمناقشات داخل الأممية. ونتيجة لذلك اتفق الرأي على الكلام عن «الحركة الوطنية الثورية» بدلاً عن «البرجوازية الديموقراطية». السبب في ذلك أن البرجوازية الإمبريالية تبذل كل جهودها لتغرس الحركة الإصلاحية كذلك بين الشعوب المظلومة. ولقد تم بعض التقارب بين برجوازية البلدان الاستعمارية وبرجوازية المستعمرات، ما جعل برجوازية البلدان المظلومة تناضل في الوقت نفسه، في حالات كثيرة، بل قل في معظم الحالات، ضد جميع الحركات الثورية والطبقات الثورية بالاتفاق مع البرجوازية الإمبريالية...[7].
ويُضيف لينين موضحاً حيثيات دعم حركات التحرر البرجوازية: «لن نؤيد، الحركات التحررية البرجوازية في المستعمرات إلا في الحالات التي تكون فيها هذه الحركات ثورية حقاً وفي الحالات التي لا يعيقنا فيها ممثلو هذه الحركات عن تربية وتنظيم جماهير الفلاحين والجماهير الغفيرة من المستثمَرين تربية ثورية وتنظيماً ثورياً. وفي حالة انعدام هذه الظروف يتوجب على الشيوعيين في هذه البلدان أن يناضلوا ضد البرجوازية الإصلاحية التي ينتمي إليها أبطال الأممية الثانية أيضاً»[8].
كيف عُرِضَ هذا الأمر في مداخلات وقرارات «المؤتمر الأول لشعوب الشرق»؟
يظهر المنطق الطبقي واضحاً من بداية الأمر، من دعوة اللجنة التنفيذية للأممية الشيوعية إلى شعوب الشرق لحضور مؤتمر باكو، حيث جاء في الدعوة «ستعقد اللجنة التنفيذية للأممية الشيوعية مؤتمراً لعمال وفلاحي إيران وأرمينيا وتركيا في باكو»... وتضيف الدعوة: «يا فلاحي وعمال إيران! إن حكومة طهران كاجار وعملاءها- الأغوات المحليين- تنهبكم وتستغلكم منذ قرون. لقد استولى عملاء حكومة طهران على الأرض،... فارضين الرسوم والضرائب الكيفية. وبعد أن استنزفوا حيوية البلد وأشاعوا فيها البؤس والخراب، باعوا إيران... إلى الرأسماليين الإنكليز... ليأتي هؤلاء إلى إيران بجيش يقمعكم بوحشية أكبر من السابق ويفرض المزيد من الرسوم والضرائب لمصلحة الأغوات وحكومة طهران. ولقد باعوا من إنكلترا موارد النفط الغنية في جنوب إيران، فسهلوا بذلك نهب البلاد». وجاء في الدعوة: «يا فلاحي العراق!»... و«يا فلاحي الأناضول!»، «يا عمال وفلاحي أرمينيا!»، «يا فلاحي سوريا والجزيرة العربية!»...، «يا عمال وفلاحي الشرق الأدنى!»...[9].
ما قصده المؤتمر الأول لشعوب الشرق، وما قصدته الأممية الشيوعية، وما قصده الشعار ــ النداء من عبارة «شعوب الشرق» هو بالتحديد الطبقات والفئات الكادحة وبعض فئات البرجوازية الوطنية، وتحريضها على ممارسة الصراع الطبقي المحلي والعالمي، بالتحالف مع البروليتاريا الغربية، وبالنضال ضد الرأسمالية العالمية وأتباعها المحليين (في مجتمعات الشرق) ورموز الإقطاع والرجعية الدينية.
بعض النماذج مما أفصحت عنه المداخلات الأساسية في المؤتمر: قال زينوفييف (رئيس المؤتمر) في الجلسة الأولى: «استطعنا اليوم أن نجمع عدداً أكبر وأكثر تمثيلاً من مندوبي الجماهير الكادحة في الشرق... الملايين، من شغّيلة الشرق»[10]. ويضيف: «كلنا يعلم أن في الشرق أقطاراً يملك فيها رجال الدين والنبلاء الإقطاعيون مهارة فائقة يسترضون بواسطتها الفلاحين... علينا أن نفضح هذه الألاعيب وأن نحث شعوب الشرق على تحقيق الثورة الفلاحية... نحن على ثقة من أن فلاحي الشرق، سوف يهبّون بمئات الملايين لإنجاز الثورة الزراعية العميقة والأصيلة، لاستصلاح الأراضي القديمة، والقضاء على كبار الملاكين العقاريين...»[11].
نختم هذه الاقتباسات بنص أخير من جملة كاملة من النصوص المشابهة. يقول بيلاكون (قائد جمهورية المجر السوفياتية ــ في حينه): «تنجح البرجوازية عادة في التمييز بين الأهالي والطبقة الحاكمة في الأقطار المستعمَرة أو شبه المستعمَرة، وتستخدم هذه الأخيرة بطريقة تجعل استغلالها أقل كلفة وأقل تلوثاً بالدماء. إن السلاطين والأمراء وجميع الأوساط الحاكمة في الشرق يرحبون دوماً بلعب دور جباة ضرائب لصالح المضطهِدين الإمبرياليين، وذلك بعد انهيار مقاومتهم لهم. فقد شاهدنا شاه إيران مثلاً يجبي الضرائب لصالح الإمبريالية الروسية والإمبريالية الإنكليزية على التوالي. وكانت جماعة تركيا الفتاة ينهبون الفلاحين الأتراك لصالح الإمبرياليين الألمان... هذا ويوافق الأمير فيصل الذي يرتشي من أصحاب المصارف الباريسيين، على تجزئة الأمة التركية ويوافق على الاحتفاظ بالطبقة الفلاحية في وطنه كقطيع من الأقنان تُفرض عليه الجزية بدون رحمة من قبل الإمبرياليين»[12].
سؤال أخير،
من الواضح، بعد العرض المقدم أعلاه، أن هذا الشعار ــ النداء يتمحور حول ربط النضال للتحرر الوطني بالنضال من أجل التحرر الاجتماعي. وجوهره صراع طبقي عالمي ومحلي معاً. وعليه، لماذا يعمد بعض القادة الشيوعيين إلى طرح هذا الشعار ــ النداء، بوصفه نافياً وملغياً للصراع الطبقي؟ أهو نتيجة لمجرد قلة المعرفة، كيلا نقول عبارة أخرى؟ أم للتمسك بشعار منسوب إلى لينين، بغية تبرير وقف التحريض الطبقي ودعوة الحزبيين والجماهير الكادحة إلى الاستكانة، وبالتالي الخضوع لواقع الهيمنة الطبقية لمحالفة الطبقة السائدة في لبنان؟ أم هو ببساطة لربط نشاط الحزب الشيوعي والعمل لتوظيفه في خدمة هذه المحالفة الطبقية المسيطرة والحصول على منافع منها؟

*كاتب لبناني

مراجع وهوامش:
[1] لينين. المختارات في 10 مجلدات، المجلد 10 (1920-1923)، ترجمة الياس شاهين، دار التقدم- موسكو، 1978، ص 393.
[2] غريغوري زينوفييف Grigory Zinoviev (1883-1936) كان واحداً من ألمع البلاشفة (لينين، تروتسكي، زينوفييف، ستالين...) وأقربهم إلى لينين، ومدير «اللجنة التنفيذية» للأممية الثالثة منذ تأسيسها عام 1919، ومدير «المؤتمر الأول لشعوب الشرق». وكان مفكراً وخطيباً وصاحب مؤلفات عديدة. وكان منافساً لستالين. تم إعدامه عام 1936 مع بداية التصفيات الكبرى التي اعتمدها ستالين، والتي قضت على أول وأهم رعيل من البلاشفة القدماء الأوائل.
[3] Le Premier Congrès des Peuples de l’Orient, Bakou, 1-8 sept. 1920. Editions de l’Internationale communiste, Petrograd, 1921, Réédition en fac-similé, F. Maspero, 1971. Compte-rendu sténographique. (Prolétaires de tous les pays. Opprimés du monde entier, unissez-vous) P 222.
ورد النص في الترجمة العربية: «إن معلمنا المشترك، كارل ماركس، قد أطلق لسبعين سنة خلت صيحة: «يا عمال العالم اتحدوا». أما نحن، تلامذته ومكملو رسالته، فيسعدنا أن نستطيع تحقيق وتطوير هذا الشعار فنقول: «يا عمال العالم وشعوبه المضطهَدة، اتحدوا!». المرجع: المؤتمر الأول لشعوب الشرق (باكو 1-8 أيلول 1920)، منشورات الأممية الشيوعية، بتروغراد، 1920. ترجمة فواز طرابلسي، دار الطليعة بيروت، الطبعة الأولى، حزيران 1972. ص 228.
[4] V. I. Lenin, Collected Works, Volume 31, April–December 1920. Progress Publishers Moscow, First printing 1966, Second printing 1974. Digital Reprints 2012. p. 453.
هذا النص وارد في الصفحة 470 في المجلد 31 من المجموعة الفرنسية لمؤلفات لينين، ولكنه في المجموعة الإنكليزية أوضح ومرفق بحاشية توضيحية غير موجودة في المجلد الفرنسي. الحاشية التوضيحية: «نارودي فوستوكا (Narody Vostoka / شعوب الشرق)، مجلة شهرية، ناطقة باسم مجلس الدعاية وتوجيه أنشطة شعوب الشرق، نُشرت بقرار من «المؤتمر الأول لشعوب الشرق»، الذي عُقد في باكو من 1 إلى 7 أيلول 1920. ظهر عدد واحد فقط - في أكتوبر 1920، باللغات الروسية والتركية والفارسية والعربية»، المرجع أعلاه، الحاشية 158، ص 581.
[5] لفظة تركية تعني أمير أو ما شابه يتمتع بسلطة سياسية ودينية...
[6] لينين، المجلد 10، مرجع سابق، ص 21-22.
[7] المرجع السابق، ص 92-93.
[8] المرجع السابق، ص 93-94.
[9] المؤتمر الأول لشعوب الشرق، مرجع سابق، ص 10، 11، 12، 13، 14.
[10] المرجع السابق، ص 40.
[11] المرجع السابق، ص 49.
[12] المرجع السابق، ص 175-176