في مثل هذا اليوم، ضحكت شقائق النعمان. كان ذلك في 25 أيار عام 2000. وكان يفترض أن تتفتح ورود الوطن بعدها، تزهر في وجه الفقراء الذين روت دماؤهم أرض الوطن ليتحرّر بهم معظم ترابه. بعد أن كان الأمل بأن يتحوّل هذا اليوم إلى عيد وطني عام، ها هو يراوح في منطقة الذكرى. لم يغذ واقع التحرير حلم الشهداء بأن يكون رافعة للتغيير. عاند نظام الفساد والتبعية، نظام الذل والتآمر، النظام الرأسمالي، الطائفي، ونخر سوسه الذكرى محاولاً الالتفاف عليها، ومهدّداً الوطن المحتفل بالتحرّر بتحويل الذكرى إلى مجرّد حدث ومضى.وليس التابعون للمشروع المعادي مباشرة مسؤولين عن الانتكاسة فقط. بل أيضاً من يفترض أنه من المساهمين الأساسيين بالفرح والتحرير. اليوم، ومع انتخابات 2022 ونتائجها يتظهر أكثر الطبيعة المتآمرة للنظام، مسهل الاحتلال ومولد الحروب الأهلية، وها هو اليوم بنتائج الانتخابات يكرّس طبيعته التابعة الرأسمالية والطائفية؛ مجلس يكرّس الاستعصاء السياسي والاقتصادي.
أجواء الانتخابات وما بعدها، والشحن المذهبي، تنذر بتفاقم الأزمة الاقتصادية الاجتماعية وتفاقم الجوع وازدياد سيطرة الرأسمال التابع، وتنذر بانهيار أمني. ومعظم من أتى باسم التغيير، انخرط باكراً بالاصطفافات السلطوية، ومن أتى باسم الشارع هجره منذ سنتين. المجلس الحالي بتكوينه غير مؤهل للتغيير وغير قادر ولا راغب في الحفاظ على التحرير.
في مواجهة هذا الاستعصاء، ومن أجل أن يعود فرح التحرير ليشمل كل الفقراء في كل الوطن، علينا استعادة روحين متشابكين: روح التحرير وروح التغيير، استعادة نفَس مقاومة العدو، معانقاً نفَس المقاومة الشعبية للسرقة والفساد والتجويع - مقاومة نظام الرأسمال التابع والطائفية والمذهبية.
في هذا اليوم يوم التحرير، أدعو للتداعي والتشاور بين كل القوى والشخصيات، المؤمنة بثالوث المقاومة:
- مقاومة المشروع الأميركي، الصهيوني والرجعي العربي، المهدّد لوجودنا والناهب لثرواتنا.
- مقاومة النظام الرأسمالي الطائفي التابع من أجل تغييره، والتأكيد أن مدخل التغيير هو إلغاء القانون المسخ، واعتماد قانون غير طائفي، نسبي وفي الدائرة الوطنية.
- مقاومة نظام الاقتصاد الحر والتابع للنيوليبرالية المتوحشة، هذا النظام الذي جوعنا ونهب آمالنا وأموالنا وهجّر شبابنا ويكاد يقفل جامعتنا ومدارسنا.
نعم لنتداعى ونتشاور من أجل بناء حركة شعبية، تستعيد الحراك الشعبي من سارقيه. من أجل بناء «التيار الوطني للتغيير». لنستعد لمواجهة الاحتمالات الخطيرة التي تواجه الوطن. بمثل هذه الحركة الشعبية وهذا البرنامج، نستعيد المبادرة، ونعيد لـ 25 أيار ألوان عيده باستعادة
نهج المقاومة من أجل التحرير والتغيير.
* الأمين العام السابق للحزب الشيوعي اللبناني