أشرف عاصم صفي الدين *
من المبادئ المسلّم بها عالمياً، من دستور الولايات المتحدة الاميركية الذي ترك معظم صلاحيات تشريع العقوبات إلى السلطات التشريعية الخاصة بكل ولاية، مروراً بسائر دساتير الدول الاوروبية وصولاً الى لبنان (المادة 8 من الدستور) والدول التي تشبهه من ناحية استنساخها للقوانين الغربية وترجمتها الى اللغة الام، تتوافق معظم دول العالم حول مبدأ سيادة التجريم والعقاب عملاً بالقاعدة المعروفة لا عقوبة ولا جريمة الا بنص قانوني.

فتكون وظيفة القاضي المتعارف عليها تاريخياً وخصوصاً بما يتعلق بالقضاء الجزائي، هي الحكم بالعدل تبعاً للنص الجزائي، والاجتهاد أحياناً تفسيراً لهذا النص.
وعليه سارت معظم محاكم دول العالم المنقسمة بين محاكم دولية ومحاكم محلية، على المبدأ المنصوص عليه في البند 2 من المادة 11 من الاعلان العالمي لحقوق الإنسان:
لا يدان أي شخص من جراء أداة عمل أو الامتناع عن أداة عمل إلا إذا كان ذلك يعتبر جرماً وفقاً للقانون الوطني أو الدولي وقت الارتكاب، كذلك لا توقع عليه عقوبة أشد من تلك التي كان يجوز توقيعها وقت ارتكاب الجريمة.
ومن هنا جاء تأكيد المبدأ التاريخي المقدس «لا عقوبة من دون نص».
وعليه بالعودة الى الجدل المحلي، وبمنأى عن صحة ارتكاب او عدم ارتكاب اعلامي جرم «تحقير المحكمة أو إعاقة سير العدالة»، لا بد من طرح سؤال هل يحق للمحكمة ان «تشرع»؟ أي هل يحق للمحكمة ان تقوم بنفسها، وبقرار خاص منها، وصادر بإجماع الهيئة العامة لقضاتها، بتحديد جرم من خارج نظامها الاساسي، فتضع العقوبة الخاصة به، وتلاحق أياً كان بالاستناد اليها؟