صورة الممثلة المغربية لبنى الزبال وهي تقبّل ابنة موطنها الممثلة نسرين الراضي من الفم على السجاد الأحمر بمهرجان «كان» السينمائي أثارت ترددات كثيرة في وسائل التواصل الاجتماعي، بين مستنكرة ومستنكر ومن عدّ المسألة حرية شخصية. تلك اللقطة معروفة وشاهدناها من قبل عندما قبّلت المغنية الأميركية مادونا زميلتها المغنية بريتني سبيرز وكذلك تقبيلها زميلتها الممثلة نيكي ميناج وغيرها. هدف هذا الاستعراض إثارة أكبر قدر من الانتباه ذلك أن «حفلات التقبيل» غير المعهودة تلك جرت في أثناء مهرجانات عالمية، ما يعني دعاية عالمية مجانية!على أي حال، «الإسلمنجية» كعادتهم، لا نسمع لهم صوتاً إلا عندما يرتبط بالمطالبة بسحق المرأة ولنا في تجربة البرلمان المصري الإخونجي القصيرة دليل، حيث كان أول بند على جدول أعماله شرعنة «حق» الرجل في مضاجعة زوجه الميتة لفترة معينة فور وفاتها.
مصيبتنا الدائمة مع هؤلاء تتكرر كلّما سنحت فرصة لإدانة المرأة ومنها تلك القبلة الغير المعتادة بين الممثلتين المغربيتين. في منظور أولئك الحراس فإن جسد المرأة ملك للأمة، وهم طبعاً الناطقون الحصريون باسمها، ولا يحق لأيّ كان، عداهم، التصرف فيه.
لا رأي لنا في تلك القبلة ولا نرى فيها سوى تقليد لما قامت به من قبل ممثلات في الغرب، والهدف إثارة الانتباه، تماماً مثل التصرفات الأخرى غير المعهودة التي تقوم بها بعض الممثلات والمخرجات العربيات وغير العربيات ومن ذلك ارتداء ملابس في حفلات السجاجيد الحمر تكشف أكثر مما تخفي وفي المقدمة أن صاحباتها لا يرتدين ملابس داخلية، والأمثلة كثيرة.
نحن لا نعد المسألة تستحق التوقف عندها، لولا... ليس ثمة نقاش في أن جسد المرأة [والرجل طبعاً] ملك لها وهي صاحبة الحق الحصري في كشفه أو ستره أو أو أو... ما دامت أو ما دام بكامل قواه العقلية؛ ثمة أفراد كثر في الغرب يبالغون في العبث بأجسادهم ما يضطر الدولة للتدخل لحمايتهم من حماقاتهم.
ما لم يستفز «الإسلمنجية» هو حقيقة أن الممثلة المغربية لبنى الزبال تشاركت مع ممثلين من كيان العدو في أفلام تم تصويرها في فلسطين المحتلة. أي أنها هي، وبقية المجموعة العربية، شاركوا في فيلمي «Tel Aviv on Fire, 2018» و«strangers, 2007» وهو عمل «إسرائيلي» كامل، وهو تطبيع موصوف مع العدو الصهيوني.
مشكلتنا مع الممثلة المغربية الأصل وغيرها أنها ترى أن قضية الحرية واحدة. فإن كانت ترى أن من حقها الدفاع عن حق المرأة في امتلاك حريتها الشخصية، وهو أمر لا نناقشه، وأن تشارك في أفلام تتصدى للمسألة، فعليها وعلى غيرها الاعتراف أيضاً بحق الشعب الفلسطيني في حريته في بلاده التي طُرد منها، والاعتراف بأن أيّ تطبيع مع العدو الصهيوني هو دعم له على حساب شعب، العالم كلّه يعترف له بحقوق الوطنية وفي مقدمتها العودة إلى وطنه وتقرير مصيره فيه والتعويض عما لحق به من ظلم منذ الاحتلال البريطاني عام 1917 لأن الحرية رقم لا يقبل القسمة.
مشكلتنا مع هؤلاء وغيرهم من المطبعين أنهم لا يعدون التطبيع مع العدو الصهيوني وإقحامه بيوتنا ووعينا على أنه خصم سابق ليس غير، أمر يستحق الحديث فيه. ولذا فمن غير الممكن عدّ تلك القوى بمختلف مسمياتها ضمن معسكر المقاومة والتصدي للمشروع الاستعماري الاستيطاني في بلادنا. ومن يريد أن يكون في معسكر المقاومة والتصدي عليه مغادرة مكانه الحالي.
انظروا إلى جولة السياح الصهاينة في تونس وكيف تصرف النظام التونسي الذنب معهم. لقد سمح لهم بدخول تونس بجوازات سفرهم وبرحلات مباشرة من فلسطين المحتلة، والمخفي أعظم.
لقد رأينا قطعان السياح وهم يرقصون أمام منزل الشهيد أبو جهاد ويغنون لصهيون، من دون تدخل من السلطات التونسية الرسمية؛ أكيد لأن «كلاب الأثر» المخابراتية التابعة لها كانت ملهية بحراسة القطيع وبمراقبة التوانسة الذين تجمعوا لمشاهدة الحدث السريالي. للعلم، إسلمنجية تونس، وهم مشاركون في الحكومة، لم يتخذوا موقفاً ضد الوزير المتصهين، ببساطة لأن فلسطين مسألة لا تعنيهم، لكنهم أرسلوا مرتزقتهم والإرهابيين من أتباعهم للموت بالآلاف للمشاركة في الحرب على سورية وتدميرها، خدمة للعدو الصهيوني وللسيد الإنغلو-أميركي الحاكم في دار الباي وفي قصر قرطاج.
إن تصرف قطعان الصهاينة أمام منزل الشهيد القائد أبو جهاد لمؤشر لما سيأتي إن لم يتم التصدي لمشروع التوسع الصهيوني في بلاد العرب. ويتبيّن للمرة العاشرة بعد الألف العاشرة أن هؤلاء الذين يسمّون أنفسهم حكاماً ورؤساء أحزاب وما إلى ذلك ليسوا سوى موظفين في وزاراة المستعمرات في لندن وواشنطن.
أما قيادة ميليشيا رام الله فلم تخيّب ظننا، إذ أنها تجاهلت تماماً تدنيس الصهاينة في بلد عربي ذكرى القائد الكبير أبو جهاد. للعلم، عندما كان القائد الشهيد حياً، هؤلاء لم يكونوا سوى نكرة، ومازالوا كذلك. في حال استمرار هذا الدلع والتراخي مع العدو الصهيوني في هذا العهد السعودي-الإماراتي-الصهيوني فلن يمر وقت طويل قبل أن نرى قطعان الصهاينة يرقصون في خيبر وفي يثرب/المدينة حول قبر النبي محمد وفوقه يغنون ويصرخون بجنون المنتصر: ها قد عدنا يا محمد وها قد عدنا يا عُمَر، تماماً كما فعل الجنرال غورو عندما قال: ها قد عدنا يا صلاح الدين، وهو يضع قدمه فوق شاهد قبر صلاح الدين قرب الجامع الأموي في دمشق.