كفاف يومنا
هذا الفقر ليس فقر أناس كسالى لا يعملون٬ بل هو فقر كادحين في لهاث خلف خبز يسدّ جوع الأفواه الصغيرة. وليست كتلة اللحم التي تأوي كل مساء إلى أعشاشها البائسة المعتمة والرطبة في أغلب الأحيان٬ إلا جموعاً أضناها تعب النهارات الطويلة في هذا المكان الموبوء بصراعات لا تحمل خبزاً ولا فرحاً، بل بؤساً وكثيراً من القبور. ولأنّ الواحد من أيار هو عيد المسحوقين في آتون رأس المال المتوحش والفساد المستشري، فإنّ غياب العدالة الإجتماعية يستدعي قاعدة «الأمير»: ما متّع غني إلا بما حرم منه فقير. ولا يستجلب إلا إرهاصات الغضب المتجلي في «مانيفستو» أبي ذر الغفاري : عجبت لمن لا يجد القوت في بيته كيف لا يخرج على الناس شاهراً سيفه.

فليس الفقر قدراً يستدعي الصبر٬ بل جريمة تستدعي إقامة الحد على لسان علي بن أبي طالب : «لو كان الفقر رجلا لقتلته».
إنّ نضالاً عمالياً عارماً عابراً للطوائف والمذاهب هو حتمية الخلاص الحقيقي، فليست للخبز هوية ولا انتماء ولا عِرْق ولا قومية. إنه ــــ هذا الخبز ــــ دعوة أممية جارفة للحب والحياة في مواجهة النخب المتوحشة التي تستدعي صراعات الغيب تارة٬ وتبث الأحقاد العرقية طوراً٬ كي تستمر في امتصاص جذوة الحياة من الأجساد المعذبة٬ لتراكمها أرقاماً في بورصة رأس المال. ولا يشذّ هذا الوطن الصغير عن هذه المنهجية، بل هو في صلب هذا الصراع٬ وما نحتاجه هو أن نعيد توجيه البوصلة من أجل وطن لا يزداد فيه الفقير فقراً والغني غنىً في زوابع الخوف المصطنع من الآخر وعلى الذات. فلا قضية تسمو على قضية الأفواه الفاغرة والأقدام الحافية والأجساد العارية وأكوام الإسمنت المسمّاة زوراً وبهتاناً أحياء شعبية. فقدسية الإنسان هي أقدس الأقداس.
إنّ الإرتقاء بالحركة العمالية لا يكون إلا بوعي هذه الطبقة لمصالحها وإدراكها لمعاناتها ولطاقاتها٬ والتي لو تحررت من مخالب الطائفيين والمذهبيين الذين يراكمون ثرواتهم في حفلة تقاسم المغانم٬ لكان لنا وطن يشبه الأوطان: تلك التي على الضفة الأخرى للمتوسط.
تحية للكادحين والفقراء والوارثين لطهر المسيح وعدالة علي وغضب أبي ذر ومشاعية مزدك وحتمية ماركس وواحد من أيار مجيد.
أياد المقداد

■ ■ ■


توضيح

ورد في «الأخبار» (العدد 2246) تحت عنوان «اليونيفيل تهتك حرمات الأهالي» أن المواطن حسن فواز من بلدة تبنين قال: «إن قوات اليونيفيل ترسل دورياتها في ساعات متأخرة من الليل من دون اعتبار لراحة الأهالي»، ونظراً إلى أنني أحمل الاسم نفسه وأنا موظف مع قوات اليونيفيل، فإن ذلك عرضني للمساءلة ويؤثر في مصالحي الخاصة. لذلك أعلن أنني لست المعني بالاسم المذكور ولا علاقة لي بالتصريح المنشور.
حسن محمد فواز