«لا يعني استقلال الجزائر نهاية الاستعمار فحسب، بل اختفاء جرثومة مميتة ومصدر جائحة في هذا الجزء من العالم» فرانز فانون- مجلة المجاهد، رقم 10- سبتمبر 1957«من دون تقدير قيمة الجنون الإنسانية، فإن الإنسان نفسه هو الذي يختفي» - من مبادئ علم النفس الملهمة لفانون يحضر اسم فرانز عمر فانون (1925-1961) بقوة في أجواء الذكرى الستين لاستقلال الجزائر عن فرنسا؛ إذ يظل المفكر الأفريقي الأكثر رصانة وتفهّماً وارتباطاً بهذه الثورة، ونضالها الصارم ضد استعمار استيطاني عنصري موغل في القدم، كما تظل فرضياته وتحليلاته ورؤاه للاستعمار بشكل عام، وفكرته عن استخدام العنف في مواجهة قوى الاستعمار التي بدت في وقتها في أقصى مستويات الراديكالية الثورية أفريقياً، راسخة في صحتها في مواجهة كل التغيرات التي مرت بها القارة الأفريقية بعد عقود ستة من «الاستقلال» ومساعي الفكاك من ربقة الاستعمار بأقنعته من دون نجاح حاسم حتى الآن. وربما بات حديث «حقيقة» استقلال أفريقيا، التي تشهد للآن تكالباً مسعوراً لقوى دولية وإقليمية بمعونة نخب «وطنية» حاكمة طالما انتقدها فانون، كهمس الجنون الذي دار بخلده عقب تجربته في مستشفى بليده للصحة النفسية بالجزائر (1953-1956)، استخدام العلاج المجتمعي للحيلولة دون مزيد من اغتراب المرضى النفسيين عبر دمجهم في المجتمع. وهي تجربة فشلت تماماً لأنها جرت في «مجتمع استعماري» أصبح مهشماً ومسكوناً بالخوف والقلق وظل منقسماً بالأساس، بحسب صياغة فانون الثاقبة؛ ليصير المجتمع الاستعماري برمته «مصحة نفسية» كبيرة من دون أمل في شفاء حقيقي سليم إلا بالعلاج الثوري. وهو ما جسدته تجربة استقلال الجزائر في نهاية المطاف بمفاصلة عن فرنسا الديغولية، فيما فشلت تصورات الكثير من قادة وزعماء القارة في أرجائها المتفرقة فكرياً وسياسياً في الاقتراب من تحليله الرصين.

فانون في الجزائر: تفكيك الجنون الاستعماري
في دراسته القيّمة عن فانون وعلم نفس القمع (1985) قدّم المفكر الصومالي حسين عبدالله بولهان خلاصات دالة حول إحباط فانون إثر عودته إلى موطنه جزر المارتينيك بعد دفاعه عن أطروحته الطبية في فرنسا في نوفمبر 1951 واكتشافه أن الفقر والاغتراب والقمع هي جذور المرض النفسي وإدمان الكحول الذي اجتاح بني وطنه؛ الأمر الذي ظل مكوناً رئيساً في شخصيته ورؤيته للاستعمار ومساعي التحرّر منه في مناطق مختلفة من العالم. لكنه بات ثورياً صرفاً، بالمعنى الأيديولوجي والحركي، خلال وجوده في الجزائر ومعاينته نضالها من أجل التحرر، بعد مكوث عابر في فرنسا (ليون) ورفضه عرضاً تولي إدارة إحدى المستشفيات في المارتينيك وتجاهل الرئيس السنغالي ليوبولد سنغور طلبه بالانتقال للعمل في السنغال. ولم يكن وصوله إلى الجزائر لتولي إدارة مستشفى بليدة-جونفيل، بناء على طلب قدمه للسلطات الفرنسية، حدثاً عارضاً أو مضياً نحو مجهول للفكاك من حالة العزلة التي عاينها في فرنسا ومن قبلها الإحباط في موطنه، بل كان لفانون إلمام في مراحل تكوينه المبكرة -وهو الذي توفي شاباً في عمر 36 عاماً- بالقضية الجزائرية. ودل على ذلك مقاله عن «المتلازمة الشمال أفريقية» الذي قدم فيه نقداً شاملاً للعنصرية في المجتمع كما في المؤسسة الطبية. وأبان المقال عمق الأزمة النفسية-الوجودية (في تحليله لنفسية المواطن الجزائري) وتفشي «متلازمات القمع». ودارت أفكار المقال، التي طورت لاحقاً بإسهاب في كتابيه A Dying Colonialism و the Wretched of the Earth، حول شكوك الأطقم الطبية في فرنسا إزاء جدية مرض الشمال أفارقة في تجسيد سوء الفهم التراجيدي للوضع الكولونيالي (كما شرح فانون لاحقاً)، ورسوخ النزعة العنصرية لدى هذه الأطقم على نحو يعوّق التشخيص الصحيح ومن ثم علاج هؤلاء المرضى (في تحليل يتجاوز الحالة الطبية إلى آفاق مجتمعية وسياسية أرحب)، كما العنصرية الثقافية التي تنمط الشمال أفريقي كشخص كسول. وتوصّل فانون في مقاله لفرضية أن النوايا الطيبة لا تكفي، بل إن الالتزام بتأمين العدالة للجميع هي مسؤولية كل فرد، وأن حل الاغتراب والمرض، بمعنى واسع، يتطلب ما لا يقل عن إعادة بناء اجتماعي جذرية.
وجسّدت رؤية فانون لـ«الجنون» تطويراً مهماً لفكرة أستاذه الشاعر الكبير إيميه سيزار عن «الجنون» كسمة هامة في الشخصية الأفريقية، تعبيراً عن قدرة الإنسان الأسود على خلق ذاكرة من التخيّل مقابل صرامة الإنسان الأبيض العقلية. فقد نظر فانون لـ«الجنون» على أنه نتيجة للمعاناة من قواعد المجتمع الاستعماري، كما تلمّسه في المارتينيك أو الجزائر أو دول أخرى. ومع ربط تجربة فانون الفريدة في الجزائر مع حقيقة حضور العلاج النفسي الأوروبي المطول في تاريخ الجزائر مقارنة بأغلب المستعمرات الأفريقية مع التوغل الأكبر للاستعمار في الجزائر وإقامة المستوطنات الفرنسية بها، وكذلك للوجود المبكر للمهاجرين الجزائريين في فرنسا، فإن خبرة فانون العملية والفكرية تضافرت مع ما لاحظه من توغل استيعاب الثقافة الفرنسية لنقطة بذل جهود عمدية لاستيعاب الجنون الجزائري في الجنون الفرنسي، وتجلى ذلك في واقع إرسال أعداد كبيرة من الجزائريين ممن يعانون اضطرابات عقلية إلى فرنسا للعلاج منذ فترة مبكرة للغاية.
وقد أجمل فانون رؤيته للجنون، في خطاب أرسله للوزير الفرنسي المقيم في الجزائر بشخصه في العام 1956 بأنه أحد وسائل الإنسان في سبيل فقدانه حريته: «ويمكنني أن أقول، وعلى أساس ما كنت قادراً على ملاحظته من نقطة المراقبة تلك (العمل في مجال الطب النفسي في البليدة)، أن درجة اغتراب أهل هذه البلاد يبدو لي مرعباً، وإن كان العلاج النفسي هو التكنيك الطبي الذي يهدف لتميكن الإنسان بألا يظل غريباً في بيئته فإنني أدين لنفسي بتأكيد أن العربي، الغريب بشكل دائم في عقر داره، يعيش في حالة مطلقة من القضاء على شخصيته. ما هي مكانة الجزائر؟ (قبل أن يجيب على تساؤله): حالة منهجية من الإذلال الإنساني».
وعمّق نيغل غيبسون وروبرتو بيندوشي، في دراستهما الموسعة حول فانون والعلاج النفسي والسياسة (2017)، الارتباط بين مضمون «الجنون» وتجلياته الاجتماعية والسياسية لدى فانون (كما أشرنا باختصار واضح) وجدله في أطروحته مع جهود جاك لاكان في فهم بنية الوهم وشعور الجنون. وحلل غيبسون وبيندرشي هذا الارتباط، ضمن خلاصات أخرى، بأن الحالة «العقلية» الطبيعية فاعلة داخل التاريخ وأن الاغتراب هو تعليق الصلة الوجودية بالزمن، ومن ثم فإن الجنون يعني عزل المرء نفسه عن التاريخ والانصراف عن الحركة داخله، وأن التفكير في أمر الجنون يعني النظر في الوقت نفسه في نظريات الأبنية البيولوجية والاجتماعية والثقافية وكذا الهيمنة السياسية واستعادة النطاقات والمعاني المتشابكة بين الصراع النفسي والاغتراب والأعراض المرضية (للتوصل إلى علاج للجنون أو معالجة أسبابه على الأقل). وفي مستوى تحليلي أعمق يليق بفانون، عزّز الأخير تصوراته عن الجنون الاستعماري بتبني «النظرية الإثنوسوسيولوجية» مفترقاً عن اهتمام لاكان بأبعاد «عدم الوعي» الاجتماعية، أو الجنون لدى فانون.

فانون وجبهة التحرير الجزائرية: انتقادات وردود
اتصل فانون بجبهة التحرير في مطلع 1955 بعد أشهر قليلة من اندلاع الثورة الجزائرية عبر وسيط وهو بيار شوليه، الذي عمل ضمن مجموعة من الأوروبيين في الجزائر على دعم الجبهة، وطلب منه لاحقاً كتابة نقد لمدرسة الجزائر (النفسية) لدورية «Consciences Maghribines» (صيف 1955)، وجاء نقد فانون مع تبلور توجيهات «مدرسة الجزائر» (الفرنسية) في شكل استراتيجيات القوات الاستعمارية عبر القسم الإداري الخاص بالجيش الفرنسي لا سيما ترسيخ تصورات المدرسة حول المسلمين «ذوي العقلية البدائية». واجتمع فانون بالفعل بمسلحين في الجبهة في فبراير 1955، بل وأقدم على إخفاء عدد من قادتهم بمنزله في بليدة. وخلال «معركة الجزائر» أصدر النظام الاستعماري أوامر لضبط توزيع الأدوية والإمدادات الطبية الأخرى لمنع وصولها لمحاربي الجبهة، وقدم فانون إرشاداً لعناصر من الجبهة حول الصمود في مواجهة التعذيب الذي سيتعرضون له حال القبض عليهم. وروت سيمون دوبوفوار بعد سنوات كيف أن فانون «علّمهم التحكم في ردود أفعالهم عندما كانوا يقومون بوضع قنبلة... وكذا المواقف النفسية والجسمانية التي ستمكنهم من مقاومة التعذيب على نحو أفضل».
جاء إسهام فانون الفكري، من دون قصد منه، إطلاقاً لمشروع فلسفي متكامل للعرق الزنجي، ليتجاوز بمراحل أفكار دعاة البان أفريكانيزم


ورغم عدم تجاوز فانون سن الأربعين، فإنه ظل يشعل الجدل الدائم، حتى الآن، رغم مرور أكثر من ستة عقود على وفاته. ومن ذلك اشتباك إيمانويل والرشتاين، المفكر البارز الذي ساهم في نقد غزير لقضايا الفكر الأفريقي بما في ذلك لدى كوامي نكروما وفانون، مع أفكار الأخير في ما يتصل بالجزائر، ورأى -ربما في تصور خارج السياق التاريخي قليلاً ويستحق نقداً تاريخانياً ومفصلاً ليس مجاله هذا المقام- أن المجتمع الجزائري ظل محافظاً بشكل كبير في ظل الاستعمار الفرنسي، إذ استمر ارتداء النساء للحجاب وتوجست أسر كثيرة من أجهزة الراديو والأدوية الحديثة، كما أبقت الأسر على بنائها التراتبي التقليدي. وأن الفرنسي «الليبرالي» تصور أنه يحرر الجزائري بمناداته بالتغير الاجتماعي، لكن الجزائري رد على مثل هذا الضغط بتعزيز تمسكه بطرق الحياة التقليدية، وكان يقوم بذلك من أجل الدفاع عن الهامش الضئيل لسلامته الثقافية الذي بقي له داخل النظام الاستعماري، مع ملاحظة ما يتعلق بسمة القمع في توجهات الفرنسيين. وقدم والرشتاين رؤيته تلك نقداً لطرح فانون بأن مقاومة المجتمع الجزائري كانت متسقة تماماً مع التجربة الاستعمارية وأنها دفاع عقلاني ضد دخيل مؤذ.
وفي نقد غير مباشر لرؤية والرشتاين قدّم ريلاند رابكا في دراسة موسعة حول «النظرية النقدية الأفريقية» (2009) تصوراً داعماً لفكرة فانون بشكل بالغ الوضوح والحسم وقوة الحجة، إذ رأى أن جهود المستعمرين البيض دعاة التفوق الأبوي (على المستعمرات وشعوبها) من أجل «تحرير» المرأة الجزائرية «المقهورة» لم تكن أكثر من مناورة استعمار جديد أخرى لإعادة استعمار الجزائر. ثم ينقل عن فانون سخريته من جنون «المنطق» غير العقلاني للعالم الرأسمالي الاستعماري الأبيض مدعي التفوق الأبوي (في تكرار مقصود للصياغة): «إن أردنا تدمير بناء المجتمع الجزائري، وقدرته على المقاومة، علينا قبل أي شيء أن نحتل المرأة؛ علينا أن نمضي ونجدهن خلف الحجاب حيث يخفين أنفسهن في المنازل حيث تراقبهن أعين الرجال». وبحسب فانون، الذي تجاوز في أكثر من مرحلة ضيق الأفق الفكري، فإن النزعة النسوية الاستعمارية «الأبوية المدعية للتفوق العرقي» هي نسوية تعد وتدعم وتقوم على «التدمير الثقافي»، وليس التدمير الثقافي للثقافة الأبوية لكن التدمير الثقافي لثقافة غير البيض المستعمرين عرقياً «السابقة على الاستعمار والمناهضة للاستعمار».

حياة قصيرة... تجربة ملهمة
جاء إسهام فانون الفكري، من دون قصد منه، إطلاقاً لمشروع فلسفي متكامل للعرق الزنجي، ليتجاوز بمراحل أفكار دعاة البان أفريكانيزم حتى في ما بعد عقد الستينيات التي ظلت بدورها أسيرة فكرة الحاجز اللوني التي ذاعت في القرن التاسع عشر وأنتجت في النهاية تصورات «عنصرية» مضادة بتفوق العرق الزنجي. ولمس زياد بن طاهر، في ورقة موجزة حول فانون والجزائر الاستعمارية، هذا الإسهام، رغم مساعي جماعات السود حصره في فكرة اللون، إذ استبعد حصر أفكاره، التي مثلت التجربة الجزائرية محركها الأبرز، في لون أو عرق معين، كما أن الادعاء بذم فانون لحركة الزنوجة يعتبر في أفضل الأحوال تبسيطاً مخلاً لآرائه الثرية والمعقدة وقدرته على الفصل بين التجارب المميزة لمجتمعات مختلفة مثل جزر الهند الغربية وحتى داخل أفريقيا نفسها. وينقل الفيلسوف الغاني آتو سيكي-أوتو، في مؤلفه المثير للجدل Fanon’s Dialectic of Experience (1996)، نقاش بن طاهر إلى مستوى أعمق وأكثر تحديداً في المسألة الجزائرية بملاحظة أن دراستي فانون عن الطب والاستعمار، و«هنا صوت الجزائر»، انتقدتا بشكل واضح التفسيرات الاختزالية الإثنية-ثقافية لتجربة الحداثة في المجتمعات غير الأوروبية (ربما في إشارة مبكرة إلى فكرة الجنوب العالمي التي ساهم كثر من بينهم فانون ووالرشتاين في تطويرها وبلورتها)، وهي التفسيرات المستقاة من علاقات القوة الكامنة في الممارسات الذرائعية والتواصلية (للاستعمار) بحيث تكون علاقات القوة تلك، وليس بعض سمات «الشخصية الوطنية»، المسؤولة عن حركات المقاومة أو الاستجابة للممارسات و المخططات الحديثة. وأن بؤس الإثنوسوسيولوجيا تجلى في «التحولات الراديكالية التي وقعت»، وفق فانون، في مواقف نحو التقنيات وأنماط التحرك الحديثة التي تلت حرب التحرر الوطني في الجزائر، بالمخالفة بأثر رجعي لنقد والرشتاين.

خاتمة: فانون بين مشروعية العنف ورفاهية الجنون
خاض فانون طوال حياته القصيرة معاركه الفكرية بقدم ثابتة، وأثبتت الحوادث التاريخية التي عاصرها وظلت تفاعلات تداعياتها قائمة بعد وفاته حتى اليوم صدق «نبوءات» فانون بشكل مذهل، كما تم في الكونغو الديموقراطية وجنوب أفريقيا، بل وفي قلب غانا حيث المنظر «المؤسسي» الأبرز لفترة الاستقلال الأفريقي كوامي نكروما، الذي سقط نظامه بانقلاب دبرته قوى الاستعمار رغم «صوته المعتدل» في مواجهتها، بل وانتقاده أفكار فانون بخصوص «مشروعية استخدام العنف» كأداة للتحرر الوطني في بعض المراحل. بأي حال، فقد رأى فانون بحزم وثبات لم يتبدل أو يتراجع خطوة واحدة للوراء، في مقال نشرته مجلة «المجاهد» الجزائرية بعنوان «الجزائر وجهاً لوجه مع المعذبين الفرنسيين» (سبتمبر 1957)، أن الثورة الجزائرية، عبر الإلهام الإنساني الذي يحركها وحبها الشغوف بالحرية، تقوم «منذ ثلاثة أعوام» بتدمير منهجي لعدد من الأساطير الاستعمارية. وقرأ فانون بدقة هذه الأساطير ومنها ما راج من أن حروب التحرر الوطني تعبير عن التناقضات الداخلية للدول الاستعمارية، وأن التحدي الجزائري لفرنسا -التي طالما أدركت أهمية الجزائر في بنائها الاستعماري- يهدد وجود الإمبراطورية الفرنسية بشكل عام.
بينما تكشف لنا رواية عالمة الاجتماع الفرنسية سونيا دايان-هرزبرن في تصدير كتاب What Fanon Said (2015) عن تقدّم فانون في صدارة المدافعين عن الثورة الجزائرية في قلب فرنسا وأكثرهم جرأة وحماسة، وكيف تم نشر مؤلفه «المعذبون في الأرض» في باريس بعد أسابيع من أحداث أكتوبر 1961، قبل وفاة فانون بأسابيع قليلة متأثراً بمرض سرطان الدم، حيث ازدحم فيها نهر السين بجثث جزائريين قتلوا على يد الشرطة الفرنسية إثر مشاركتهم في تظاهرة سلمية من دون فتح أي تحقيق في المسألة لاحقاً، وكيف كان لنشر الكتاب تأثير كبير في مزيد من الوعي بالقضية الجزائرية، وكيف أن الجنون بدا رفاهية لهؤلاء الضحايا الذين قتلوا غدراً بآلة قوة الاستعمار في أفريقيا وفي قلب عاصمته من دون أن يتمكنوا حتى من التوقف عند «اللحظة التاريخية» لهذا الجنون، أو الانعتاق منه باستقلال الجزائر (5 يوليو 1962) بعد تجربة نضالية لا تقارن أفريقياً.
* باحث مصري متخصّص في الشؤون الأفريقية