هناك من لاحظ: لهجة ميشال سليمان ونبرته تغيّرتا في السنة الأخيرة بعد تعزيز تحالفه مع النظام السعودي (وهذا التحالف مبني طبعاً على أسس فكريّة وفلسفيّة محضة). لم يعد الرجل على ما كان عليه من صمت ومن حذر شديدين، ومن لعب على الحبال من دون مهارة تُذكر. تراه يكاد يجول بين المدن على حصان مطهّم، رافعاً سيفاً خشبيّاً يهدّد فيه الناس بفرض الهيبة (والرجل حازم، وقد زّج بشاب لبناني في السجن هذا الأسبوع لأنه ذمّ الرئيس في تغريدة).
ميشال سليمان، بعدما وثّق علاقته مع الحكم السعودي، وبعدما اعتنق خطاب 14 آذار بالكامل، استأسدَ. وكان لافتاً هذا الأسبوع أنه استعمل مصطلح «الوصاية»، في إشارة إلى حقبة نفوذ النظام السوري في لبنان. لم يجد سليمان الكلمة نافرة، مع أنها مُحرجة له شخصيّاً، إذ إنه نتاج فاقع لحقبة الوصاية تلك، وقد لعبت الاستخبارات السوريّة بشخص غازي كنعان دوراً كبيراً في تسريع ترفيعه وتنصيبه قبل أقران له قائداً للجيش. وهل كان سليمان سيصل إلى سدّة قيادة الجيش، ومن ثم الرئاسة، من دون الوصاية الراعية له؟
لا يمكن التشكيك في خلفيّات تحالف ميشال سليمان مع الحكم السعودي. لا يسمح القانون اللبناني مثلاً بالتدليل على استعمال الحكم السعودي سلاح المال في السيطرة على الزعماء والملوك والرؤساء في المنطقة. لا، هذا يخالف القانون، كما أنه جائر بحق ميشال سليمان. ماذا لو أن سليمان وجد في العقيدة الوهابيّة خير هداية للواقع اللبناني، وهو الرجل الذي لم ينفكّ يوماً على اقتراح إنشاء مقرّ دائم للحوار بين الحضارات (على أن يتنقّل موقعه بين باب التبّانة وجبل محسن إمعاناً في الحوار هذا)؟ ماذا لو أنّ الرجل اكتشف ما كان جاهله في العقيدة الوهابيّة التي تتّسم بالتسامح وقبول الآخر والوفاق والتحابّ؟ ماذا لو أن الرجل رأى في جلساته القليلة مع الملك السعودي أنّ الرجل لا ينطق إلا بالحكمة والرأي السديد؟ هذا جائز.
لكن سليمان تغيّر علينا. الرجل الذي كان صاحب شعار «الجيش والشعب والمقاومة» لم يعد يؤمن بما كان يُبشّر اللبنانيّين به. الرجل الذي كان خطابه مليئاً بالعداء للعدوّ الإسرائيلي وعدوانه، بات متخصّصاً في محاربة «الإرهاب» (وهو لا يقصد العدو الإسرائيلي بكلمة «إرهاب») وفي صدّ عدوان النظام السوري على لبنان. أما في موضوع حزب الله _ حليفه السابق (لماذا يبرع هذا الحزب في اختيار من يبرع في خذلانه؟) فإن الرجل بات لا يجد خلاصاً للبنان إلا في خروج الحزب من سوريا وفي «النأي عن النفس» _ هذا المصطلح الذي لا تتفتّق عنه إلا عبقرّية من اجترح مقولة «قوّة لبنان في ضعفه» وكلا المصطلحين خير عون للعدو الإسرائيلي _ من دون قصد طبعاً لأن الكل في لبنان مجمع على أن إسرائيل... عدوّ (ولكن).
لم تخف الصحف اللبنانيّة فحوى أحاديث سليمان مع الملك السعودي في الرياض، والتي تخلّلها قرض للشعر من قبل سعد الحريري، بالإضافة إلى بحث مستفيض في اختصاصه الآخر: أي تأثير الحضارة اليونانيّة على الفكر العربي. ونُقل (ولم تنفِ أوساط سليمان النشطة ذلك) أن الملك السعودي، الذي يعصى عليه النطق والكتابة والفهم، لم تصدر عنه إلا بضع كلمات جاء فيها أنه يأمر الجيش اللبناني بمحاربة حزب الله، وأن سأل سليمان عن سبب تمنّع الجيش عن ردع الحزب. (لكن الملك السعودي كان عليه أن يكون أكثر تفهّماً للوضع اللبناني ولموازين القوى العسكرية، وخصوصاً أن جيشه هو الذي ينفق عليه أكثر من كل الجيوش العربيّة وأكثر حتى من العدوّ الإسرائيلي هُزم وأذِلَّ من قبل الفرق العسكريّة للحركة الحوثيّة في اليمن. هناك شرائط فيديو تظهر فيها قوّات سعوديّة بإمرة الماريشال السعودي، خالد بن سلطان، وهي تهرب بخفّة ورشاقة من أرض المعركة.
لكن ما قصّة الهبة السعوديّة _ المكرمة _ وما خلفيّة هبوطها المُفاجئ على لبنان؟
عانى لبنان منذ نشأة الكيان الغاصب من اعتداءات إسرائيليّة مُتكرّرة. كان لبنان في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات والتسعينيات مرتعاً أسبوعيّاً (على الأقلّ) لعدوان العدوّ الإسرائيلي وغزواته وغاراته، لكن العائلة الحاكمة في السعوديّة لم تتصدّق يوماً على لبنان بمكرمة كي تحميه من عدوان إسرائيل في كل تلك السنوات. إنّ غياب أي دور مساند للحكم السعودي (والذي كان بالمناسبة يُغدق المال والمساعدات على النظام السوري لشراء تأييده، كما أخبر سعود الفيصل وزير الخارجيّة الأميركي السابق، جيمس بايكر _ راجع كتاب الأخير بعنوان «اعمل بجدّ واجتهد وابتعد عن السياسة») هو دليل على أن المكرمة السعوديّة المُفاجئة لا علاقة لها البتّة بالخطر الإسرائيلي الداهم (الذي نشأ منذ نشوء الحركة الصهيونيّة والذي لن يزول إلا بزوال الكيان المُحتل عن أرض فلسطين).
إن الهبة السعوديّة (ويجب أن نتذكّر أن الكثير من الهبات والوعود والمنح السعوديّة لا تُنفّذ بعد الإعلان عنها، وأن الإعلان عنها غالباً ما يكون في خدمة لحظة سياسيّة راهنة) هي وعد في الهواء يمكن أن يتبخّر. وتعلم الجامعة العربيّة، كما تعلم شلّة أصدقاء أميركا (المُتخفّين وراء اسم شلّة أصدقاء أفغانستان)، كما تعلم شلّة أعداء سوريا (المُتخفّين تحت اسم شلّة أصدقاء سوريا)، كما تعلم منظمّة التحرير الفلسطينيّة، كما تعلم سلطة أوسلو في رام الله أن الحكم السعودي عريق في تخلّفه عن الوفاء بوعوده السخيّة. إن الإعلانات المُضخّمة والمُفخّمة والمُبالغة عن مساعدات سعوديّة جزء لا يتجزّأ من السياسة الخارجيّة لمملكة القهر، وهذه الإعلانات تأتي غالباً تنفيذاً لأوامر أميركيّة. ليس الإعلان عن هبة هو الهبة عينها، وخصوصاً أن المملكة معروفة (حكومة وعائلة، والاثنتان صنوان) بعدم الوفاء بالتزاماتها وعقودها إلا إذا كانت للراعي الأميركي أو الأوروبي. في حضرة الأوروبي والأميركي، تصطكّ ركب أمراء آل سعود وملوكهم.
لنأخذ مثلاً موضوع المساعدات السعوديّة الإنسانيّة للنازحين السوريّين، وخصوصاً أن آل سعود توّجوا أنفسهم كأصدقاء للشعب السوري الخلّص حول العالم. لقد وافاني مصدر في الأمم المتحدة بأرقام مجمل المساعدات السعوديّة حتى تاريخه. منذ عام 2011 (ولم يتبرّع آل سعود بقرش واحد للشعب السوري في تلك السنة _ هذا من دون الانتقاص من المساعدات السعوديّة للعصابات المسلّحة التي أنشأتها المملكة، بالاشتراك مع قطر في سوريا وجهّزتها بما تحتاج إليه من أدوات القتل والتدمير) التزمت المملكة (وفي عرف الأمم المتحدة يختلف الوعد بالتبرّع عن الالتزام القانوني المرتبط بعقود للتبرّع) بالتبرّع بنحو 171 مليون دولار أميركي فقط لكل منظمات الأمم المتحدة التي تعمل في شأن المساعدات الإنسانيّة للشعب السوري. وهي لم تدفع منها إلا 140 مليوناً. وفي الفترة الزمنيّة نفسها، وعدت المملكة بدفع مبلغ 164 مليون دولار أميركي لم يصل منه قرش (وطبعاً، لا تجرؤ الحكومة الأميركيّة أو الأمم المتحدة على الإعلان عن تخلّف المملكة عن الوفاء بتعهّداتها). ولكم أن تتذكّروا أن الهبة السعوديّة للجيش اللبناني لم تتحوّل من وعد إلى التزام، أي أنها تدخل في خانة الإعلانات السعوديّة السياسيّة الفارغة التي تهدف إلى التأثير على وضع سياسي داخلي في دولة ما (وقد تخلّفت المملكة عن الوفاء بالتزامات ووعود لها إلى الحكومة المصريّة).
لكن، ما هو مغزى المبادرة السعوديّة في هذا الوقت بالذّات؟
من المعروف أن الحكم السعودي يعاني من تخبّط فظيع في سياسته الخارجيّة، كما أن الحكم الحالي ضرب عرض الحائط بالأسلوب التقليدي في إدارة السياسة الخارجيّة. كان الحكم السعودي _ أي العائلة اختصاراً _ يلجأ إلى المداورة والرياء واللعب في الخفاء والإعلان المخادع عن النوايا. إنّ المسار السعودي الحاكم على مرّ السنتين الماضيتين كشف عن أزمة حكم عميقة متأتيّة عن أزمة خلافة عميقة. لم تعد السعوديّة قادرة على إخفاء أزمتها البنيويّة: ماذا تقول عن حكومة يدير سياستها الخارجيّة أميران (سعود الفيصل وبندر بن سلطان) بالكاد يتبادلان السلام والحديث منذ سنوات؟ والصعود المفاجئ لهذا الأمير أو سقوط ذاك الأمير ينذر بمؤشّرات عن انشطارات متوقّعة في صفوف العائلة الحاكمة. كما أن الملك السعودي (وهو لا أشقّاء له) يبني حلفاً للخلافة يتضمّن أبناءه من دون إخوته. إن المملكة تعاني من ضيق في تعاطيها مع السياسة الأميركيّة. هي أكثر من عاتبة: هي في حالة حرد عبّرت عنه في تخلّيها عن عضويّة مجلس الأمن. لكن حالة الحرد والعتاب لا تقلّل من درجة الولاء والطاعة التي تبديها للحكومة الأميركيّة التي حافظت على عرش آل سعود أكثر بكثير من محافظة آل سعود عليه. المملكة تحاول للمرّة الأولى التأثير المُباشر على الأحداث، من دون أخذ إذن مسبق (على عادتها) من راعيها الأميركي. وقد يصح وصف المغامرة على سلوك المملكة في زمن الانتفاضات العربيّة، ما يثير القلق والمخاوف في أوساط الحريصين على أمن المملكة في العاصمة الأميركيّة. لكن وصف المغامرة لا علاقة له فقط بتولّي بندر بن سلطان منصب مدير الاستخبارات السعوديّة (يصرّ إعلام الممانعة البليد على أن يحمّل كل آثام الحكم السعودي وجرائمه على كاهل بندر بن سلطان، وكأن باقي الأمراء والملك نفسه ليسوا مسؤولين هم أيضاً عن سياسات المملكة، وخصوصاً أنّ الملك يبدو أكثر تطرّفاً في القليل من الأحاديث المُتلعثمة التي تُنقل عنه). إنّ سلوك المغامرة يعود إلى توثيق التحالف بين آل سعود والكيان الصهيوني الغاصب وهو ناتج من التوافق في الرؤية بين الحكومتين بسب التبرّم من أداء إدارة أوباما في عدد من الملفّات، وخصوصاً في الشأن الإيراني وموضوع عدم الإصرار الأميركي على إبقاء حسني مبارك في منصبه بالقوة، بالإضافة إلى اختلاف في الرؤية حول لبنان وحول ضرورة شنّ حرب مدمّرة ضد حزب الله (لا ترفض أميركا تلك الحرب، لكنها تخشى من آثارها المدمّرة على حلفائها في المنطقة _ على عكس آل سعود). كما أنّ الحكم السعودي يريد ويطالب بإسقاط نظام بشّار الاسد بشتّى الوسائل، مع أن حليفه الإسرائيلي تساوره مخاوف من انعكاسات تغيير جذري وحاسم في سوريا.
إن المملكة تريد في هذا الإعلان عن دعم الجيش اللبناني، وفي سياسة التضييق على حزب الله في الحكومة وفي الإعلام العربي من خلال خطاب طائفي عنصري مقيت لا يثير حفيظة أحد من ليبراليّي أمراء آل سعود، أن تقطع الطريق على المقاومة وأن تسلبها شرعيّتها (التي لا تُعطى ولا تُأخذ). يكمل النظام السعودي ما بدأه جيش العدوّ الإسرائيلي في عدوان تمّوز الفاشل (والفشل يُقاس آنذاك بأسارير وجوه قادة 14 آذار كلّهم من دون استثناء). تعتمد الخطّة السعوديّة في محاربة حزب الله على عناصر موازية عدة:
أولاً، الاستحواذ الكامل على ميشال سليمان (طبعاً من خلال الإقناع بالتي هي أحسن، إذ إن آل سعود لا يعتمدون بتاتاً إلا على وسائل الإقناع الرشيد).
ثانياً، إسقاط حكومة يلعب فيها حزب الله دوراً أساسياً. إن نجيب ميقاتي هو فاعل (وإن خجول بسب كره حلفائه له) في تحالف 14 آذار.
ثالثاً، يستعمل الحكم السعودي الرئيس المُكلّف من أجل إقصاء حزب الله بشتّى الطرق (وتمام سلام هو ابن واحد من أوائل ممثّلي أمراء آل سعود في لبنان، وكان صائب سلام أشبه بسفير غير مُعلن لسلطان بن عبد العزيز، كما أنه كان يُكلّف بمهمّات سياسيّة وأمنيّة حتى الثمانينيات. ألم يؤسّس صائب سلام في 1975 ميليشيا «روّاد الإصلاح» وبقيادة تمام نفسه بالمال السعودي من أجل محاربة الشيوعيّة في الحرب اللبنانيّة؟ ألم يُستخدم صائب سلام عام 1982 للتسويق لبشير الجميّل ولأخيه من بعده؟).
رابعاً، تحاول المملكة من خلال عصاباتها المُسلحة المنتشرة في لبنان وسوريا أن تجرّ الحزب إلى مواجهة شاملة لتفريغ سلاحه وذخائره وصواريخه في حرب مدمّرة تريح العدوّ الإسرائيلي.
خامساً، إن المملكة فقدت ثقتها بحركة 14 آذار في واجهتها السياسيّة البرلمانيّة، وهي تعمد اليوم إلى الاعتماد على العنصر السلفي الوهّابي الجهادي في الحركة (تستّر مثقّفو الحركة منذ انطلاقتها على حقيقة انخراط تيّار سلفي جهادي في صف الحركة، كما أن الحركة لجأت إلى الخداع والرياء في تصنيف عناصر «غزوة الأشرفيّة» _ وحده سمير جعجع نطق بالحقيقة عفواً على الهواء آنذاك. وتحاول المملكة بعد فشل تجربة الشركات الأمنيّة المُموّلة (بثلاث وجبات ساخنة) قبيل ردّة 7 أيّار. يحاول الحكم السعودي ضرب عصفورين بحجر واحد في لبنان وسوريا: أي إغداق الأموال والسلاح على حركات جهاديّة إرهابيّة من أجل تقويض دعائم النظام السوري ودعائم حزب الله على حدّ سواء.
سادساً، إن الحكم السعودي يحاول (وبغباء شديد لا يتفق معه فيه عدد من حلفائه الدوليّين) أن يستعمل الجيش اللبناني لضرب حزب الله، وهذا ما نطق به جهاراً الملك السعودي (في ما استقام له من نطق ببضع كلمات أثناء لقائه مع ميشال سليمان في زيارته الفكريّة الأخيرة للرياض). يعلم النظام السعودي أن دور ميليشياه في لبنان، المسمّاة «قوى الأمن الداخلي» ورديفها الاستخباري المُسمّى «فرع المعلومات» محدود جداً لأسباب تتعلّق بحدود القدرات والعزلة الطائفيّة. لا تستطيع تلك القوى تدبير غزوات على مناطق نفوذ حزب الله. ويخيّل للملك السعودي، ومن يدور في فلكه من أمراء، أن بإمكان الجيش (كما ميشال سليمان) أن يستدير وأن يصطف في الخندق السعودي في مواجهة حزب الله.
لن تصل الهبة السعوديّة. وميشال سليمان يعلم أن ما سيصل إلى الجيش من مساعدات لن يختلف عن طبيعة وأنواع التسليح الذي تلقّاه الجيش من الحكومة الأميركيّة: شاحنات وسيّارات ودرّاجات مُستعملة (لأن القوّات الأميركيّة أعادت تصفيح كل عرباتها بعد تجربة حرب العراق، ما إدّى إلى فائض في العربات المُستعملة التي توزّع على جيوش حليفة وضعيفة حول العالم الثالث)، بالإضافة إلى ذخائر وأسلحة تفيد في المواجهات الداخليّة التي ترتضيها أميركا للجيش (مثل مجزرة نهر البارد).
لكن ميشال سليمان التزم بالعكس في تصريح له في بكركي عندما أعلن بصوت قوي ردّاً على سؤال عن ضغوط على الدولة الفرنسيّة لعدم تسليم الجيش سلاحاً ثقيلاً فقال: «أبداً، أبداً. لقد التقيت أمس الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند، وقلت له إننا نريد سلاحاً نوعيّاً يمكّننا من التصدّي لإسرائيل، لكي نصبح القوة الوحيدة على الأرض التي تتصدّى للاعتداءات الإسرائيليّة». ومن اللافت أن سليمان لم يستعمل عبارة «العدوّ الإسرائيلي» والتي لم تكن تغيب عن فيه عندما كان قائداً للجيش اللبناني. ومن اللافت أيضاً أن سليمان قال إنه يريد سلاحاً نوعيّاً «لكي نصبح القوة الوحيدة على الأرض»، أي أنه يفصح عن نوايا المانح السعودي. ليس الهدف هو ردّ العدوان الإسرائيلي بقدر ما هو كف يد حزب الله. ليس هناك من يسأل ميشال سليمان. ومن قال إن هولاند أو غيره من زعماء الغرب يستمعون إليك أو يأخذون بنصائحك؟
لكن، لنقل الحقيقة الساطعة. يقول أنصار الجيش اللبناني في فريق 8 آذار إنّ أسباب عدم مقاومة الجيش اللبناني للعدو الإسرائيلي على مرّ تاريخه، وخصوصاً أثناء عدوان تمّوز وبعده، تعود إلى «غياب القرار السياسي» وإلى منع أميركا لبنان من التسليح الثقيل والرادع للعدوّ الإسرائيلي. هذان السببان حقيقيّان ولا جدال في ذلك، لكنْ هناك سبب إضافي: هل أن ميشال سليمان عندما كان قائداً للجيش اللبناني، كان قادراً على إنشاء قوّة رادعة موازية لتلك التي أنشأها حزب الله؟ هل كان بوسع ميشال سليمان أن يفعل بالعدوّ ما فعله عماد مغنيّة بالعدوّ، حتى لو كان بحوزته كل سلاح حزب الله؟ دعوا المزاح جانباً.
* كاتب عربي (موقعه على الإنترنت: angryarab.blogspot.com)