يلتقي في البقاع اللبناني اليوم 170 شاباً وشابة عربية من مختلف أقطار الأمّة، من مغربها إلى مشرقها، ومن المحيط إلى الخليج، ومن الوطن الكبير إلى المهاجر، في الدورة التاسعة والعشرين لمخيّم الشباب القومي العربي الذي انطلق في 23 تموز/ يوليو 1990، من مركز عمر المختار في البقاع الغربي، أي من المكان الذي ينعقد فيه المخيّم اليوم، وهو الجامعة اللبنانية الدولية.ولهذا المخيّم طبعاً أكثر من رسالة وفي أكثر من اتجاه. فهو رسالة تؤكد على وحدة الأمّة العربية بكل أجيالها، رغم كل ما واجهته هذه الأمّة وتواجهه من حروب وفتن وإثارة عصبيّات تحاول تقسيم الأمّة وتفتيت مجتمعاتها وإشعال الحروب والفتن.
وهو رسالة إلى الذين يعتقدون أن العروبة باتت فكرة من الماضي، وأن الحركة القومية العربية هي همّ أجيال في طور الانقراض، رسالة تؤكد أن العروبة هوية حيّة في ضمير أبناء الأمّة كلهم، وأن الحركة القومية العربية بما هي حركة وحدة وتقدّم ونهوض وتحرّر، هي حركة باقية في وجدان أجيال الأمّة كلها.
وللمخيّم رسالة إلى شعب لبنان الأبيّ، رسالة تضامن معه في وجه الظروف الصعبة التي تمر به على غير مستوى نتيجة حصار جائر يريد لهذا البلد المقاوم الشجاع أن يلتحق بمسار التطبيع المذلّ مع العدو الصهيوني، ورسالة تضامن مع لبنان في معركته لحماية ثروته الوطنية من محاولات السطو الصهيوني عليها، ورسالة تحية لكل لبناني يقف سداً منيعاً في وجه هذه المحاولات ولكل مقاوم لهذه التوجهات والإملاءات.
وللمخيّم رسالة إلى شعب فلسطين وقواه المقاومة ولشهدائه البررة وجرحاه البواسل وأسراه الأبطال الذين يصادف افتتاح المخيم يوم إضرابهم الكبير عن الطعام احتجاجاً على ممارسات الاحتلال ورفضاً للاعتقال الإداري ودعوة للإفراج عن الأسرى جميعاً.
وما اختيار الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي برئاسة أمينها العام الأستاذ حمدين صباحي لهذا المخيّم شعار «وحدة ساحات الأمّة في مقاومة الاحتلال والعدوان والتطبيع» إلّا تأكيد على أن بوصلة الأمّة هي فلسطين، وأن ما من لقاء قومي عربي إلّا ويكون الانتصار لفلسطين عنواناً له.
وللمخيّم رسالة تضامن مع كل أبناء أمّتنا العربية في وجه كل ما تتعرّض له أقطارهم من حصار وحروب وفتن وصراعات بين الأقطار وداخلها، ودعوة إلى تجاوز الاحتراب بالحوار، والفتن بالسلم الأهلي، والصراعات الداخلية بالصراع الوجودي مع العدو، بل رسالة خاصة لسوريا العروبة التي لا يبتعد مقر المخيم التاسع والعشرين عن عاصمتها سوى عشرات الكيلومترات، والذي يقع أيضاً على مسافات قليلة من واحدة من أهم المعارك التي شهدها لبنان في الحرب الصهيونية عليه عام 1982 في منطقة السلطان يعقوب وبيادر العدس، حيث أجبر الجيش العربي السوري والمقاومة الفلسطينية والوطنيون اللبنانيون العدو الصهيوني على التوقف ومنعوه من قطع طريق بيروت – دمشق عند معبر المصنع الحدودي.
والمخيّم رسالة امتنان وتقدير لكل من ساهم في رعايته وانطلاقته لتأمين استمراره طوال هذه السنوات، رغم كل المصاعب والمتاعب والظروف المالية الصعبة لكي يبقى شعلة عربية مضيئة في ظلمة الواقع الرسمي المهيمن، رسالة واجبة تجاه راعي المؤسسات القومية الوحدوية المعاصرة في العقود الماضية وراعي هذه التجربة القومية المميّزة الراحل الكبير خير الدين حسيب.
وبالطبع المخيّم هو رسالة شكر لمؤسسات الغد الأفضل، على رأسها عضو الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي النائب حسن مراد على احتضانه دورة المخيّم، كما احتضن والده الرمز العروبي الكبير عبد الرحيم مراد العديد من دورات المخيم السابقة.
والشكر موصول للهيئة المشرفة على المخيّم، وفيها معظم من كان له الفضل في إنجاح هذا المخيّم والمخيمات السابقة كافة وممّن بذلوا جهوداً مضنية لإنجاح هذه التجربة وصون استقلاليتها والحفاظ على روحها الوحدوية الأصيلة، وفي مقدّمتهم عضو الأمانة العامة للمؤتمر القومي المناضل فيصل درنيقة، والمفكر الكبير عبد الإله بلقزيز، والأكاديمي القومي البارز الدكتور مجدي حماد، والأمين العام السابق للمخيّم المناضل عبد الله عبد الحميد، والعضو السابق في الأمانة العامة للمؤتمر المؤرخ الجزائري المرموق الدكتور مصطفى نويصر، وثلّة من خيرة شابات الأمّة وشبابها.
ولا بد من شكر خاص للمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم على التسهيلات المشكورة التي قدّمها لوصول المشاركين العرب من كل الأقطار من دون أيّ عوائق واجهت بعضهم في دورات سابقة.
مخيّم الشباب القومي العربي تجربة تستحق المتابعة لأنها تعبير آخر عن استعداد أمّتنا الدائم للتجدّد والنهوض.

* الرئيس المؤسّس للمنتدى القومي العربي