ردّاً على التقرير المنشور في «الأخبار» يوم الخميس الماضي، بعنوان «الجمارك تنتحل صفة الضابطة العدلية: تحقيقات بلا إذن القضاء»، جاءنا من المدير العام للجمارك بدري ضاهر توضيح مطوّل بعنوان: «بانتظار انتهاء التحقيقات وكشف المتورطين... الجمارك تطبق القانون دون أي تجاوز»، جاء فيه:أولاً: إن قانون تنظيم الضابطة الجمركية، ينص في المادة 103 منه على «اعتبار ضباط ورتباء الضابطة الجمركية ضباطاً عدليين مساعدين للمدعي العام في نطاق اختصاصهم ضمن المناطق التي يقومون فيها بوظائفهم»... مما يدحض صحة مضمون عنوان المقال. إن موضوع الفيديو وما تضمنه من إهانات، يشكل جرماً جزائياً (قدح وذم)، منصوص عنه في قانون العقوبات اللبناني، وقد جرى تقديم شكوى بشأنها بموجب محضر فوري لدى مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية، بناءً لإشارة النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضي غادة عون. وبصرف النظر عن الجرم الجزائي المرتكب والملاحقة الجزائية بشأنه من قبل القضاء العدلي، فإننا نؤكد بأن التحقيقات التي يقوم بها عناصر المديرية العامة للجمارك تتعلق بأعمال يحظر عليها قانون الجمارك وتشكل مخالفة جمركية، يترتب عنها عقوبة منصوص عليها في القانون المذكور بشكل واضح وصريح: 1- إن موظفي الجمارك هم بحماية القانون، ويحظر على أي كان إهانتهم أو تهديدهم أو إساءة معاملتهم أو معارضتهم أثناء قيامهم بوظيفتهم وذلك تحت طائلة تعرّض مرتكبي هذه الأعمال وشركائهم للعقوبات المنصوص عليها في المادة 426 من هذا القانون. أما في ما خص التحقيق المجرى بشأنها، فإن الاستقصاءات والاستجوابات التي يقوم بها موظفو الجمارك، هي من الموجبات المنصوص عليها في قانون الجمارك الواردة في الفصل الأول من الباب الثامن تحت عنوان: «في أصول التحقق من المخالفات الجمركية وملاحقتها» بحيث تنص المادة 377 وما يليها، على ما يلي: يمكن تحقق وإثبات المخالفات المنصوص عليها في القرارات والنصوص المتعلقة بالجمارك عن طريق محاضر تحقق ينظمها موظفو الجمارك بنتائج تحقيقاتهم واستقصاءاتهم والاستجوابات التي قاموا بها حتى ولو لم تجر أية حجوزات داخل نطاق الجمارك أو خارجه. ويجب أن يحتوي محضر التحقق على أسماء منظميه وصفتهم وعلى التاريخ (الساعة- اليوم - السنة) وعلى مكان التفتيش والتحقيق المجريين وعلى الوقائع المادية التي عاينها منظمو المحضر بأنفسهم والمعلومات المتوافرة بشأنها وعلى ذكر ضبط المستندات المتعلقة بها عند الاقتضاء. ويذكر أيضاً في المحضر أن الأشخاص الذين أجريت معهم التحقيقات قد أعلموا بموعد وضع المحضر ( الساعة - اليوم - السنة) ومكانه وأنهم دعوا إلى حضور كتابته، وبحال حضورهم يتلى مضمونه عليهم ويطلب منهم التوقيع عليه ويذكر ذلك في المحضر. وبالتالي، فإن الأشخاص الذين تم استجوابهم قد وقعوا على إفاداتهم وفقاً للأصول، ودون أي إلزام أو ضغط أو إكراه، وإن المخالفة الحاصلة تندرج ضمن توصيف «إهانة أثناء ممارسة لوظيفة».
كذلك بشأن أصول المحاكمة في القضايا الجمركية فهي بدورها مستقلة عن المحاكم الجزائية بحيث تنص الفقرة الأولى من المادة 391 منه على: 1- مع الاحتفاظ بصلاحية المحاكم الجزائية المختصة وفقاً لأحكام القوانين النافذة، يحال محضر الضبط المنظم وفقاً لأحكام المواد السابقة، إذا لم يفض الخلاف بطريقة المصالحة، إلى إحدى غرف محاكمة الدرجة الأولى في بيروت. وأخيراً فإن إدارة الجمارك مستقلة في ما يتعلق بتمثيلها لدى المحاكم ومن ضمنها الادعاء في المخالفات الجمركية بحيث تنص المادة 393 من قانون الجمارك على ما يلي: تدّعي إدارة الجمارك ويدّعى عليها أمام سائر المحاكم ودوائر التنفيذ، بشخص المدير العام أو من يمثله. وانطلاقاً مما تقدم، فإن التحقيقات التي يقوم بها موظفو الجمارك، وفقاً للصلاحية، تعود حصراً لأفعال تقع تحت أحكام قانون الجمارك وليس تحت أحكام قانون العقوبات اللبناني.
لقد ذهلنا من استناد كاتب المقال إلى مواد قانون الجمارك القديم الصادر في العام 1954والذي ألغي بشكل صريح بموجب المادة 448 من قانون الجمارك الجديد الصادر في العام 2000، الذي أُوردت بموجبه صلاحيات واسعة للجمارك نصَ عليها بصورة صريحة، منها صلاحية القيام بالتحقيقات والاستقصاءات والاستجوابات - والتي لم تكن آنذاك منصوصاً عليها في القانون السابق - وذلك انسجاماً مع الدور الحديث وطبيعة المهام الجديدة للإدارة الجمركية...

رد المحرر:
لقد أطال ضاهر واستفاض في ردّه خائضاً في التفاصيل من دون الإجابة على السؤال الرئيسي: كيف يستجوب أشخاصاً في قضية هو المدّعي فيها، ويحقق، من دون إذن القضاء، مع أشخاص خضعوا للتحقيق لدى الضابطة العدلية بإشارة من القضاء؟ لماذا لا يترك القضاء يقوم بواجبه؟ كيف يُهدّد أشخاصاً بالتوقيف في المطار إن لم يتعاونوا معه؟ وما هو مصير المحاضر التي نظّمها، علماً أنّ بعض المواطنين الذين حقق معهم ذكروا لـ«الأخبار» أنهم أُلزِموا بالتوقيع على محاضر ضبط بجرم التعرض لمدير عام الجمارك! وبناءً على أي نص قانوني أو اجتهاد قرر أن نشر فيديو جنسي مهين، ونسبته - كذباً - له، هو «جريمة جمركية» أو إهانة له في معرض القيام بوظيفته؟