ملخّص مؤلَّف «بريطانيا وصناعة دول الخليج: جمرات الإمبرطورية» Britain and the formation of the Gulf States: Embers of Empire. Manchester university press 2016. Extent: 178 pages. Shohei Sato.

كانت هناك مشاكل عديدة تواجه لندن عند عملها على تشكيل الاتحاد، منها رسم حدوده وتخوم كلّ مشيخة من مشيخاته. لم تكن هناك حدود بالمعنى المعروف حالياً، لذا كُلِّف المستعرب البريطاني جوليَن فورتِ ووكر (Julian Fortay Walker) ـــــ الذي درس العربية في لندن وفي معهد شملان في لبنان، وشغل عام 1953 منصب السكرتير الثالث في مقرّ المقيم السياسي البريطاني في البحرين ـــــ برسم حدود المحميات في المنطقة. يقول الكاتب: باستخدام الجزء الخلفي من طرف قلم الحبر الخاص به، قام جوليان فورتِ ووكر بتنقيط المعلومات التي تمّ جمعها من السكان المحليين بمساعدة بوصلة وعدّاد أميال سيارته اللاندروفر. كما فحص بعناية العادات المحلية، ورسم الحدود على أساس الاختلاف في أنواع الآبار، والتاريخ الشفوي للاشتباكات القبلية والتحالفات، وغارات الجِمال وغيرها من الحوادث في الصحراء، وأنتج الخريطة المرفقة بهذا العرض والتي أطلق الإنكليز عليها اسم «أُحجية رسم السيد ووكر المُقَطَّع» Mr. Walker’s jigsaw puzzle (انظر الخريطة المرفقة).

يقول الكاتب إنه بعد مرور أسبوع على إعلان رئيس الوزراء البريطاني هارلد ولسن قرار الانسحاب من الخليج الفارسي، التقى شيخا دبي وأبو ظبي مرّتين في 22 كانون الثاني/ يناير وفي 18 شباط/ فبرير 1968، واتفقا سرّاً على تأسيس اتحاد/ وحدة بينهما، تكون مسؤولة عن الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الداخلي والخدمات، مثل الصحة والتعليم ومسائل التبعية والهجرة. كما اتفقا على استبعاد كلٍّ من قطر والبحرين، اللتين لم تكونا ترغبان الانضمام إليه أصلاً، ولنا عودة إلى هذه الاتفاقية السرية.
بادئ ذي بدء، يتذكّر جوليان ووكر أنّ زايد وراشد وافقا، وبكل ثقة، في أوائل الصيف، على الاتحاد، وأنّه أُبلغ بموافقتهما ورحّب بها. هذا يعني أنّ الحاكمَين قرّرا قبل اجتماع المجلس، العمل سوياً من أجل تأسيس اتحاد الإمارات العربية، وليس الإمارات العربية المتحدة، كما فُرضت لاحقاً. علاوة على هذه النقطة، أبلغ تشارلز جيمس تريدوِل، المندوب السامي البريطاني في أبو ظبي، في 8 يوليو/ تموز، بأنّه سمع من عدنان الباجه جي أنّ الشيخ زايد كان يأمل في التوصّل إلى اتفاق نهائي مع الشيخ راشد في المساء التالي، وأنّه يقترح استشارة الحكّام الآخرين في جلسات خاصة، خلال مجلس الولايات المتصالحة.
من المثير للاهتمام، أنّ مستشاري زايد نظروا في فكرة أنّ المفاوضات يجب أن تتم وراء الكواليس، حتى قبل أن يتمّ التوصل إلى أيّ اتفاق بين الحكّام. من بين مستشاري الشيخ زايد، كان أحمد خليفة السويدي الأهم، وقد وُصف في تقرير صدر لاحقاً بأنّه «رجل ذو سحر غير عادي»، لكن «ذو ذكاء محدود». سمع تريدوِل من السويدي أنّ الشيخ راشد «رأى ثمّة خطراً باحتمال نشوء سوء تفاهم بعد اتفاق شفهي بحت»، ويريد تثبيت ذلك ورقياً، على أن يكون موقّعاً من الحاكمَين. من ناحية أخرى، وافقت أبو ظبي على احتمال كهذا، لكنّها خشيت من أن تقع الوثيقة السرية في الأيدي الخطأ. رداً على ذلك، اقترح تريدوِل إيداعها لدى أي وكيل سياسي، مع عدم الاحتفاظ بأيّ نسخة ما يرضي السويدي والباجه جي. هذا يوضح أنّ بريطانيا كانت تتوسّط سرياً لإنجاز اتفاق بين القوّتين الرئيستين.
مع وضع هذه النوايا في الاعتبار، اتّصل السويدي بمستشار الشيخ راشد واسمه مهدي التاجر، الذي كان مؤثّراً ورجل أعمال ماهراً في دبي. موجز داخلي صادر عن وزارة الخارجية، يلاحظ أنّه لا يتمتّع بشعبية في دبي، ولديه عدد قليل من الأصدقاء، لكنّه أثبت أنّه أكثر من مجرّد مباراة مع الأعداء، ويستمتع بلعبة القوة ويجيدها. يمكن أن يكون صديقاً جيداً أو عدواً مقرفاً. يمكن أن يكون صريحاً بوحشية، أو سلساً على نحو مخادع. يصف تقريرٌ لووكر كيف أنّه سيدلي بتصريحات مشبوهة حول المستشارين العرب الآخرين، مثل عدنان الباجه جي، الذي كان أحد مستشاري الشيخ زايد المفضَّلين في ذلك الوقت. معظم الاجتماعات بين حكّام هذه المحميات تمّت في منزل الشيخ راشد، وكان التاجر هو من توسّط لعقدها. وثيقة أخرى تسجّل شكاوى الشركات البريطانية من أنّه كان يهمّش أعمالها. كانت هناك مزاعم بأنّه كان يعتزم إطلاق أكبر عدد ممكن من المشاريع في غضون العام التالي أو نحو ذلك، وقبض عمولاته على كلّ هذه المشاريع، ومن ثم الانتقال إلى أوروبا أو إلى الولايات المتحدة، حيث لديه هناك بالفعل استثمارات كبيرة في العقارات وأشياء أخرى. لاحقاً، لاحظت بريطانيا أنّه بحلول منتصف سبعينيات القرن العشرين، كان قد جمع ثروة كبيرة من اهتماماته التجارية الواسعة، استحوذ على بعضها بطرق نزيهة.
وهكذا، فإنّ اثنين من الكبار كانا يخطّطان لمأسسة تفوّقهما حتى قبل التشاور مع الآخرين. لكنّ بريطانيا كانت محلّ ثقة بما يكفي، لتكون قادرة على متابعة المفاوضات وراء الكواليس عن كثب، لدرجة أنّ تريدوِل يمكن أن يقترح إيداع نسخة الاتفاقية السرية الوحيدة المنوي عقدها لدى بريطانيا. تريدوِل رأى أنّ أهمّ التعديلات على الدستور المؤقّت تمّت في يوم 13 تموز/ يوليو، بين السويدي والتاجر، المستشاران الرئيسان لحكّام أبو ظبي ودبي على التوالي، قبل تقديمهما إلى ووكر في صباح اليوم التالي. وافقت أبوظبي ودبي على أن تكونا على قدم المساواة في المجلس الأعلى، وأنّهما فقط ستتمتّعان بحق النقض.
يوم 15 تموز/ يوليو، تمّ توقيع اتفاقية راشد وزايد رسمياً، مع ملاحظة تُعلن «إنها سرية»، ولأنّ محتواها كان حساساً للغاية، تمّ إنشاء نسخة أصلية واحدة فقط (!) منها سُلّمت إلى بريطانيا، تماماً كما اقترح تريدوِل قبل أسبوع. ويقول الكاتب إنّه عثر على صورة لهذه النسخة مزيّنة برسالة تحذيرية: «كما تعلمون من البرقيات لدينا، فإنّ وجود هذه الاتفاقية معروف فقط للحاكمَين، وأقرب مستشارينا ولنا. وبالتالي، لا ينبغي الكشف عنها لأيّ طرفٍ آخر». يقول الكاتب: في الواقع، ثبت أنها سرية للغاية حقاً، ذلك أنّ أيّاً من الأدبيات المتوافرة لا يذكر وجودها حسب علمي، ناهيك عن محتواها. تمّ الاتفاق أساسًا على إنشاء دولة تضمّ الأعضاء السبعة الذين يشكّلون دولة الإمارات العربية المتحدة اليوم، اعتماداً على مسودّة الدستور الموصى به في اجتماع نوّاب الحكّام في 26 تشرين الأول/ أكتوبر 1970. لقد حاولت العثور على هذه المسودة، لكن لم أتمكّن من ذلك، ولم أعثر سوى على ذكر أنّ بريطانيا رأت أنّ الاجتماع في ذلك اليوم فشل من دون أي اتفاق. ما تمّ الاتفاق عليه، هو الاتحاد من دون قطر والبحرين فور إعلان تلك الدول انسحابها رسمياً من مشروع اتحاد الدول التسع. وكان الاتفاق مُرفقاً أيضاً بملحق من جزأين. الجزء الأول، حوى مقترحات أبو ظبي ودبي بشأن التعديلات على مشروع دستور تشرين الأول/ أكتوبر 1970، والجزء الثاني كان ردّ الدول الخمس الأخرى على هذا الاقتراح.
الكاتب يشير إلى أنّ أحد البحاثة قال إنّ التاجر، مستشار الشيخ راشد، أقنعه بالعمل مع الشيخ زايد، مدّعياً أنّ دبي لا تستطيع تحمّل نفقات ذلك بمفردها، لكنّ أبو ظبي يمكنها. نعم، يقول الكاتب، يتّفق أعداء مهدي التاجر على أنّه مفاوض ماهر للغاية، ومن المعقول أنّه مارس دوراً مهمّاً في إقناع الشيخ راشد بالتوصل إلى حلٍّ وسط واقعي مع أبو ظبي، لكنّ هذا التسويغ لا يفسّر سبب قبول أبو ظبي عرض دبي، لأنه ينصّ على أن تكون على قدم المساواة معها، مع أنّها هي بلا منازع أكبر الدول المحمية وأكثرها غنى وقوة. الكاتب يطرح السؤال: لماذا قبل زايد هذا التنازل؟ يذكر ووكر أنّ زايد قرّر ببساطة أن يكون كريماً. كما يذكر الدور الذي قام به مستشار الشيخ زايد السويدي. لكنّ الكاتب يقول: يبدو أنّ إسناد التراجع هذا عن التنافس القديم إلى حسابات السياسة الواقعية في دبي، أو كرم الشيخ زايد الشخصي، أمرٌ مفرط في التبسيط وهو يوحي بأنّ قرار الاتحاد اتّخذته لندن وفرضته عليه، ذلك أنّه مدين لها بترؤس أبو ظبي، وهو ما يشرح سبب إبعادها الشيخ شخبوط. كما لاحظ المندوب السامي البريطاني أنّ البحرين وقطر لم ترغبا أبداً بوجود اتحاد شامل واحد؛ لقد كانتا تلعبان لعبة «بعدك» after you العربية، وفق تعبير الكاتب، وكانتا مهتمّتان فقط بتفادي تحمّل مسؤولية تفكّك اتّحاد التسع.
في اليوم التالي، تشكّلت دولة الإمارات العربية المتحدة وأُعلنت في دبي. انتخب الحكّام الستة، زايد حاكم أبوظبي رئيساً لهم، وأعقب ذلك توقيع معاهدة الصداقة مع المندوب السامي البريطاني.

مشكلة رأس الخيمة والطنبين
في ما يخصّ بقاء رأس الخيمة خارج الاتحاد عند إعلانه، يرى الكاتب أنّ بريطانيا مارست دوراً مزدوجاً على نحو غريب في هذه الحلقة. فالشيخ صقر بدا حذراً، بينما كان زايد يؤسّس نفسه كزعيم للدول المحمية. إضافة إلى ذلك، شعَر صقر أنّ حاكمَي قطر ودبي استخدماه، خلال الفترة السابقة من المفاوضات حول تشكيل دولة الإمارات العربية المتحدة، كمخلب قطة في أي وقت أرادوا فيه تخريب اتحاد التسعة. كما خشي صقر أيضاً من أنّ أبو ظبي ستستمرّ في تولّي الرئاسة، وألّا تتناوب، وهو ما ثبتت صحته لاحقاً. كذلك، كانت القوة المحدودة نسبياً للمجلس الأعلى الذي يتألّف من حكّام إمارات الاتحاد مصدراً لعدم رضاه. ورأى الشيخ صقر أيضاً أنّ بريطانيا لا تقدّم الدعم الكافي لرأس الخيمة في مطالبتها الإقليمية بخصوص جزيرتي طنب الكبرى والصغرى، ذلك أنها، وعلى عكس الشارقة التي وافقت على احتلال إيران لجزء من أبو موسى، كانت تحتفظ بموقف أشدّ من النزاع الحدودي يغذّيه أمل العثور على النفط هناك.
في 15 تموز تمّ توقيع اتفاقية راشد وزايد رسمياً ولأنّ محتواها كان حسّاساً للغاية تمّ إنشاء نسخة أصلية واحدة فقط


رفض الشيخ صقر الانضمام إلى الإمارات وسعى إلى الاستقلال، ومن الطبيعي أنّ أول وجهة اتصال بالخصوص كان بريطانيا التي لم تنظر بجدية في طلبه للموافقة على الاستقلال. لكنّ الملف الذي من المرجّح أن يحوي الأوراق الرئيسة في الأرشيف الوطني البريطاني المتعلّقة بتفاصيل هذه المفاوضات لا يزال سرياً، مع ذلك فقد وجد وثيقة تشير إلى ترتيبٍ تمّ التوصّل إليه بين إيران وبريطانيا. ففي برقية مرسلة من وزارة الخارجية إلى البحرين في 23 تشرين الثاني/ نوفمبر، يحدّد مسؤولٌ في وزارة الخارجية يدعى غودبر (godber) جدولَين زمنيَين بشأن التفاوض مع رأس الخيمة في الفترة ما بين 25 تشرين الثاني/ نوفمبر و1 كانون الأول/ يناير. في كلا السيناريوَين، من المقرّر أن يلتقي (PA) الذي يُفترض أنه يشير إلى الوكيل السياسي في دبي، جوليان ووكر، حاكم رأس الخيمة في 28 تشرين الأول/ أكتوبر، ويعطيه تاريخ «يوم إل للطنبين» L Day on Tunbs، في 30 تشرين الأول/ أكتوبر، وهو اليوم الذي استولت فيه القوات الإيرانية فعلياً على الجزيرة، قبل رحيل القوات البريطانية مباشرة في اليوم التالي. تشير البرقية إلى فقرات في رسائل رسمية مجهولة المحتوى، لكنّ الكاتب لم يتمكّن من العثور على أيّ منهما في المجلّد ذاته. تمّت إزالة بعض المستندات الأخرى التي يُعتقد أنّها مضمّنة في الأصل في المجلّد. ليس من الواضح ما إذا كان ووكر قد أخبر الشيخ صقر، في يوم 28 تشرين الثاني/ نوفمبر بـ«يوم L»، لكنّ برقية لاحقة تسجّل أنّه بحلول 25 تشرين الثاني/ نوفمبر، كان ووكر قد أجرى بعض المحادثات مع صقر، الذي كان يتردّد حتى في مناقشة مسألة الطنبين. الأدلة المقيّدة المتاحة، لا تكشف عن الصورة الكاملة لما تمّ التفاوض عليه بين إيران وبريطانيا، لكن ثمّة ما يكفي من الدلائل على أنّ لندن لم تكن فقط تعرف «يوم إل»، وإنّما أيضاً أنّ إيران كانت ستسيطر على الجزيرتين في 30 تشرين الثاني/ نوفمبر.
في 25 كانون الثاني/ يناير، قُتل حاكم الشارقة في انقلاب فاشل قاده الحاكم السابق، الذي تمّ إقصاؤه من السلطة في عام 1965. تمّ احتواء الانقلاب بعد معركة خلّفت خمسة قتلى وسبعة جرحى. انتخبت العائلة الحاكمة الشيخ سلطان بن محمد، شقيق المغدور، حاكماً جديداً بالإجماع. العملية قام بها ضبّاط بريطانيون سابقون. كان ووكر مقتنعاً بأنّ الشيخ صقر حاكم رأس الخيمة، شارك في محاولة الانقلاب من خلف الكواليس.

انقلاب بريطانيا على الشيخ صقر وأسبابه
في الوقت نفسه، استاءت بريطانيا من تحرّكات الشيخ صقر من الشارقة، وعبّر طمسن عن موقف بلاده بالقول: «علينا أن ننظر بشكل عاجل في كيفية التعامل مع صقر». تبقى الوثائق، التي يبدو أنّها تسجّل مزيداً من التفاصيل حول الانقلاب، سرية، لكنّ الأدلة المتوفّرة تشير إلى أنّ الشيخ صقر قد تمّت إزالته بسهولة من السلطة، عندما كانت بريطانيا على وشك أن تقوم بذلك. في وقت لاحق، أكّد غلين بلفور بول (Glen Balfour-Paul)، الذي كان الوكيل السياسي في دبي، أنّ بريطانيا شجّعت الانقلاب على الشيخ صقر، وتبقى التفاصيل بانتظار الإفراج عن الوثائق السرية.

الموقف الإيراني من الاتحاد والاتفاق حول البحرين والجزر الثلاث
كان الانسحاب البريطاني في مرحلته الأخيرة. وفي 30 تشرين الثاني/ نوفمبر، أي قبل يوم واحد من انتهاء الحكم البريطاني في الدول الخمس المحمية المتبقية، أُنزلت القوات الإيرانية في أبو موسى والطنبين. ومع ذلك، فإنّ الاشتباك العسكري الذي تلى ذلك، كان يشتبه في أنّه عرض مسرحي ليس غير. كان الاستيلاء على أبو موسى قد تمّ الاتفاق عليه بالفعل مع حاكم الشارقة، والقوات البريطانية لم تكن ترغب بحماية الطنبين ليوم واحد فقط. بعد «مناوشات» أسفرت عن مقتل ثلاثة جنود إيرانيين وأحد رجال شرطة رأس الخيمة، استولت القوات الإيرانية على الجزر. بهذه الطريقة، أمكن للشاه أن يحوّل غضب الرأي العام العربي تجاه عدم كفاءة القوات البريطانية.
قد يجادل البعض بأنّ بريطانيا دخلت في مساومة مع الشاه ليقبل باستقلال البحرين (بشرط إجراء استفتاء لم يجرِ أصلاً، لأنّ حاكم الجزيرة كان يرعبه سؤال الشعب كما بيّنت الوثائق ذات الصلة، مقابل سيادة إيران على الجزر الثلاث، وردّ الفعل البريطاني غير المتحمّس يشير إلى أنّ التصرّف الإيراني لم يكن غير متوقع). بالطبع، لم توافق بريطانيا علناً على الاستيلاء الإيراني على الجزر، لكنّ الظروف أثارت الشكوك في وجود نوعٍ من التفاهم المتبادل قبل تحرّك الأخيرة.
انقلاب بريطاني على شخبوط وأسبابه
في العام التالي، حدث انقلابٌ في أبو ظبي. كان الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان حاكم أبو ظبي، منذ ما يقارب 40 عاماً، أي منذ عام 1928، عندما كان في أوائل العشرينات من عمره. كانت هناك تقويمات مختلفة عنه، حيث تذكَّره أحد الدبلوماسيين البريطانيين بأنه رجل يتمتّع بعقل يصعب اختراقه وشخصية ذات سحر كبير عند التعامل مع أيّ مسألة أخرى غير الأعمال.
كان شخبوط لا يشعر بالارتياح بشأن التفاوض مع الشركات الغربية التي تنطوي على توقيع العقود وتحديد تخوم الأراضي. كان غير مرتاح أيضاً، لأنّ أمل الثروة كان يجذب مجموعة جديدة من الغرباء (الغربيين) إلى البلاد. وفق التقارير المحلية الأخيرة المنسوبة إلى العائلة الحاكمة الحالية، بدا شخبوط لمحاوريه الإنكليز قلقاً. على وجه العموم، يمكن تذكّره في مثل هذه الحسابات باعتباره تقليدياً، وفي الوقت نفسه يمكن القول أيضاً إنّه من الممكن أن تكون لديه نظرة متعاطفة معه كزعيم بدوي، يمثّل عدم الارتياح المحلّي إزاء الأنموذج الغربي للتحديث. في الواقع، فإنّ إحدى الوثائق البريطانية القديمة التي صدرت على ما يبدو قبل عام 1947، صوّرته في ضوءٍ أكثر تفضيلاً، وأشارت إلى أنّه «يتّسم بالعقلانية والوضوح ويتناقض شخصه بذلك مع إخوانه البداة سريعي الانفعال».
في كل الأحوال، بحلول منتصف الستينيات، اعتُبر شخبوط عائقاً أمام سياسات بريطانيا في المشيخة، وأصبحت محبطة بحلول عام 1966 من أنّه قد تمكّن من إلغاء أو تأجيل أو عرقلة كلّ مشاريع الاستثمار التي قدّمها له مستشاروه، ويعتقد أنّه عازم على فصل أبو ظبي عن بقية الولايات المتصالحة. وبعد ذلك، في 6 آب/ أغسطس، تمّ خلعه وتعيين شقيقه الأصغر زايد بن سلطان آل نهيان حاكماً لأبو ظبي.

اتفاقية واحة البريمي السرية بين أبو ظبي والسعودية
رفضت المملكة السعودية الاعتراف بوضع دولة الاتحاد السيادي، بسبب النزاع مع أبو ظبي وسلطنة عمان، حول واحة البريمي الذي بدأ في عام 1952. يؤكّد أحد الباحثين، أنّ المملكة السعودية تخلّت عن مطالبتها لمنطقة البريمي ضمن اتفاق سري بينها وبين أبو ظبي، مقابل تلقّي «ممرّ إلى الخليج بين قطر وأبو ظبي عبر منطقة خور العديد، ومعظم الأراضي التي تغطّي حقل النفط الشيبة/ زرارة». يحوي اتفاق عام 1974، بعض العناصر المثيرة، ومنها أنّه سلّم إلى السعودية جزءاً كبيراً من منطقة جنوب البريمي، التي كانت تعتبر من أراضي عمان. على الرغم من أنّ عمان كانت تخوض حرباً في ظفار في ذلك الوقت، وبالتالي كان هناك قدر من عدم اليقين في ما يتعلق بمستقبل النظام المحلّي، إلا أنّه ليس من الواضح تماماً لماذا قرّر زايد التوقيع على اتفاقية انتهكت على نحو واضح سيادة أراضي عُمان. أيضاً، هناك مسألة التصديق على الاتفاقية، إذ يلاحظ أنّه لم يتم ذلك في تناقض مع المادة 9، وأنّها ستدخل حيّز التنفيذ «فور التوقيع عليها». بعد عقدين، تمّ وضع علامة استفهام أخرى حول التاريخ المحيّر لاتفاق عام 1974. ففي عام 1993، سجّلت المملكة السعودية الاتفاق في الأمم المتحدة. إنّ النيّة السعودية وراء الإعلان عن هذا «الاتفاق السري» غير واضحة، لكنّها تعني أنّ النزاع يمكن أن يُثار مرة أخرى، إذا أرادت السعودية القيام بذلك في المستقبل.
المؤلَّف يحوي كثيراً من التفاصيل الأخرى التي أُجبرنا على المرور عليها بكلمات، بسبب المساحة المحدودة الممنوحة لهذا العرض. ونوصي القارئ بالعودة إليه، وربما تسنح فرصة لترجمته إلى العربية، ليعرف أبناء المشيخات حقيقة حكّامهم، ومدى خضوعهم بمحض إرادتهم لأسيادهم في لندن وواشنطن وتل أبيب.

خفايا صناعة اتحاد الإمارات العربية [1]

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا