انتَ ليبرالي؟ أنا أكثر من ليبرالي. انا ليبرالي و«مكتّر»، كما يُقال بالعاميّة اللبنانيّة. انا اقطّر ليبراليّة. كم أنتَ ليبرالي، وبكم أنتَ ليبرالي؟ أترى كم أن السنيورة ليبرالي؟ وكم أنّ عوني الكعكي ومروان المعشّر ليبراليّان؟ أنا ليبرالي أكثر منهم جميعاً. «مش قليل». وكيف تتجلّى ليبراليّتك تلك، هات حدّثني؟ تتجلّى، يا صاحِ، أكثر ما تتجلّى في حب الحريّة. أنا أعشق الحريّة بكل أشكالها، مقليّة كانت أم مشويّة أو حتى «بانيه». وانا مع عصر التنوير أيضاً، لا تنس. يعني انت مع الحريّات؟ بالمطلق. بالمطلق. لا جدال في ذلك، ولا سؤال. هل هذا يُفسّر عداءك للنظامين السوري والإيراني؟ لأنهما معاديان للحريّة؟ بالضبط. لقد فهمتَني. لكن هل هذا يعني انك ضد القمع في أي مكان؟ قطعاً. في كل زمان ومكان. انا مع الحريّات قطعاً، وهذا هو إنحيازي الوحيد. ماذا عن علاقتك مع النظام السعودي، أو إرتهانك له بالأحرى، ورقصك للأمراء في «الجنادريّة»؟ انا مع النظام السعودي من باب الحريّة والحريّات والتحرّر.
يعني لا تناقض بين ليبراليّتك وبين النظام السعودي؟ حتماً لا. لكن أليس النظام السعودي نظام قمعي؟ لا. سلمان بن عبد العزيزي إصلاحي جدّاً وهذا ما يفسّر مناصرتي له. لكنكَ على ما أذكر ناصرتَ أيضاً عبد الله بن عبد العزيز في حينه، كما ناصرتَ فهد من قبله. هذا صحيح، لأن عبد الله كان أيضاً إصلاحيّاً، كما كان فهد. يعني فهد وعبدالله وسلمان إصلاحيّون؟ تماماً. لكن هل إصلاحهم ليبرالي النزعة؟ طبعاً. طبعاً. هل تراقب الإعلام السعودي؟ هناك وسائل إعلام تابعة للأمير خالد الفيصل وأخرى للأمير خالد بن سلطان وأخرى تابعة لصهر الملك فهد. هذا التنوّع في الآراء هو نسق من الليبراليّة الإقليميّة المحمودة. لكن ماذا عن قضيّة رائف بدوي؟ مَن؟ رائف بدوي. لا أعرف مَن هو. وأنا شاهدتُ علي حمادة وهو يُسأل من قبل جوزيفين ديب على شاشة «أو. تي. في» عن الموضوع وهو مثلي لم يسمع به. قد تكون القضيّة مزيّفة ومن اختلاق إعلام الممانعة. ماذا عن قطع الرؤوس؟ أليست هي متناقضة مع ليبراليّتك خصوصاً أن الأحكام تسري على مَن يدان بـ«الشعوذة» و«السحر» وتناول المخدّرات بالإضافة إلى مخالفة قوانين حظر العشق على الفقراء؟ لا، هي ليست متناقضة. ثم هناك نظريّة التقاطع. نظريّة التقاطع؟ لم أسمع بها. حدّثني عنها، رجاء.
أنا مثل السنيورة ومروان المعشّر وعوني الكعكي، من أنصار النضال الدبلوماسي

حسناً. نظريّة التطابق أو التقاطع تفسّر الكثير من مواقفنا نحن الليبراليّين العرب ومن الضروري تفسيرها لمَن يعصى عليه الفهم بسبب تشوّش الرؤية الممانعة. هات حدّثني، يا ليبرالي. نظريّة التطابق أو التقاطع تفسّر وتسوّغ تحالفي مع أنظمة معادية للحريّة والليبراليّة، وهي تسمح لي بهامش كبير من اللين والتقلّب والتناقض والبهلوانيّة الجنبلاطيّة. كيف ذلك؟ أعطيك مثلاً. نظريّة التقاطع تعني انني في الخندق الإقليمي نفسه مع العدوّ الإسرائيلي ومع حروب أميركا، لكن هذا ينصّلني من المسؤوليّة عنها. كيف هذا وأنت تتلقّى الدعم والعون من الحلف السعودي ــ الأميركي؟ هذا صحيح، لكن ذلك صدفة، أو قل هو تقاطع في المصالح قد يصل إلى درجة التطابق كما حدث في حرب تمّوز. وهل الصدفة هي خير من التحالف؟ هي كذلك. أي انني كنتُ في صفّ جورج بوش الذي دعم الفريق الليبرالي اللبناني المنضوي في حركة 14 آذار لكن هذا لا يعني انني أتحمّل مسؤوليّة عن جرائمه وعن عونه لإسرائيل (وانتَ تسمعني أكرّر مرّة واحدة كل سنة أن «إسرائيل عدوّ»). لكن إدارته هي التي أطلقت عليكم تسمية «ثورة الأرز». وما يعني هذا؟ هذه صدفة هي الأخرى. وماذا عن تقديمكم «درع ثورة الأرز» لجون بولتون الذي - بالإضافة إلى ليكوديّته المتطرّفة - يُعتبر في السياق السياسي الأميركي على نقيض الليبراليّة الأميركيّة؟ هذه صدفة هي أيضاً. نحن رمينا «درع ثورة الأرز» في الهواء وهو تلقّفها لما يتمتّع به من خفّة ومن رشاقة مميّزة. ثم لا تنسى التقاطع. اتفق ان سياساتنا تقاطعت مع الحكومة الأميركيّة. لكن، يا عزيزي الليبرالي، وثائق «ويكيليكس» أظهرت الحكومة الأميركيّة بمظهر الأم (غير) الحنون والراعي (غير) الصالح؟ هل كانت البرامج والسياسات الأميركيّة في دعمكم صدفة هي الأخرى؟ هي كذلك. يعني عندما كان بعضنا يناصر دولة العدوّ الإسرائيلي في عدوان تمّوز كان يفعل ذلك من دون أن يدري ان مواقفه (أو مواقفها) تطابقت أو تقاطعت مع مواقف ومصالح العدوّ الإسرائيلي. قد تكون مواقفنا ألهمت العدوّ وألهمت أميركا والغرب برمّته لكن هذا يعفينا من المسؤوليّة لأن الإلهام ربّاني، وإلا لا يكون. يعني أنت ربّاني؟ ربّاني ليبرالي، لو كنتَ تتوخّى الدقّة، يا عدوّ الليبراليّة.
حسناً. حدّثني عن ليبراليّتك نحو المرأة. نحن مع الحريّة للمرأة من دون نقصان. وكيف يتفق ذلك مع وضع المرأة في أنظمة الخليج التي ترعاكم وتحضنكم؟ موقفنا من وضع المرأة في دول الخليج هو موقف «مؤسّسة سمير قصير» نفسه من موقف الحريّات الإعلاميّة في دول الخليج. أي ان موقفك هو موقف اللا موقف؟ تماماً. لكنك مع حريّة المرأة في إيران؟ طبعاً، وبقوّة. لكن هل وضع المرأة في مملكة آل سعود أفضل؟ هي أفضل من حيث ان أمراء آل سعود يمعنون في تكديس الزوجات وفي التكديس هذا إعلاء لشأن المرأة ورفع من قيمتها المعنويّة والقانونيّة. هل تعني ان آل سعود وجدوا الحلّ الأمثل لمشكلة عدم المساواة؟ لا، لأن ليس كل الشعوب مثل آل سعود الذين يمارسون المساواة بين الرجل والمرأة في قصورهم وفي فنادق الغرب، وفي مواخير العالم. قل إنهم يمارسون المساواة صبح مساء. وماذا عن سخرية جمهرة الليبراليّين العرب من المرأة ومن شكلها ومن وصف مَن لا يعجبهم من النساء بـ«القبيحات»، اليست هذه العنصريّة الذكوريّة لا ليبراليّة؟ لا، هي ليست كذلك أبداً. هي ذكوريّة لكن ليبراليّة.
ماذا عن ليبراليّتك والعنف. هنا، أنا لي موقف حاسم. انا ضد العنف بالمطلق وانتَ تدرك انني أقاوم مقاومي إسرائيلي في المنطقة من منظور إيماني العميق بعدم جدوى العنف. انا - مثل السنيورة ومروان المعشّر وعوني الكعكي - من أنصار النضال الدبلوماسي الراقي. ألم ترَ كيف ان السنيورة حرّر مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وقرية الغجر عبر النضال السلمي الديبلوماسي المحض؟ لا، لم أرَ. كيف لم ترَ، يا مشاكس؟ ألم تلاحظ ان السنيورة إنتهج النضال الدبلوماسي؟ رأيتُ، لكنني لم أعثر على جدوى النضال أو على ثماره. لا، ستعثر، لو فتشت بتمعّن. لكن الأراضي اللبنانيّة المُحتلّة لا تزال محتلّة. هي لا تزال محتلّة، لكن التحليل الليبرالي يقول إن المسؤوليّة عن إحتلال الأراضي اللبنانيّة من قبل العدوّ الإسرائيلي هي من مسؤوليّة النظام السوري. وكيف ذلك؟ لأن النظام السوري لم يقدّم لنا وثيقة تقول بلبنانيّة مزارع شبعا. لكن مع علاقة هذه بتلك؟ هل تقصد انك تتجنّب تحميل إسرائيل مسؤوليّة إحتلالها لأراض لبنانيّة؟ لا، لكن قد يكون هناك «تقاطع» بين موقفي وموقف العدوّ الإسرائيلي لكن هذا محض صدفة. لكن ماذا عن تلال كفرشوبا وقرية الغجر، حتى لا نتحدّث عن أراض وقرى قضمها العدّو في 1948 وفي 1949؟ في هذا نحن من منظور ليبرالي لا نحمّل إسرائيل مسؤوليّة ذلك لكننا نلوم النظام الايراني لأنه لم يقدّم لنا وثيقة رسميّة بأن هذا الأراضي هي لبنانيّة. حسناً، لكنك بالمطلق ضد العنف ضد العدوّ. أجل، نحن الليبراليّين العرب نلتزم بنظريّة «جين شارب» في اللاعنف، لكن هذا لا يعني اننا ننبذ التحرّكات اللاعنفيّة الفعّالة، من نوع حمل الشموع والبقدونس وقرع الطناجر للإحتجاج. أوَ تمزح؟ قرع الطناجر؟ قرع الطناجر هي ممارسة لا عنفيّة أفتى بها المُرشد جين شارب في كتاباته وهي تليق بمجتمعنا وبتضاريس العالم العربي. ثم، أتدرك كم من الأوطان حُرّرت بواسطة قرع الطناجر؟ لا، لا أدرك. لم أسمع بوطن أو أرض واحدة حُرّرت بواسطة قرع الطناجر الاحتجاجيّة. كيف لم تسمع؟ ماذا عن مزارع شبعا؟ لننتقل لموضوع آخر.
ما هو موقفك الليبرالي، يا ليبرالي، من العدوان الخليجي على اليمن. لماذا تقول «خليجي»، هي «عاصفة حزم» سعوديّة. لكن هل تنكر الدور القطري والإماراتي في الحرب؟ ليس مسألة أنكر أو لا أنكر، لكن انا ليبرالي في جناح النظام السعودي، ولو أردت معرفة مواقف الليبراليّة العربيّة من النظام القطري أو الإماراتي عليك ان تحاور ليبراليّاً في جناحيْ النظام القطري أو الإماراتي. يعني انتَ تؤيّد «عاصفة الحزم»؟ بكل تأكيد. وبقوّة. لكن لماذا لم تقرع السعوديّة الطناجر الاحتجاجيّة ضد اليمن بدلاً من القنابل والصواريخ؟ لا، لا. لا تخلط شعبان برمضان. كما يقول أهل بيروت: «كل شي إله شي». لكن ظننت ان موقفك في العنف هو موقف مبدئي حازم؟ هو كذلك، ولذلك أنا أؤيّد «عاصفة الحزم»، بسبب حزم موقفي ضد العنف. لكن الحرب تلك هي عنفيّة مدمّرة. لا، من يقول ذلك؟ هذه عاصفة، والعاصفة لا تكون عنفيّة. العاصفة ظاهرة مناخيّة تظهر في نشرات الطقس، وهي غير العنف المنبوذ. لكن انتَ عارضتَ حتى اللجوء إلى رمي الحجارة من قبل الشعب الفلسطيني ضد جيش العدوّ، وقلتَ ان هذا الفعل هو غير حضاري. هو بالفعل غير حضاري. حجارة؟ مثل أولاد الشوارع؟ لا، لا يجوز. الغرب يناضل بالطناجر، ونحن نرمي القنابل والحجارة؟ عيب. لكن الغرب لا يناضل بالطناجر. هو يرمي بأسلحته الفتّاكة فوق رؤوسنا ليل نهار، لكنك تصرّ على ان الغرب هو لا عنفي. هو بالفعل لا عنفي. كيف ذلك؟ لأنه ليبرالي. كيف ليبرالي؟ الليبراليّة منبوذة في معظم دول الغرب، والصراع بين الحزبيْن في أميركا يدور على يمين الوسط، أي أن الحزب الديمقراطي منذ 1976 بات ينبذ الليبراليّة. ولم يسبق أن أعلن مرشّحاً ديمقراطياً عن ليبراليّته منذ حملة جورج مكغرن في 1972. الغرب ليبرالي بحكم لون البشرة، والليبراليّة تزداد وتقلّ بدرجة بياض أو سواد البشرة، وعليه فإن الرجل الأبيض أكثرنا ليبراليّة. حتى بوش؟ حتى بوش. تحقّق من لون بشرته. سأتحقّق في أوّل فرصة.
وماذا عن الحرب في سوريا. ما هو موقفك الليبرالي من العنف فيها. أنا من أشدّ المناصرين للعنف في سوريا ضد النظام لأن النظام استبدادي. هل هذا يعني انك مع العنف ضد الاستبداد؟ لا يمكنني إلا ان أكون كذلك بحكم ليبراليّتي. هل يعني انك مع العنف ضد الاستبداد في السعوديّة وفي الأردن وفي المغرب وفي قطر وفي مصر؟ المسألة المصريّة شائكة، لأن الليبرالي ذا المنحى السعودي يؤيّد الطاغية السيسي، فيما يعارضه الليبرالي ذو المنحى القطري. ها قد أجبتك. لكن ماذا عن الأنظمة الأخرى؟ ماذا عن البحرين؟ أنا مع قرع الطناجر في البحرين على أن تكون ضد التدخّل الإيراني فقط، لأن الأسرة الحاكمة هناك ليبراليّة الهوى. كيف ذلك؟ أليست هي تدور في فلك آل سعود؟ بلى. إذن هي ليبراليّة مثل الأمير مقرن الليبرالي. أي أنك ضدّ ان يثور الشعب البحريني عنفيّاً في البحرين؟ أجل. خصوصاً وان النظام هناك لا عنفي، ولا يقمع شعبه إلا بقرع الطناجر. أما في سوريا؟ في سوريا الوضع يختلف لأن النظام استبدادي (وليس هناك من أنظمة استبداديّة في العالم العربي والإسلامي إلّا سوريا و إيران فقط، كما تعلم) وهو على ذلك يستحق العنف، كل العنف ولا شيء إلا العنف. لكن أليس الاحتلال الإسرائيلي استبداديّ هو الآخر؟ لا، في إسرائيل الوضع مختلف. ألم تقرأ ترجمات أموس عوز الرقيقة، وهو ليبرالي؟ في سوريا ليس هناك من ليبراليّة، إلا ليبراليّة الثوّار. لكن مَن من الثوّار ليبرالي في سوريا؟ الكثير الكثير، أكثر من أن تستطيع ان تحصي على أصابع قدميك ويديك. هناك كتائب ليبراليّة متعدّدة تخوض غمار حرب ليبراليّة من أقصى سوريا إلى أقصاها. سمِّ لي هذه الكتائب، لو سمحتَ. هناك كتيبة جون ستورت ميل في دير الزور، وهناك كتيبة محمّد أركون في درعا، وهناك كتيبة أفراد من آل الحريري في الغوطة، وهناك كتيبة فولتير في حماه. هناك الكثير، كما قلتُ لك. لكن ماذا عن الجيوش الإسلاميّة والجهاديّة التي تسيطر على مختلف جبهات المعارضة. هذا كذب. كيف كذب؟ كذب. سليم إدريس مثلاً، هو أبرز قادة المعارضة المُسلّحة وهو ليبرالي ومهندس وطبيب وجنرال ومزّيكاتي ومُزيّن شعر أيضاً. أي أنه متعدّد المواهب. لكن سليم إدريس محدود التأثير والدور في سوريا. مَن يقول ذلك؟ أنا أقول. هذه دعاية مُغرضة، ثم لا تنسى ان سهير الأتاسي كانت تقود المعارضة المُسلّحة من دمشق، وهي ليبراليّة أيضاً. لكن هناك «داعش» وهناك «جبهة النصرة». «جبهة النصرة» ليبراليّة حتماً وهي تلقى كل الدعم من الأنظمة الليبراليّة في دول الخليج. لكن «النصرة» تنظيم وهّابي جهادي إرهابي، حتى بتعريف الراعي الأميركي؟ أضف صفة الليبرالي إلى النصرة أيضاً. ووليد جنبلاط يؤيّد النصرة، ووليد جنبلاط هو ليبرالي، ما يعني بالاستدلال المنطقي أن «النصرة» تنظيم ليبرالي. ماذا عن تنظيم «داعش»؟ أنا كليبرالي أستنبط انك وغيرك ممّن ينتقد «داعش» و«النصرة» مصابون بمرض الـ«إسلاموفوبيا». هل تعني ان كل نقد لـ«داعش» و«النصرة» هو عارض من عوارض الـ«إسلاموفوبيا»؟ طبعاً، هذا تشخيص مؤكّد. لكن أنتَ وباقي الليبراليّين والليبراليّات تنتقدون حزب الله بسبب عقيدته الدينيّة الإسلاميّة؟ طبعاً، لأن العقيدة الدينيّة الإسلاميّة تتناقض مع الفكر الليبرالي العلماني. لكن ماذا عن «داعش» و«النصرة» حتى لا نتحدّث عن الإخوان المسلمين؟ انتَ مرّة أخرى مصاب بعوارض مرض الـ«إسلاموفوبيا». تعالج قبل ان تُصاب بالحمّى. وماذا عن «حماس»؟ ما هو موقفك منها؟ «حماس» هي فصيل من فصائل النظام القطري، وهذا يسمها بالليبراليّة، لأن النظام القطري ليبرالي، لكن في هذا عليك ان تتحاور مع ليبرالي في الجناح القطري، لأنني كما تعلم أقع في الجناح السعودي. وهل هناك من عنف تنبذه في سوريا من باب لاعنفيّتك؟ أنبذ عنف النظام. ماذا عن العنف المقابل؟ العنف المقابل ليس عنفاً، هو لاعنف يكتسي طابع العنف المفرط، أفهمتَ الفارق؟ حسناً، لننتقل إلى موضوع آخر.
كيف توفّق بين ليبراليّتك وبين تحالفك مع أكثر القوى اليمينيّة (اقتصاديّاً) يمينيّة، من الحريري في لبنان، إلى أصحاب المليارات في مصر والأردن، إلى أنظمة الخليج كلّها؟ كل هذه الحركات والأنظمة والقوى تقف على طرف نقيض من الفهم الليبرالي لدور الدولة في تحقيق حد معيّن من العدل الاجتماعي. أليس هذا تناقض صارخ في اعتناقك؟ لا، أبداً. كيف ذلك؟ أنا ليبرالي رأسمالي. أفهم ذلك، لكن الليبراليّة الرأسماليّة تقبل بـِ - لا بل تصرّ على - مشاركة الدولة في الحدّ من الإثراء وفي رفع مستوى المعيشة للطبقات المسحوقة والطبقة الوسطى. أنتَ يا سي ليبرالي، متحالف مع قوى ماليّة تريد تحديد دور الدولة في الاقتصاد على طريقة المحافظين في الغرب، لا الليبراليّين. ماذا؟ هل انتَ تهذي من حمّى الـ«إسلاموفوبيا» مرّة أخرى؟ لا، انا أسأل عن فهمك لدور الدولة في تنظيم الاقتصاد وفق المفهوم الليبرالي. وأنا من منظور ليبرالي أرى ان أصحاب المليارات لا يريدون إلا الخير وعمومه على الجميع، وعليه يجب على الدولة ان تحدّ من دورها المشؤوم في السوق وأن تترك لأصحاب المليارات ان يكنزوا الذهب والفضّة والدولارات والريالات من أجل إعلاء شأن الاقتصاد. ثم، مَن قال إن الليبرالي يمكن له أو لها مخالفة نصح البنك الدولي و«صندوق النقد»؟ أليست المؤسّستان ذروة الليبراليّة؟
ماذا عن احتضان الليبراليّين العرب ليساريّين سابقين. ما هو السرّ في ذلك؟ كيف ينتقل يساري سابق جاهر إلى الدعوة إلى تحقيق المجتمع الاشتراكي والشيوعي من بعده، إلى الهتاف للحريريّة والسعوديّة؟ وما الغرابة في ذلك. هو «رأى الضوء» كما يُقال باللغات الأجنبيّة. لكن أليس الانتقال من الفكر الماركسي إلى الليبرالي الرجعي اليميني نقلة أكثر من نوعيّة؟ لا أبداً. هل أن إغراءات مال النفط والغاز مؤثّر. كفّ عن تلك الخزعبلات والاتهامات. ثم أليس المال الإيراني مؤثّر في الإعلام العربي؟ هناك حيّز للمال الإيراني في الإعلام العربي، صحيح، لكنه حيّز صغير وهامشي. ثم، هل انتَ تزعم ان المال السوري والإيراني يشتري الناس ويُغيّر في القناعات مثلما يفعل المال السعودي؟ هل ان المرتّبات في وسائل الإعلام السوريّة والإيرانيّة مثلها مثل المرتّبات في وسائل إعلام النفط والغاز؟ ثم من يعاني في فرص العمل اكثر في العالم العربي؟ الذي يتفيّاً في مضارب النفط والغاز أم الذي يتفيّاً في معسكر الممانعة؟ هذا لا يهم إذا كانت الوجهة ليبراليّة. ونحن نبيت ونصحو على الليبراليّة. بالمناسبة، انا كنت دوماً متسائلاً: هل ان الأمير مقرن ليبرالي؟ جدّاً. هو من أكثر الأمراء ليبراليّة، لماذا تسأل؟ لأن فريق الليبراليّين العرب انتشى عندما عُيّن وليّاً للعهد. هذا صحيح، لكننا ننتشي بتعيين غيره لأنهم كلهم ليبراليّون. ابن باز، هل هو ليبرالي أيضاً؟ هذا من أشدّهم ليبراليّة.
صراحةَ، صراحةً، أجد صعوبة بالغة في تصديق زعمك الليبرالي بناء على ما سبق. أشكّك في ليبراليّتك. أعطني فرصة أخرى. دعني أثبت لك وللمرّة الأخيرة أنني ليبرالي، بجدّ. حسناً، أثبت ذلك. أنا أحبّ الحريّة حبّا جمّاً. ألا يكفي هذا الإعلان لإثبات حسن نيّتي وصدق ليبراليّتي؟
* كاتب عربي (موقعه على الإنترنت:angryarab.blogspot.com)