لن يكون الردّ عليك بأسلوبك الفتنوي، لأننا ندافع عن حقّ ينحني العالم كلّه أمامه. أنا كلبنانية فتحت عينيها على تلك الحرب اللعينة، أودّ التذكير بالحقائق التالية:أولاً: مجزرة البوسطة في عين الرمانة لم يرتكبها الفلسطينيون، بل هم كانوا ضحيّتها، ومعهم لبنانيون بينهم أصدقاء لي ورفاق في منظمة كفاح الطلبة، كالشهيد غالب عكر ووالده.
ثانياً: الفلسطينيون كانوا ضحايا مجازر عدّة في العديد من مخيّماتهم، ولم يرتكبوا مجازر... وكلّنا نذكر مجزرة صبرا وشاتيلا التي هزّت ضمير العالم.
ثالثاً: الحروب في لبنان لم تبدأ في 13 نيسان 1975، ولا مع الوجود الفلسطيني في لبنان، بل بدأت قبل ذلك بمدة طويلة، بدءاً من حروب 1840 و1860 إلى أحداث 1958، وذلك على خلفيات طائفية، والطائفية هي الفيروس الحقيقي الذي فتك ويفتك بلبنان حتى اليوم.
رابعاً: الحروب في لبنان لم تتوقف رغم خروج المقاومة الفلسطينية عام 1982، بل إن أقساها حصل بعد ذلك التاريخ، سواء في حرب الجبل أو في حرب الإلغاء أو في مجزرة إهدن والصفرا، وضحايا تلك الحروب كانوا لبنانيين، بل مسيحيين أحياناً.
الحروب في لبنان لم تبدأ في 13 نيسان 1975 ولا مع الوجود الفلسطيني في لبنان، بل بدأت قبل ذلك بمدة طويلة


خامساً: إن تشبيه الفدائي الفلسطيني، الذي يقدّم حياته كل يوم من أجل تحرير بلاده وعودة شعبه إلى أرضه مُسقطاً كل مؤامرات التوطين والوطن البديل، ويكافح ضد فيروس خبيث يتهدّد البشرية، ليس إساءة لشعب بات محطّ إعجاب البشرية جمعاء، ونضاله ومقاومته فقط، بل هي إساءة للبنان أولاً الذي يعتز برسالته الإنسانية ودوره التحرّري، وقيمه النهضوية وبما قدمه. وما زال لقضية فلسطين ولمعاداة الصهيونية منذ عقود وعقود، إسهامٌ شارك فيه مفكرون ومبدعون، قادة ومناضلون، علماء وأحبار، فانتزع لبنان برسالته النهضوية مكانته بين إخوانه العرب وفي العالم.
سادساً: لقد طوينا جميعاً تلك الصفحات المؤلمة في حياتنا على قاعدة «أن الماضي مدرسة نتعلم منها، وليس سجناً نبقى أسراه فنكرّر فتنه ومآسيه».
والله وليّ التوفيق

* المديرة العامّة للمركز العربي الدولي للتواصل والتضامن