كلنا دواعش
لم يتمّرغوا ولم يتوّسلوا قاتِلَهم ألا يُطِلقَ رصاصاته. كان جُلَّ ما يتمنونه هو أن تصيب الرصاصة الدماغ مباشرة، بعد أن تُحطّم ذاك الشيء الذي يحضنه وهو الجمجمة. انتظروا مصيرهم مداورة. كانوا شباباً في ريعان الصبا وقد استسلموا لمشيئة ربّ قريش كما أرادت قريش. فليست المذابح الجماعية شيئاً يتيماً في ثقافة جمعية قامت على الدم، في أمّة أتقنت الذبح وتفننت في رسم مصير الأعضاء البشرية. فالرقاب تُضرب والأطراف تُقطع، أو تُسّمّر على صليب وتُنشر، والأيادي تُبتر، والعيون تُسمل، والأنوف تُجدع. فلم يترك المعجم العربي الشرعي لوناً من ألوان البذاءة إلا وألصقها بقداسة لم تحمل إلا بؤساً وكثيراً من القبور في هذا المستنقع المزري ما بين آسيا وأوروبا.

1700 شاب أو مراهق ارتجفوا لساعات، كارتجاف النعاج قبل الذبح وقطع الأوداج الأربعة. ليكونوا قرابين على مذبح إله هؤلاء الذي يهوى الجثث الطازجة وتثيره رائحة اللحم البشري. وهو إله لا تعنيه لحظات توسلهم بعيونهم الحزينة وارتسامات وجوه أمهاتهم على تلافيف ذاك الدماغ الذي يفصله عن الموت المسافة التي تفصل فوهة البندقية عن الجمجمة، وهي قصيرة نسبياً، قصر الحياة البائسة التي يعيشها كل من حلّت عليه لعنة الولادة في «خير أمة أخرجت للناس».
لن تكون لنا أوطان جميلة تنضح بالحب والدفء قبل أن نقتل الأسطورة في داخلنا، وننفي دواعشنا البائسة من محاريبنا وصلواتنا وكل مقدّس لدينا. فداعش هي لاوعينا الجمعي وهي ما نسميه في سرّنا فخرنا وانتصاراتنا وكل دمويتنا.
أياد المقداد