بعد جهد انتهت الانتخابات التي اكتنفها العديد من علامات الاستفهام حول شكل القانون وإنتخاب المغتربين وعملية الفرز واحتساب النتائج. وما ان انتهت، حتى خيّم علينا شبح التجنيس من دون النظر في حق الجنسية لابناء الأم المتزوجة من غير لبناني، في مأثرة جديدة للطبقة السياسية التي تعاقبت على الحكم منذ اتفاق الطائف، والتي راكمت على اللبنانيين ٩٠ مليار دولار من الديون، في غياب أبسط مقومات الموضوعية والعدل او التخطيط او التطلع الى خطة اقتصادية.تم تجنيس اصحاب النفوذ المالي سابقا وحاليا بينما يئن اللبنانيون تحت وطأة لعنة الكهرباء التي ما زالت شبه مغيبة رغم اهدار اكثر من ثلث الدين العام على هذا القطاع، ولا يقبلون بانشاء المعامل التي هي حل جذري لهذه المهزلة، ناهيك عن أزمات المياه المزمنة في بلد المياه والفيضانات، وجبال النفايات التي لم يعتب عليها شاطئ ولم توفر نهرا أو وادياً او شارعاً من دون الإكتراث بحلول البيئيين، أضف إلى ذلك مشكلة البطالة المتفاقمة غير المسبوقة، وأكل حقوق الأجراء والمستخدمين والمياومين والمتعاقدين في القطاعات كافة الذين لم تطلهم السلسلة وغلاء المعيشة، وعدم الإلتفات إلى معاناة المزارعين ودعمهم بتصريف إنتاجهم، فضلا عن وضع حد لجشع التجار الذي لا ينتهي وتفعيل عمل رقابة حماية المستهلك. فيما الهدر والفساد منتشران في معظم مفاصل الدولة من دون حسيب او رقيب، ناهيك عن التفلت الامني الذي أصبح هاجس اللبناني اليومي المتمثل بجرائم القتل وعصابات السرقة والتهديد والابتزاز والترويع ولائحة الملفات المستهتر بها لا تعد ولا تحصى.
أما الطامة الكبرى فمتمثلة بتشكيل الحكومة وما يكتنفها من عقد وعقبات كما جرت العادة، أكانت من توزيع الحقائب السيادية والخدماتية وحشوها بوزارات دولة لا طائل منها سوى المصالح الضيقة وحصص كل فريق لترسيخ الهيمنة والمحسوبية.
المطلوب من الحكومة المنتظرة اذا ارادت ان تحظى ببعض ثقة الشعب ان تلتزم النسبية تجاه الكتل الموجودة وان تستحدث وزارتين سياديتين الاولى للتخطيط والثانية لمكافحة الهدر والفساد والمحاسبة تكونان من خارج الكتل النيابية، إضافة الى فصل النيابة عن الوزارة وإعطاء كل وزارة لاصحاب الإختصاص. وحينئذ يمكنها أن تحظى بثقة الشعب قبل المجلس النيابي لتصبح هناك فرصة لمنع الإنهيار الإقتصادي والمالي والإجتماعي والثقافي المتردي نتيجة مراهقات الطبقات السياسية المتعاقبة التي أوصلت الوضع إلى ما هو عليه لأننا أصبحنا في بلد أشبه بالعصفورية.
عباس حيوك ــــ عيتا الشعب