(كتابة للراشدين بمن فيهم الأطفال: إلى «صفقة القرن»)
.. وإذ قالت إسرائيل ليَهُودها اجتمعوا اجتمعوا في الأرضِ التي مُلِّكتْ لكم، كان ربُّكَ يعلمُ أنّهم كاذبون وأنكم نائمونَ، وأنّ على هذه الأرضِ ستنفجِرُ الكواكبُ بين كاذبين ونائمين، وَسَتَرفعُ الأشجارُ أعناقها بصلاةٍ لا يسمعها أحد.. أَفَلاَ تنظرون إلى الكرامةِ انكسرتْ أشْتَاتَاً أشتاتَا، وإلى النّواميسِ انحطّت أمواتاً أمواتا وإلى أولادكمْ يضحكون ويبكون، كأَن لا شيء في ممالك المنافي، (خَبَبٌ.. خَبَبْ ../ من مرايا الأندلس إلى النّقبْ/ ومن ناطحات سحاب قحطان إلى تَبّتْ يدا أبي لهبٍ وتَبْ/ لَمْ تُحِبُّوا لأخيكم غير الذلّة ولا لأهلكم غير العِلّة على المِلّةِ، وظلمتم كبيركم في الكنانة وأردتم صغيركم كالزُّؤانَةِ.. وازددتُم نقيقاً في طلبِ المهانة وما في هذه الأمّة من له رأسٌ ولا من له عينانِ ولا شعرُ عَانَة... عُلوجٌ مُشيَّدة، تطلقون على النهار بُرْدَةَ الليلِ وتقطعون حيْلَ الرعود والبروق إذا هَزَّتكم، وتقعون كالطير الهَائِمَة حول ذَيْلها، وكالوِلْدَان التي بُترتْ أقدامهم وتجلسون في عَرَاءِ الخوفِ المسلولِ تُعِدُّون أَنفسكُمْ بما ليس فيكم، وبما لا يمرّ بكم مرّ عَابِرِ السّبيلِ وأولئك القوم يبنون مُستوطناتهم وأحلامهم سهَرَاً ودغدغَةً وَطوواويس وسواعد تقودها الفاقة والناقة..
ومن البداية الفادحة إلى النهاية القادحة جاءتكم القطعان من أربع أبواب الأرض، وبابين من فوق ومن تحت وأنتم غافلون، فما قامت النّخوة إلّا لِمَامَاً كأنها قمرٌ مكسور، ولا حَمْحَمت بكم الأنا إلّا بعضكم على بعضٍ فَتَغَلْغَلُوا نَفَسَاً نَفَسَاً في هوائكم.. وأنتم غافلون، وامتشقوا أساطيرَ الأوّلينَ وعَبَّأُوها رصاصاً وانتشروا على الهِضَابِ والسهولِ كالجرادِ الطاعن وأنتم غافلون..
(نَسَبٌ.. نَسَبْ/ طار فوق السّطوحِ ثم انتحبْ../ ثمّ دار دَوْرَة فوق حيفا ويافا حتى استخفّهُ الطّربْ..) كان الكون يكرهُهُمْ والخليقة تحتقرُ ذكْرَهم ولا تُطيقُ لهمْ دَعْسَةً على التّرابِ، وقيل لهمْ هُنا اغرسوا شياطينكم والأبالِسَة في فلسطين، لا تقولوا لا ينفعُ السمُّ إِلاَ في الحيوانِ، بلـى.. ينفعكم في سَوْقِ البشرِ إلى جهنّم.. أعطاهم العالمُ مفاتيح الجِنَانِ فقالوا لأنفسهم: نقتل ولا نشبعُ.. نقتل ولا يصيبنا سوءٌ. نقتلُ ولا تُرى لنا يدٌ تحملُ السّيفَ، نقتلُ وخلفنا العالَمين فرحون، نقتل ما يطيبُ من بني آدم الذين خُلِقوا لنا ومن مَطْلَع الشّمس إلى مغربها، نَنثُر الجُثث يأكلها السّبع والطّيرُ والعدالةُ في السيدةِ المَصونِ الأمم المتحدة، مرحى.. مرحى.. هذه هي أميركا خيّاطة ما يلتصقُ بالجسدِ جَرَباً، وما يلتصق بالنفس حَرباً، أميركا التي نفخ فيها أعور الدجّال روحَهُ، رقصت وعربدت، وحين هَدَأَتْ قالت إحنوا ظهوركم: أنا أميركا أُمّكم وأبوكمْ وأبو أمّكمْ وأبيكُمْ وأمُّ أُمّكم وأبيكم وأبو وأُمّ كلّ مَنْ عليها فانٍ، فارفعوا العَشْرَة والعِشرين أجمعين، سَلِّموا تَكَّاتِ سَرَاويلكُمْ إلى خلفائِنَا عندكم، فهم أعلمُ منكم بما يصحّ وما لا يصحّ، وتفرّجوا على بني إسرائيل ما أجْمَلهمْ، ألاَ تُشْفِقونَ على رَبِّكم فتُكفُّون عن إِلْقَائهمْ في البحرِ؟ أَوَ ليسَ دخولاً إلى النّارِ المُسعّرَةِ في الآخرةِ إِطلاقُ الصَّواريخِ عليهم؟ وَهُمْ أَطْيَبُ مِنْ ليمونِ الخليلِ أَدَبَاً ولذّةً (عربٌ مع العربْ/ عربٌ على العربْ/ عربٌ مِنَ العربْ/ لم يعرفوا العربْ!!).
صحيح أنّهم أخذوكم على حين غرّة من مئة عامٍ، لكنهم يأملون أنْ تُؤمنوا بالنسيان سبيلاً إلى السلام.. قتلوكم.. نعم.. ولكن طمعاً في نيلِ رضاكم.. ولأنهم مُدركون أنكم أبناءٌ مخلصون لبني عَمّكُمْ.. ألا تذكرونَ عَمَّكُمْ؟ ألاَ تَسْألونَ خَيْبَرَ كم كانوا رقاقاً عِذاباً! ألاَ تَسألون «ترامب» (مُحالٌ محالُ/ مُسافرٌ زادُه الخيالُ/ كُلمّا سألتَه شيئاً يرتدُّ عنه السؤالُ)... لا تستسلموا لطابورٍ خامسٍ شَغَلَنَا عن الحبّ... يا أيّها الذين آمنوا أَحِبُوا مَنْ احتلّكم وغلَّكُمْ، واتركوهم يُقدّرون لكم ما يصلحُ لكم بيد أميركا، فأميركا أُمّ المؤمنين أميركا إذا أزاحت يدها عنكم ذهبتم سُدَىً.. أميركا البريئة التي لها فمٌ يأكل، وليس لها فمٌ يحكي، والتي تعطي رغيفَ الخبزِ لتضحك مصر، ورغيف الأمن ليرقص الخليج «العرضة» بثبات، والتي تسهر النهار والليل والكامخَ بينهما من أجل فلسطين، ما بالكم عنها سَاهُون؟.. تَكَأْكَأوا عليها ولا تَفَرَنْقعوا، اسمعوا كلامها كما تسمع البنتُ النّجيبةُ كلامَ أُمِّها الفاتِكَة، قدّسوا لها، قدّسوا لها فهي أقربكم إلى أُذْنِ الآلهة، فويلٌ لناكري الجميل السائرين إلى الجحيم بأيديهم وأرجُلِهِم ورموش عيونهم. إنَّ أميركا ما كانت يوماً لنفسها بل للآخرين، تحميهم وتدافع عنهم وهمُّهَا رضا «جبل جَلْعَاد»، لا تطلب جزاءً ولا شكورا إلّا ما تحت أرضكم.. فلتحيُّوا تَوَاضُعَهَا واشكروا نِعَمَها عليكم.. (حَبْلٌ وعصا ودفٌّ مُذهَّبْ/ على الباب نِمرٌ وأرْنَبْ/ واحدٌ يبقى في مكانه والآخر يذهب إلى المكتب) فإذا جاءكم فاسِقٌ بنبأ عن أميركا فتبيّنوا حتى لا ترموها بِجَهَالَة.
حرامٌ عليكم وهي تصنع «صفقة القرن» لأجلكم بِيَدِ خَير البرِّية «كوشنير» أن تحدجوها بلفتة عصيان.. والحروب؟ لماذا الحروب إذن؟ أيها المؤمنون بالسلامِ وحِّدُوا الصّفوفَ، تلاصقوا .. تلاصقوا.. بقوّة.. بقوّة تحت عين «بولتون»، لا تدعوا الثُّوار ينجحون وينجون.. حدِّقوا معنا لنحصي دبيبَ النِّمَالِ.. كلّ من رفع ذراعيه تهليلاً لانتصار، اكسروا ذراعيه، كلّ منْ طَلَعَ صوتهُ هَازِجَاً اخنقوه، كلّ من نظرَ يوماً (وإلى اليوم) إلى خارطة إسرائيل شذرَاً، أبيدوا سلالته، واهدموا بيوت حاملي السكاكين، وسائقي الشاحنات، (دبَّابةٌ أم طائرة/ هذا المعدن السائر في الجو والأرض حائرة/ على مَـنْ هذه المرة ستدور الدائرة). لا تتركُوهُمْ لفعلِ ما يريدون، فَمَنْ رَفَضَ ما قرّر الله عنه فهو كافر، ومنْ صدّق ظَنّاً سيِّئَاً في أميركا فهو كافر «أبعدوا الكفر عنكم، وأقفلوا هذه المطحنة الدمويّة، لقد جنحوا للسّلْم فاجنحوا لهُ، واخرجوا منْ وَهْمِ المقاومةِ التي تَتَسَلَّى بِدَمٍ نحن أدرى بلونِهِ، اليأسُ أصدَقُ إِنْبَاءً مِن الكُتُبِ، والكُتُبُ لا تُغني ولا تَسْمن من جوع، والجوع أمامكم أيها العرب، والعطش وراءكم، وَحَولكمْ بهلوان قيل أنّه يُصلِّي لكم، (توضَّأوا بالماءْ/ وتعالوا إلى الدّعاءْ/ وهمساً.. همساً.. حتى لا يَسْتَفيق من في السّماءْ)... ارفعوا الأعلام، هذا هو المسجد الأقصى ينهارُ.. من أجلِ السّلام ومن أجل «غزَّة» الجديدة والضِفَّة الشريدة و«قدس» العقيدة الفقيدة من أجل السلام لا من أجل شيء آخر.. هذه هي جحافلُ العالم جاءت لتَحْميكم وتحمي اليهودَ من العاصين العرب والعجم والغرباء، (أُهزوجة فلسطينيّة قديمة مع بعض التعديل تصبح: طَبِّلْ، طَبِّلْ طُبِّيلِهْ/ دنب حمار وشِنْكِيلِه/ «ناتنياهو» وأخ «ترامب»/ صاروا معنا بالعِيلِه). يا أيُّها العرب والعجم والغرباء، من بين العرب والعجم والغرباء إذا صادفتم خائباً من إسرائيل فاعذروه، أو تَائِبَاً عنها فاقبلوه، أو مأزوماً بها فاسمعوه، أو مُدمّراً بيدها فساعدوا في إعماره، أو هارباً إليها فاحضنوه، أو مُدَافِعَاً عنها فارحموه، أو غائباً عن السّمع والبصر فأيقظوه.. وأكملوا مسيرة العارفين حياتهم وموتهمْ، الذين يحملون في الأفئدة حَطَبَاً ويفتحون الصُّدور، فنقرأ في نواياهم روائع الشمس الصافية، بين اللّهِ وأهلهم يحملون الرّايات أفواجاً، كلما تعبَ واحدٌ قام عدّةٌ، لقد جاء نصرٌ وفتْحٌ وسيأتي نصرٌ وفَتْحٌ وتلوحُ أغاني العشَّاقِ إلى أبدٍ لا يعرفه إلّا المُطَهَّرون بالوردِ الذي تجري من تحته الأنهارُ وتعبر فوقه الأسرارُ لمْ يُخَلَّدَنَّ أحد قبلهم كما سيُخلّدون آباء وأبناء وإلى دهر الداهرين الذين يوم عَزّ النّصيرُ كانوا خِيامَ العِيَال، ويوم الخوف.. كانوا أجفان الأمان ذهبت أعمارهم في محبة آخرين كانت أعمارهم على الشّفير، الذين يرعون أَعين النجوم.. وترعاهم، الذين حقاً لا يقع القرآن من أيديهم إلّا ليقعوا على القرآن، وحقاً، وُلِدُوا من بطونِ أُمّهاتهم جُذوعَ سِنديانٍ، وحقاً تربُّوا في عين الشمسِ وعينِ العاصفةِ وعينِ العقل، وحقاً سوَّاهُم الله عباقرة الغيبِ..
إِنّا نراهم قادمين .. قادمين بالنبأ الذي لا يُرَدّ..
سيقول البرُّ للبحر عنهم، وعنهم سيقولُ البحر للبرِّ:
صدق الله العظيم.

شاعر لبناني