في الشهر الماضي، تمّ اختتام المؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني بنجاح. استعرض هذا المؤتمر ولخّص بشكل شامل الأعمال في السنوات الخمس المنصرمة والتغييرات العظيمة خلال عقد من العصر الجديد في الصين، كما انتخب فيه القيادة المركزية الجديدة للحزب الشيوعي الصيني، ووضع ترتيبات استراتيجية بشأن تطوير قضايا الحزب والدولة في المسيرة الجديدة والعصر الجديد. یتحلّى هذا المؤتمر الوطني العشرون للحزب الشیوعي الصیني بأهمية بالغة، وعقد في لحظة حاسمة استهلّت فيها الصين التقدّم في المسیرة الجدیدة لبناء دولة اشتراكیة حدیثة على نحو شامل والزحف نحو هدف الكفاح عند حلول الذكرى المئویة لتأسیس جمهورية الصین الشعبیة، وسيكون لهذا الموتمر تأثير عميق وطويل في العالم. في السنوات العشر الفائتة، دخلت الاشتراكیة ذات الخصائص الصینیة إلى العصر الجدید. وحّد الحزب الشيوعي الصيني أبناء الشعب الصيني وقادهم لتخطي العديد من الصعوبات والتحديات، وحقّق إنجازات رائعة وتغييرات عظيمة في مختلف القضايا. خلال هذه السنوات العشر الماضية، استطاعت الصين انتشال حوالي 100 مليون مواطن ريفي من الفقر، فحلّت مشكلة الفقر المطلق بصورة تاریخیة؛ وشكّلت نسبة حجم الاقتصادي الإجمالي الصيني 18.5% من الاقتصاد العالمي فتبوّأت المركز الثاني عالمیاً بصورة ثابتة، وتربّعت بثبات على المركز الأول في العالم من حیث حجم قطاع التصنیع واحتیاطي النقد الأجنبي، ما حقّق طفرة تاریخیة في قوتها الاقتصادیة. وازداد معدل نصیب الفرد من الدخل القابل للصرف لدى السكان إلى حوالي 5000 دولار، وأُتیحت فرص عمل جدیدة لصالح أكثر من 13 ملیون شخص بالمعدل السنوي، فتحسنت حیاة الشعب الصيني في جمیع الأوجه. وصارت الصین شریكاً تجاریاً رئیسیاً لأكثر من 140 بلداً أو منطقة، وتبوّأت المرتبة الأولى في العالم من حیث حجم تجارة السلع، ما شكّل نمطاً لانفتاح على العالم الخارجي أوسع نطاقاً وأفسح مجالاً وأعمق بعداً. لقد كسر النجاح للتحدیث الصیني النمط بشكل أساسي تفرد نموذج التحديث الغربي، ووفّر خیاراً جدیداً للبشریة في تحقیق التحدیث ورفد حل المشاكل المشتركة التي تواجه البشریة بمزید أفضل من الحكمة الصینیة والحلول الصینیة والقوة الصینیة.
في مسيرته الجديدة خلال العصر الجديد، استهلّ الحزب الشيوعي الصيني رسالةً ومهمّةً جديدتين. أشار الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني شي جين بينغ في تقرير المؤتمر إلى أنّ: «من الآن فصاعداً، صارت المهمة المحوریة للحزب الشیوعي الصیني هي الاتحاد مع أبناء الشعب بمختلف قومياتهم في كل البلاد وقيادتهم لإنجاز بناء دولة اشتراكیة حدیثة قویة على نحو شامل، وتحقیق هدف الكفاح الواجب إنجازه عند حلول الذكرى المئویة لتأسیس جمهورية الصین الشعبیة، ودفع النهضة العظیمة للأمة الصینیة على نحو شامل بالتحدیث الصیني النمط». ستواصل الصين التمسك بقیادة الحزب الشیوعي الصیني والاشتراكیة ذات الخصائص الصینیة، وتسعى إلى تحقیق التنمیة العالیة الجودة، وتطویر الدیموقراطیة الشعبیة الكاملة العملیة، وإثراء محتوى العالم الداخلي للشعب، وتحقیق الرخاء المشترك لأبناء الشعب كافة، وتعزیز التعایش المتناغم بین الإنسان والطبیعة، والمضي قدماً في بناء مجتمع مصیر مشترك للبشریة، وخلق شكل جدید من الحضارة البشریة.
ستواصل الصين دعم دول المنطقة في الدفاع عن سيادتها ووحدة أراضيها واستكشاف طرقها التنموية بشكل مستقلّ


في الوقت الحاضر، يواجه المجتمع البشري تحدیات غیر مسبوقة. في مواجهة التغیرات العالمیة والعصریة والتاریخیة، تنتهج الصین بثبات سیاسة خارجیة سلمیة مستقلة، وتلتزم بسياسة الدولة الأساسية المتمثلة في الانفتاح على العالم الخارجي، وتظل تشارك بنشاط في إصلاح منظومة الحوكمة العالمیة وبنائها، ودفع بناء مجتمع مصیر مشترك للبشریة. وقد طرحت الصین مبادرة التنمیة العالمیة ومبادرة الأمن العالمیة، معبّرة عن رغبتها للعمل مع شعوب جميع البلدان في ترقیة القیم المشتركة للبشریة جمعاء، والتي تشمل السلام والتنمیة والإنصاف والعدالة والدیموقراطیة والحریة، لدفع بناء عالم یسوده الأمن الشامل والرخاء المشترك والانفتاح والتسامح والنظافة والجمال.
لا يمكن للصين أن تتطور بمعزل عن العالم، والعالم يحتاج إلى الصين من أجل تطوره. لن تتغير أساسيات الاقتصاد الصيني القوية وستحافظ على مسار إيجابي على المدى الطويل. وستفتح الصين بابها أمام بقية العالم بشكل أوسع. حيث ستنتهج الصين بحزم استراتیجیة الانفتاح المتّصفة بالمنفعة المتبادلة والفوز المشترك، وتواصل توفير فرص جدیدة للعالم من خلال التنمیة الصينية الجدیدة، ودفع تطور الحوكمة العالمیة في اتجاه أكثر عدالة ومعقولیة، ودفع بناء اقتصاد عالمي مفتوح، ما یعود بفوائد على شعوب العالم بشكل أفضل.
إن المؤتمر الوطني الـ20 للحزب الشيوعي الصيني سيرشد التنمية الجديدة للصين وسيوفر فرصاً جديدة لمنطقة الشرق الأوسط. على مدار العقد الماضي، أحرز التعاون بين الصين ودول الشرق الأوسط، بما فيها لبنان، في بناء «الحزام والطريق» نتائج مثمرة، وشهد التعاون العملي بينهما في المجالات كافة تطوراً كبيراً، ما قدّم دعماً مهماً للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وتحسين معيشة الشعب في كلا الجانبين. وستواصل الصين دعم دول المنطقة في الدفاع عن سيادتها ووحدة أراضيها واستكشاف طرقها التنموية بشكل مستقل، وتعزيز البناء المشترك لمبادرة «الحزام والطريق» بجودة عالية، والمساهمة في تعميق الشراكة الاستراتيجية بين الصين والدول العربية وجعلها أكثر صلابة، والعمل معاً لبناء مجتمع صيني عربي ذي مستقبل مشترك للعصر الجديد.

*سفير الصين لدى لبنان