لأوّل مرة يكتب رئيس أميركي رواية، وهي تلك التي كتبها بيل كلينتون بالاشتراك مع الروائي الشعبي جيمس باترسون James Patterson التي حملت عنوان «الرئيس مفقود» The President is missing. وإن كانت الرواية خيالية في بعض أحداثها، لكنّها تعبّر بشكل عام عن الأفكار المتعلّقة بدور الرئيس في صنع القرار، خصوصاً تلك القرارات المتعلّقة بالسياسة الخارجية في وقت الأزمات، فهي تحكي قصّة هجوم فيروسي خطير يُرجع العالم وتحديداً الولايات المتحدة الأميركية إلى عصر الظلام، بعد قطع الإنترنت عن العالم، وفيها إشارات واضحة إلى نقد حكم دونالد ترامب، كما تعطي إشارات واقعية إلى بعض الأحداث بأسماء مستعارة، مثل انقلاب ملك السعودية الشاب وسيطرته على الحكم، وتدخّل روسيا في الانتخابات الأميركية، والرئيس دنكن الذي كان أسيراً في العراق، ثمّ أصبح رئيساً للولايات المتحدة ليواجه الفيروس على حدّ تعبير الرواية (في صفحة 340) بعبارة أن «إطلاق الفيروس سيؤدي بنا إلى الانهيار الاقتصادي والذعر والهستيريا الجماعية».رغم أنّ الرواية انتُقدت في الأوساط الأدبية بشكل عام، وعُدّت سيئة ومحاولةً لتبييض سياسات كلينتون بشكل خاص، والحزب الديموقراطي بشكل عام، لكن بحسب دراسات المنهج الذهني فإنها يمكن أن تكشف عن بعض تفاصيل عقائد الرئيس وأفكاره تجاه العالم. هي ليست المرة الأولى التي يكتب فيها رئيس دولة رواية أو عملاً أدبياً، فقد كتب ونستون تشرتشل «سافرولا»، وجمال عبد الناصر رواية «في سبيل الحرية»، و«القرية القرية... الأرض الأرض» للقذافي، وقد يُكتب له كما كُتب لصدام حسين «زبيبة والملك». لكنّ عملية استكشاف توجّهات السياسة الخارجية لأيّ رئيس مقبل، تعتمد على أفكاره السابقة أو آرائه أو آراء المستشارين المقرّبين منه، وعموماً لن يُفرّق جمهوري عن ديموقراطي في السياسة الخارجية، فكلاهما يعمل لتفوّق القوة الأميركية لكنّ الطرق والأدوات تختلف. ونحاول، هنا، فهم أبرز الآراء والرؤى الخاصة للمرشّح الرئاسي الديموقراطي جوزيف بايدن، الذي سوف يخوض السباق الانتخابي (إن لم يتم تأجيله كما يحصل مع تسونامي الفعاليات المؤجّلة بسبب الوباء).

بين جون وجوزيف
ليس الحرفان الأوّلان من اسميهما ما يجمعهما فقط، ولا الطائفة الدينية وهما من الكاثوليك، ولا الأصول القومية فهما من الأصول الإيرلندية، ولا الاتجاه السياسي، فهما ينتميان إلى الحزب الديموقراطي، فهناك العديد من نقاط التقارب بين الرئيس الأميركي الأسبق جون كيندي مع المرشح جوزيف بايدن، الذي كان طالباً في العلوم السياسية عام 1963 عندما اغتيل كيندي، والذي كان يرى بايدن أنه سوف يعيد أمجاد أبناء جلدته، كما يقول في مذكراته «كنت تلميذاً كاثوليكياً إيرلندياً وبوجود كيندي قلت لقد تحقق هدفنا نحن الكاثوليك الإيرلنديين، الذين كانوا يعتقدون بطريقة ما أنهم كانوا من الدرجة الثانية»، ويقول «عندما أفكّر في كيندي، ما زلت أجد نفسي أرغب في التركيز على إحساسه البطولي بهذا البلد بما كانت عليه واجباته، وعلى القدرة على امتصاص الألم والمعاناة والمضي قدماً».
وإذا كان جون كيندي أوّل رئيس أميركي من الكاثوليك في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية، فإنّ جو بايدن أول كاثوليكي من أصول إيرلندية أصبح نائباً للرئيس الأميركي، فهل سيشكّل ذلك عائقاً أمام أن يكون الرئيس المقبل، رغم مكابح الوباء في عجلات ترامب، وعلى الرغم من أنه لم يعد هناك تأثير قوي لجماعات الضغط الكاثوليكية مقابل جماعات الضغط السعودية، في الوقت الراهن على سبيل المثال.

رحلة بايدن
كان ابن ولاية بنسلفانيا من أسرة متمكّنة مالياً تحوّلت إلى أسرة متوسّطة بسبب عوائق مالية، لتعيش على بيع السيارات المستعملة. كان يمتلك ذهنية متّقدة ومتفوّقة في الدراسة، رغم مشكلة التلعثم بالكلام منذ صغره. في سجلّ نشاطه السياسي أيام شبابه، المشاركة في الاعتصامات والمخيّمات في المدرسة التي ترفع شعارات ضدّ الفصل والتمييز العنصري. أحبّ العلوم السياسية والتاريخ ثم درس القانون، ولم يشارك بايدن والذي يبدو أنه كان من الحمائم في حرب فيتنام لأسباب صحية، لكنّه واصل الانتماء السياسي الحزبي متنقّلاً بين الحزبين الديموقراطي والجمهوري وأحياناً كمستقل. كانت البداية في عالم الوظائف السياسية، عبر بوابة مجلس الشيوخ عام 1972، ليصبح سادس أصغر سيناتور في تاريخ الولايات المتحدة، قبل بلوغ سن الثلاثين. ازداد طموحه السياسي محاولاً أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة عام 1987، لكن يُعتقد أنّ سرقته لخطاب رئيس حزب العمّال البريطاني، أو خطابات كيندي، من دون الإشارة إلى تلك الاقتباسات، أضعفت حظوظه في نيل المنصب، الأمر الذي أجبره على الانسحاب. لكنّه واصل تجربته في مجلس الشيوخ ليفوز بستّ جولات حتى عام 2008. استمرّت تجربته في مجلس الشيوخ، حيث ترأس لجنة العدل من عام 1987 إلى عام 1995 ثم لجنة السياسة الخارجية من عام 2001، وكان معارضاً لتدخّل الولايات المتحدة في حرب الخليج الثانية، لكنّه صوّت لصالح عمليات «حلف شمال الأطلسي» في البوسنة والهرسك وأفغانستان والعراق.
في عام 2008، عاد حلمه السابق بالترشح إلى الرئاسة في مواجهة زميله باراك أوباما، لكنّه فشل في إدارة الحملة، بعد تصريحات عنصرية ضدّ أوباما أدّت إلى انخفاض شعبيّته وانسحب مضطراً. إلّا أنه أصبح في ما بعد نائباً لأوباما، بعد فوزه بعضوية مجلس الشيوخ التي استقال منها، ليكون بذلك نائباً للرئيس في الولايتَين الأولى والثانية. بعدها، كرّر الرغبة في الترشّح إلى السباق الرئاسي لمواجهة ترامب الذي يرى أنّه سبّب انهياراً للقيَم الأميركية. ولكن إذا حقّق بايدن الفوز، سيكون عمره 78 سنة، وسيكون أكبر رئيس في تاريخ البيت الأبيض، وهو ما ينطبق أيضاً على ترامب، الذي إذا أعيد انتخابه سيبلغ 74 عاماً. في المقابل، يشكّل انتماؤه الديني موضوعاً مؤثراً كونه كاثوليكياً متديّناً، الأمر الذي يمتدّ إلى الموقف من الإجهاض والمثلية وغيرهما من الملفّات الشائكة.

قوس التاريخ، السياسة الخارجية
من خلال متابعة نشاطات بايدن خلال الحملة الحالية يمكن الإشارة إلى أنّ أنصاره يعتقدون أنّ ارتباطه بباراك أوباما ميزة، ولا توجد فائدة في إبعاده عن الرئيس السابق. ولكن بشكل عام، وبحكم المتغيّرات العالمية الراهنة، يتوجّب على بايدن تغيير السياسة الخارجية الديموقراطية في بعض الاتّجاهات المهمّة، خصوصاً تلك المتعلّقة بالسياسات تجاه الوباء أو الصين أو «حلف شمال الأطلسي»، والعلاقة مع الاتحاد الأوروبي أو المنظّمات الدولية.
لا يمكن مقارنة خبرة ترامب مع الخبرة الطويلة لبايدن، في ما يتعلّق بالسياسة الخارجية، لكونه عضواً في مجلس الشيوخ لمدة طويلة، فضلاً عن كونه نائباً سابقاً للرئيس. فقد شارك بايدن في هندسة السياسة الأميركية خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط.
لا يؤمن بايدن بالمدرسة الانعزالية في السياسة الخارجية، بقدر إيمانه بفكرة «قوس التاريخ» التي مفادها أنّ الولايات المتحدة يجب أن تحثّ تركيزها على البيت الداخلي، وبالتالي سوف ينتشر هذا القوس تدريجياً من الداخل إلى الخارج لنشر الديموقراطية والمُثل والقيم التي تؤمن بها، وما يحصل من انحرافات حالية نتيجة السياسات الخاطئة التي حصلت بسبب الشعبوية وحرب الهويات فضلاً عن الأزمات الاقتصادية. ولكن يبقى السؤال: هل ما زال الجمهور الأميركي يعتدّ بعبارات الديموقراطية والحريات وغيرها من المفاهيم في أدبيات النيوليبرالية السياسية؟
في مقالة كتبها بايدن، أخيراً، حول برنامجه الانتخابي، يرى أنّ ترامب «شنّ حروباً تجارية غير حكيمة ضدّ أصدقاء وأعداء الولايات المتحدة على حد سواء، والتي تضرّ بالطبقة الوسطى الأميركية»، ويرى أيضاً أنّه تنازل عن القيادة الأميركية في تعبئة العمل الجماعي لمواجهة التهديدات الجديدة، وبالتالي قوّض ترامب الثقة في المؤسّسات الديموقراطية، وعليه فإن انتصار الديموقراطية والليبرالية على الفاشية والاستبداد وصناعة العالم الحر سيحدّد مستقبل هذا العالم. لكنّ شرط الانطلاق وفق بايدن، هو ما أسماه بتجديد الديموقراطية في المنزل، وكما يقول: «كأمّة، علينا أن نثبت للعالم أنّ الولايات المتحدة مستعدّة للقيادة مرة أخرى».
من خلال متابعة نشاطات بايدن خلال الحملة الحالية، يمكن الإشارة إلى أنّ أنصاره يعتقدون أنّ ارتباطه بباراك أوباما ميزة


ويدعو بايدن إلى سياسة خارجية للطبقة الوسطى في الاقتصاد العالمي من أجل المستقبل لمواجهة الصين وغيرها، عبر توحيد القوة الاقتصادية للديموقراطيات في العالم. وهذه السياسة التجارية تنطلق من الولايات المتحدة نفسها، عبر تعزيز دور الطبقة الوسطى للمشاركة في سياسات البلد بغضّ النظر عن العرق أو الدين أو التوجّه الجنسي. في المقابل، سوف تقود السياسة الخارجية للطبقة الوسطى قواعد الاقتصاد الدولي، عبر ما أسماه بالتجارة العادلة، وكما أسماه بإزالة الحواجز التجارية نحو الحمائية بعد مواجهة الكساد التاريخي. ويرى أنّ سجلّ ترامب الكارثي في السياسة الخارجية، عبر اتّباع نهج غير متوازن، يلغي الدبلوماسية ويشوّهها، بل يؤدي إلى موتها، بينما لا يعني ذلك إلغاء دور القوة، بل إن استخدام القوة يجب أن يكون الملاذ الأخير، وليس الأول للدفاع عن المصالح الحيوية الأميركية.
جوزيف بايدن يرى، أيضاً، أنّ الدبلوماسية ليست مجرّد سلسلة من المصافحات والتقاط الصور، بل هي عملية تحديد المجالات ذات الاهتمام المشترك أثناء إدارة نقاط الصراع، وبالتالي فإنها تتطلّب الانضباط من أجل صنع سياسات متماسكة. ولهذا، يجب أن تصبح الأداة الأولى للولايات المتحدة الأميركية، والتي أسماها بإعادة الاستثمار الدبلوماسي. لكن مع فقدان المصداقية في عهد ترامب، يعترف بايدن بأنها مهمّة صعبة، ذلك أن ترامب حطّم كلمة الأمة وفق اعتقاده عبر الانسحاب من المعاهدات والمسؤوليات وسياسات الكذب.
لا يختلف بايدن عن غيره من السياسيين الأميركيين، إذ يؤيّد حلّ الدولتين، كما يدعم الاحتفاظ بالسفارة الأميركية في القدس، بعدما نقلها ترامب إلى هناك في عام 2018، كما يقول إنّ عليها وقف النشاط الاستيطاني في الأراضي المحتلة، ويجب تقديم المزيد من المساعدة لغزة. كذلك، يدعو الدول العربية إلى تطبيع العلاقات مع الكيان، فيما جدّد أخيراً دعمه للعشيقة القديمة الجديدة إسرائيل، في حملته الانتخابية، في محاولة لكسب أصوات الإعلام واللوبيات الداخلية.
على صعيد الملف الإيراني، يرى بايدن أنه لا يجب السماح لإيران بتطوير أسلحة نووية، كما يعتبر أنّ نهج ترامب في التعامل مع هذا الملف كارثيّ، بسبب الانسحاب من الاتفاق النووي. وقد تعهّد بإعادة الانضمام إلى الاتفاقية، إذا عادت إيران إلى الامتثال، كما يرى أنّ اغتيال قاسم سليماني في غارة جوية أميركية كان أمراً مبرراً، بسبب دور سليماني في الهجمات على القوات الأميركية، لكنّ قرار ترامب باستهدافه كان تصعيداً هائلاً تمّ اتخاذه من دون أيّ خطة للقتال. بايدن يشير، من ناحية أخرى، إلى أن «عملية صنع القرار العشوائية هي التي أدت إلى اغتيال سليماني»، كما يتحدّث عن «الفشل في استشارة حلفائنا أو الكونغرس، والتجاهل المتهوّر للعواقب التي ستتبعها بالتأكيد بشكل خطير».
بخصوص الملف السوري، فعندما كان نائباً للرئيس، لم تكن لديه الرغبة في إرسال القوات الأميركية إلى سوريا، وكان يرى أنّ أي استخدام للقوة ستكون له عواقب لا يمكن التنبؤ بها. كذلك رفض بايدن قرار ترامب سحب القوات الأميركية من شمال سوريا وهو ما يسمّيه خيانة للأكراد، فيما وصفه بأنّه أكثر شيء مخجل فَعَله أي رئيس في التاريخ الحديث في ما يتعلق بالسياسة الخارجية، وأن على تركيا أن تدفع ثمن حملتها العسكرية على سوريا. بشكل عام، لا تختلف نظرية بادين عن فكرة أوباما في التدخّل المحدود، حيث يرى أنّ أولوية الولايات المتحدة محاربة الإرهاب والاعتماد البسيط على عدد من عمليات التدخّل المحدود بالمشاركة مع الشركاء المحليين.
بخصوص ملف العراق، كانت له مواقف متعدّدة عندما كان عضواً في مجلس الشيوخ، حيث أيّد الرئيس جورج دبليو بوش في الحرب عام 2003، لكنّه رفض زيادة عديد القوات الأميركية عام 2007، واقترح تقسيم العراق إلى ثلاث مناطق تتمتّع بالحكم الذاتي. وعندما أصبح نائباً للرئيس، أشرف وتابع قرار الانسحاب الأميركي من العراق، لكونه يرفض استخدام القوة في تغيير الأنظمة.
لا تجمعه علاقات طيّبة مع المملكة العربية السعودية، ولهذا كان محور حديثه هو إعادة تقييم تلك العلاقة بعد الحرب على اليمن، التي رأى أنها صراع لا يمكن الانتصار فيه، فضلاً عن رأيه في ما يتعلّق بملف حقوق الإنسان، وقضية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، وإعادة النظر في بيع الأسلحة إلى السعودية.

أميركا المتديّنة
تساءل الرئيس جون آدامز John Adams عمّا إذا كان يمكن أن توجد حكومة حرّة مع دين كاثوليكي، حيث كانت التقاليد الأميركية السابقة ترى أنّ الحرية والديموقراطية والقيم الليبرالية ترتبط بالبروتستانتية الوعرة، بينما الكاثوليك رجعيون في التسلسل الهرمي الكنسي. حتّى أنّ عالم الاجتماع ماكس فيبر Max Weber طرح فكرة مفادها أنّ الكاثوليك لم يكونوا مناسبين للرأسمالية في بداية القرن الماضي، وحتّى الرئيس جون كيندي الكاثوليكي الوحيد، كان عليه أن يذكر أنّ ولاءه للدستور، وليس للفاتيكان.
عشرون في المئة من الأميركيين يتبعون الكنيسة الكاثوليكية، ويتمتّع البابا بشعبية كبيرة في الولايات المتحدة، لكنّ ميول ترامب الدينية يحاول تصويرها بأنه يتبع الكنيسة المشيخية، وذلك في محاولة لجذب أصوات المسيحيين الإنجيليين البروتستانت، ليكون الرئيس التاسع الذي ينتمي إلى هذا التقليد البروتستانتي، لكن ترامب لا يحضر بانتظام طقوس الكنيسة المشيخية، بينما ارتبط بمجموعة من الجماعات الدينية، ويميل إلى المشاركة في كنيسة محافظة تابعة للمعمدانيين.
قليلاً ما استخدم ترامب اللغة الدينية أثناء وجوده في منصبه، رغم الدعوات المستمرّة للصلاة في أيام الوباء، وقد أحاط نفسه بالقادة الإنجيليين ودعم القضايا المسيحية المحافظة. لكنّ المعتقدات والممارسات الدينية لترامب لم تكن علنية، ووفق استطلاعات مركز بيو Pew Research Center، فإنّ 34 في المئة من الشعب الأميركي غير متأكدين من دين ترامب، و16 في المئة يعتقدون أنّ ليس له دين، بينما يقول 33 في المئة إن ترامب بروتستانتي، فيما يرون أنّ بايدن الكاثوليكي متديّن إلى حدّ ما بنسبة 55٪، ويعتقد الكثير أنّ ترامب يعبد نفسه، وأنّه يعبد المال أو السلطة، أو أنّه مسيحي مزيّف أو شخص يتظاهر فقط بأنّه متدين.

ترامب أم بايدن؟
الانتخابات المقبلة ستكون انتخابات الفيروس، والآراء حتى هذه اللحظة تميل لصالح ترامب وفق المزاج الأميركي، فضلاً عن مزاج الشركات الأميركية الكبرى التي تنظر إلى مواضيع اتفاقية المناخ وقوة القيم الأميركية على أنها مجرّد شعارات فارغة لا تزيد خزائنها وأرصدتها في شيء.
تحكم الولايات المتحدة، الآن، الشركات الكبرى، وهي من تدير الدفّات الانتخابية. ويعد رأس المال هو المتغيّر الأساس في توجيه المندوبين للولايات، فهل سوف تفضّل تلك الشركات حديث الأرباح الاقتصادية والتكاليف المدفوعة أم شعارات حماية المناخ والبيئة التي عدّها ترامب مجرّد حكايات خيالية لا أساس لها من الصحة؟ وهل ستفضّل رجل الصفقات الذي حوّل الولايات المتحدة إلى دولة شركات أم الرجل الذي جاء في مخيّلتهم من عامة الناس؟
الطريق أمام ترامب ليس بالسهل، خصوصاً بوجود الجائحة، لذلك سيحاول ترامب تصوير المشهد خالياً من الوباء، بعد النقد الكبير الذي تعرّض له في طريقة إدارة الملف.
كثيرة هي المتغيّرات المقبلة بعد الوباء، ولا يمكن الحكم من الآن على المشهد في ظلّ حدوث مفاجآت، وكما يقول الزعيم العمالي البريطاني هارولد ويلسون Harold Wilson فإنّ «الأسبوع هو فصل طويل في عالم السياسية»، والسباق الرئاسي ما زالت أمامه أشهر.

* دبلوماسي عراقي وباحث أكاديمي