«هل الراقدون هنا يعرفون لما ماتوا؟وهل آمنوا حين لبّوا النداء
هل حقّاً آمنوا أن هذه الحرب ستنهي الحروب؟»
من أغنية «حقول فرنسا الخضراء»، إريك بوغل


لا يمكن للمتابع في العالم الذي نعيشه اليوم أن يتجاهل عامل الأقليات العرقية والإثنية وتأثيره في مجرى السياسة والأمن في الدول التي تتوزع فيها. ويمكن ملاحظة التأثير الأكبر في المستعمرات السابقة والتي تحولت إلى دول قومية، اقتداءً بالمُثل الأوروبية، مع انتصاف القرن العشرين. وفي معظم الحالات تحول الصراع مع هذه الأقليات إلى صراع عنفي في حقبة أو أخرى من تاريخ هذه الدول، ما أعاق تقدمها لعقود.
وأيضا لا يمكن عزل حدّة هذه الصراعات عن تدخّلات الدول الاستعمارية لتأجيجها، في سبيل خدمة مصالحها. وبعض هذه الصراعات استمر لعقود، استنفذت حياة وطاقات خيرة الشباب في مناطق الصراع، بدلاً من استغلالهم في بناء مجتمعات مزدهرة. ومن أبرز الأمثلة على هذه الصراعات الطويلة صراع الكاين (أو الكارين) مع البورميين في ميانمار (بورما سابقاً).

أرض الورود

يقول يوكو كورويْوا ومايكل فِركويْتِن، في مقالتهما البحثية «سرديات وتشكيل هوية مشتركة: الكارين في بورما»، أن الكاين يزعمون أنهم من أوائل الشعوب المستعمرة لبورما، وهم يتوزعون ما بين بورما وتايلاند. ولكن الكاتبين يعيدان في المقابل أصل تشكل الشعور بالشعوبية والانتماء الإثني عند الكاين إلى تأثيرات المبشرين المعمدانيين الأميركيين الذين بدأوا التبشير في بدايات القرن التاسع عشر. ويريان أن إدخال المبشرين للكتابة النصوصية على لغات الكاين عبر إصدار الكتب والدوريات والصحف، بالإضافة إلى تعليم القراءة والكتابة وشبكة العلاقات والجمعيات التي نسجتها الكنائس بين مجتمعات الكاين المحلية المختلفة، كل ذلك طور الشعور القومي ــ الإثني لدى الكاين (القومية ــ الإثنية هي القومية التي تُعرف حدودها بحدود العنصر الإثني داخلها).
وفي عام 1881 تألفت «الجمعية الوطنية للكاين» بهدف تطوير أوضاع مجتمعات الكاين الاقتصادية والاجتماعية.
ويوصّف كاتبا المقال هذه الجمعية بأنها أول شكل مُمأسس حاول جمع الكاين على اختلاف لغاتهم وأديانهم وتوزعهم الجغرافي. ويضيفان بأن «الإصلاحات الإدارية» التي طبقها الاستعمار البريطاني مع نهايات القرن التاسع عشر حولت الجمعية إلى مؤسسة قومية ــ إثنية بكل ما للكلمة من معنى، بالإضافة إلى أن هذه «الإصلاحات» أشعرت قادة مجتمع الكاين لأول مرة بأن مصالحه السياسية مختلفة عن مصالح الأغلبية البورمية. ومع حلول عام 1928 طالب «سان بو»، عضو «المجلس التشريعي في بورما» (مجلس استشاري لسلطات الاستعمار)، بدولة مستقلة للكاين، في أول إعلان رسمي عن طموح الكاين القومي ــ الإثني بالاستقلال.
وفي الحرب العالمية الثانية حافظ الكاين على علاقات ممتازة مع البريطانيين بالرغم من الاحتلال الياباني للبلاد، وساهموا بشكل كبير في تسهيل عمليات البريطانيين ضد اليابانيين. ولكن مع ظهور ملامح استقلال بورما بعد الحرب لم تبدُ دولة الكاين المستقلة أقرب. تقول دوروثي وودمان، في كتابها «صناعة بورما»، أن البريطانيين وجدوا في الأقليات ولا سيما الكاين خط الدفاع الأمثل ضد المد الشيوعي، ولكنهم لم يكونوا في وارد دعم مطالبهم بدولة مستقلة، لأسباب عدة أهمها ضعف الحاكم البورمي «يو نو». وقد وصّف وينستون تشيرتشل الموقف البريطاني بالخيانة نظراً إلى ما قدمه الكاين للبريطانيين ما قبل وخلال وما بعد الحرب.
وبسبب هذا التردد في دعم سعيهم للاستقلال، شكّلت جمعيات الكاين «تجمع الكاين الوطني»، الذي أعلن في عام 1949 قيام دولة «كاوثولي» أو أرض الورود. وعلى إثر هذا الإعلان اندلع صراع مسلح بين الكاين والجيش البورمي، كانت للبريطانيين يدٌ طولى في تسعيره عبر مد الكاين بالسلاح في الوقت نفسه الذي كانت تلتزم فيه الحكومة البريطانية مبدأ وحدة أراضي بورما. وتظهر وودمان حرص البريطانيين على عدم اصطفاف الكاين، في أي مرحلة، مع الشيوعيين الذين كانوا قد شكلوا بدورهم جبهة مسلحة. ومع مرور الوقت «تشقق تجمع الكاين الوطني» إلى مجموعات مسلحة كل منها يحمل مشروعاً، ولم يبقَ منها إلا مجموعة واحدة تحلم بدولة مستقلة حتى اليوم.
استغل البريطانيون الكاين بشكل فعال منذ الأيام الأولى لوصولهم إلى بورما عام 1887، وتطوّرت وجهات استغلالهم مع تطور الحس القومي ــ الإثني لدى مجتمعاتهم.
ولكن كيف يتطور الشعور القومي ــ الإثني؟
تُظهر قراءة تجارب الحركات الكردية أنها تعرضت للاستغلال في ملعب الدول المتصارعة

تطوّر المائع

يفرق أنثوني سميث، في كتابه «القومية: النظرية، الأيديولوجيا، التاريخ»، بين القومية ــ الإثنية والقومية «التطوّعية» (المبنية على حدود جغرافية للدولة). فيقول إن العامل الإثني أساسي في أي نوع من القومية، ولكنه أكثر ظهوراً في القومية الإثنية. فالانتماء الإثني العضوي والجذري الأساسي هو محور القومية ــ الإثنية.
ويضيف سميث، إلى شرحه هذا، بعض النظريات، ومنها نظرية هيو سِتون واتسون التي يذكر منها التفريق ما بين القومية في الدول القومية في أوروبا الغربية «الدول القومية القديمة» والقومية في الدول القومية المصطنعة، حيث يطغى العامل الإثني في صناعتها (وهي الدول التي نتجت عن عملية تفكيك الشكل الاستعماري القديم بعد الحرب العالمية الثانية).
وعليه فإن وجود الوعي الإثني عند جماعة ما، هو الأساس في وجود حسّهم القومي ــ الإثني. ويشرح الأنثروبولوجي فريدريك بارث، في كتابه «المجموعات الإثنية والحدود»، علاقة «الشكل الثقافي»، الذي يمكن استعماله لتوصيف الجماعة، بالبيئة. والبيئة هنا ليست حصراً على الطبيعة، بل تتعداها إلى كل الظروف المحيطة التي يجب أن يتأقلم معها «المؤثّرون». ويرسم في كتابه صورة عن مفهوم مائع للإثنية، يتفاعل مع اختلاف محيطه، فنرى ثقافات فرعية مختلفة داخل المجموعة الإثنية نفسها.
ولكن أهم ما يقدمه بارث هو فهمه لكيفية تحديد الهوية الإثنية، فهو يربط بين موقع المجموعة من مفهوم «المجتمع الصناعي» والمنحى الذي ستتخذه هذه المجموعة في تطورها. ويضع هذا التطور في يد «المؤثرين»، أي النخب، في حالات المجتمعات غير الصناعية. فهذه النخب ستتخذ طريقاً من ثلاثة: إما أن تحاول دخول المجتمعات الصناعية المحيطة بها، أو أن تقبل بوضعها كأقلية، أو أن تذهب باتجاه بلورة هوية إثنية خاصة بها.
ويضيف بأن العامل الأكثر تأثيراً في التوجه نحو الخيار الثالث هو الاحتكاك القوي بمجموعات إثنية أخرى. فهذا الاحتكاك، على عكس ما يظن البعض بأنه سيقصّر المسافات بين المجموعات، فهو يسهل تعريف الحدود الإثنية ــ الثقافية للجماعة ويدفع نحو تقوية الروابط داخل الجماعة نفسها.
فالانتماء الإثني مفهوم مائع، يخضع لعوامل تدفع إلى بلورته أو الحد منها. وهذا الانتماء، بما هو الحجر الأساس في القومية ــ الإثنية، يدفع بتطوّره تطور الحس القومي.

كردستان: حلم واحد، أحلام كثيرة

ويوجد في منطقتنا مثال واضح وحديث نسبياً عن تطوّر الهوية القومية ــ الإثنية لمجموعة مجتمعات أدى إلى تطور نزعة استقلالية عندها، وهو الأكراد. وفي كتابه «ظهور القومية الكردية وثورة الشيخ سعيد»، يعدد روبرت أولسون أربع مراحل من تطور هذه القومية. المرحلة الأولى هي ثورة الشيخ عبيد الله النِهري، والمرحلة الثانية هي مرحلة الخيالة الحميدية التي تشكّلت عام 1890 إلى الحرب العالمية الأولى، أما المرحلة الثالثة فهي الحرب العالمية الأولى ومعاهدة «سيفر»، بينما المرحلة الرابعة هي أحداث العقد الأوّل ما بعد الحرب.
ويوصّف أولسون حراك الشيخ عبيد الله بأول وعي قومي كردي، وكان الشيخ عبيد الله النهري قد بدأ بالتوسع في الأراضي الكردية في شرق الامبراطورية العثمانية على إثر الحرب العثمانية ــ الروسية بين عامي 1878 و1879. ويسرد وديع جويدة، في كتابه «الحركة القومية الكردية: نشأتها وتطورها»، كيف أجبرت الحرب السلطان عبد الحميد الثاني على تعيين الشيخ عبيد الله قائداً للحرس الكردي على الحدود الشرقية للإمبراطورية. ومن ثم يعلق على بعض المراسلات البريطانية (رسائل من ممثّلي بريطانيا في تبريز وطهران وأرض روم إلى حكومتهم) التي تشرح خطط عبيد الله بتوحيد أراضي الأكراد في إيران والامبراطورية العثمانية ضمن دولة واحدة. فيقول إن الشيخ عبيد الله وضّح ثلاثة أسباب لسعيه: الأول هو التشابه العرقي واللغوي والثقافي بين المجتمعات الكردية، والثاني هو انتشار الفوضى في بلاد الأكراد، بينما الثالث هو الخوف من الصعود السياسي والاجتماعي الأرمني.
ويبدو أن السبب الأبرز كان الخوف من الصعود الأرمني، فيفرد جويدة مساحة معتبرة ليستعرض أقوال الشيخ عبيد الله التي يشرح فيها خوفه من الدعم الغربي لقيام دولة أرمنية ابتداءً من مدينة فان (جنوب شرقي تركيا اليوم) جنوباً وتتمدد شمالاً إلى الحدود الروسية.
ويشرح جويدة أن الدعم التركي الذي تلقاه عبيد الله في بداية حركته كان لإفشال مقررات معاهدة صلح برلين (التي أنهت الحرب آنفة الذكر) المتعلقة بالأرمن من جهة، ولمحاولة ضم الأراضي الكردية في إيران إلى الامبراطورية من جهة أخرى.
وعند هزيمة الشيخ عبيد الله أمام الجيش القاجاري، عاد ليتحصن في شرق الإمبراطورية العثمانية، حيث ألقى العثمانيون القبض عليه فنفوه إلى اسطنبول بداية وإلى الحجاز فيما بعد، حيث توفي عام 1883.
أما المرحلة الثانية، وهي مرحلة الخيالة الحميدية، فيسرد ديفيد مكداول في كتابه «تاريخ معاصر للأكراد» كيف تشكلت فرقة الخيالة المسماة على اسم السلطان. وقد كانت الغالبية العظمى من أفرادها من رجال القبائل الكردية، ولم تندمج كباقي فرق الجيش وحافظت على التقسيم القبلي بين الوحدات المختلفة، فكان قادتها زعماء قبائل يقود كل منهم رجال قبيلته فقط. بالإضافة إلى هذا كانت هذه الفرقة تحصّل رواتبها مباشرة من الفلاحين لا عن طريق الباب العالي. وعلى الرغم من القتال المتجدد بين الفينة والأخرى بين وحدات هذه الفرقة، على خلفيات قبلية، إلا أن الحميدية ساهمت في إنشاء حس عسكري موحد لدى أكراد الأناضول. ولكن أبرز ما ذكره مكداول كان دور فرقة الخيالة في تطويع الأرمن في مناطق وجودها، وهنا عدّد المجازر التي ساهمت فيها هذه الفرقة ضد الأرمن بدءاً من عام 1891.
والمرحلة الثالثة نتج عنها الوعد باستقلال الأكراد في معاهدة «سيفر»، حيث كان الاعتراف الدولي الأول بـ«المسألة الكردية» وحق تقرير المصير. ولكن حتى في هذه المرحلة لم تكن القومية الكردية قد تبلورت بشكل كامل بعد، فيشرح مؤلفا كتاب «المسألة الكردية وتركيا» (كمال كرسجي وغاريث وينرو) تضعضع القيادات الكردية بين مطالب بالاستقلال (الموجودون في سيفر) والمتماهي مع المقاومة التركية للاحتلال الغربي لشرق الأناضول (مثلا 22 من 56 من أعضاء مؤتمر أرض روم الذي دعا لمقاومة الاحتلال الغربي كانوا من الأكراد). وانقسم الاستقلاليون أنفسهم بين من أكراد «كردستان» واحدة، وبين زعماء قبليين أرادوا أن يقيموا إمارات وممالك فوق الأراضي التي ولى العثمانيون أجدادهم عليها حتى عادت إلى سيطرة الدولة مع دخول «التنظيمات» (مجموعة قوانين عثمانية هدفت إلى تعزيز مركزية الدولة) حيز التنفيذ في عام 1839.
وأما المرحلة الرابعة، فقد شهدت مجموعة حركات انفصالية متفرقة في غرب إيران وشرق تركيا وشمال العراق. يستعمل كمال كرسجي وغاريث وينرو غياب التواصل والتنسيق بين هذه الحركات للتأكيد على أنه حتى في تلك المرحلة لم يكن الوعي القومي الكردي قد اكتمل بعد، وأن هذه الحركات كانت مدفوعة بطموح زعماء قبليين محليين للسيطرة وتوسيع رقعة سلطتهم. وللمزيد من التأكيد على نظريتهما هذه يضربون مثلاً العلاقة ما بين الشيخ محمود البرزنجي (السليمانية) وشريف باشا ممثّل الأكراد في مؤتمر «سيفر» والداعي إلى استقلال كل «كردستان». لم يهتم الشيخ محمود بعروض شريف باشا وفضّل المضي قدماً بمشروع إقامة مملكة في ما يُعرف بجنوب كردستان، من دون شرق الأناضول وغرب إيران. وكذلك لم يتعاون الشيخ محمود مع اسماعيل آغا المنتفض في الفترة نفسها في الشمال الغربي لإيران.
ونتج عن عدم اكتمال الوعي القومي الكردي فرصة للتلاعب بالأكراد ضمن الصراع القائم في المنطقة في حينها. وركّز أولسون على سرد تجربة الشيخ محمود في قراءته لتقييم الأداء البريطاني تجاه المسألة الكردية وتعداد تغيرات موقف بريطانيا منها. فيوضح أن أول المساعي البريطانية مع الأكراد كان دعم إقامة كردستان موحدة عملاً بمعاهدة «سيفر». ولكن سرعان ما تراجعوا عن هذه السياسة بعد ثورة الشيخ محمود الأولى عام 1919، حيث حاول أن يقيم دولة في شمال العراق فقط، بعدما تبين لهم صعوبة إقامة دولة موحدة للأكراد. من ثم اتجهت السياسة البريطانية صوب دعم ثورات كردية، ونصّبت الشيخ محمود حاكماً على أكراد العراق ضمن سعيهم للحد من الطموح التركي شرقي الأناضول. وكان الجيش التركي قد بدأ يحقّق بعض الانتصارات ويتجه إلى ضم مناطق شرقي الأناضول نهائياً إلى تركيا، على عكس ما نص عليه البند الـ62 من معاهدة «سيفر». ولكن الدور الأكبر للشيخ محمود كان في مرحلة الصراع البريطاني التركي على الموصل، فتركيا كانت تعتبر المحافظة من أراضيها التاريخية. يتحدث كرسجي ووينرو عن سياسة متقلبة اتبعها الشيخ محمود حاول من خلالها الحفاظ على حظوته عند الطرفين في سبيل الحصول على مملكته. وكان يطلب الدعم البريطاني لينتفض ضد الأتراك، ويطلب الدعم التركي ليحاول طرد البريطانيين. ولكنه في النهاية فشل في كل مساعيه.
توضح لنا المرحلتان الأوليان محورية الأرمن في تشكيل الوعي الإثني ومن ثم القومي الكردي. فالتماس معهم (وهم تشاركوا شرق الأناضول بشكل كبير حتى الحرب العالمية الأولى) والخوف من حصولهم على مواقع أفضلية في أماكن وجود الأكراد دفع نخب الأخيرين إلى الاجتهاد في تعريف «حدودهم» القومية ــ الإثنية.
أما المرحلتان الثالثة والرابعة، فتسلطان الضوء على مشكلة عدم اكتمال هذا الوعي القومي بشكل كاف لتشكيل جبهة واحدة لبلورة قضية قومية واضحة. لا بل يظهر من خلال قراءة تجارب الحركات الكردية ما قبل وما بعد الحرب العالمية الأولى أنها تعرضت للاستغلال في ملعب الدول المتصارعة، حيث حاول كل طرف استعمالها لغاياته. ويبدو من أحداث السنوات الأخيرة ونتائجها، أن هذا الوعي الواضح لا يزال في طور التشكّل عند قيادات ونخب الأكراد، ولم يصل إلى مرحلة بلورة نظرة واضحة تتعدى أقصر المصالح أجلاً.

هل ينقشع الضباب؟

لا شك في أن الأكراد قد تعرضوا للكثير من الظلم منذ معاهدة «سيفر» إلى الآن. وبعض هذا الظلم كان من النوع الذي لا تحتمله أي شرعة من شرع الإنسان المعاصرة. ولكن هذا لا يعني أن تستمر معظم النخب والقيادات الكردية في أخذ شعوبها إلى قراءات تفترض أن مصالحها بعيدة عن مصالح الشعوب الموجودة على تماس معها، كما فعل الكاين. ويبقى السؤال هل سترتقي هذه القيادات والنخب لتشكل وعياً قومياً واضحاً تتوجّه به إلى محيطها، أم ستُبقي على الضبابية والاتجاه نحو أقصر المصالح أجلاً، وهي «جزرة» المستعمر الدائمة؟
الإجابة على هذا السؤال تحدد مصير الأكراد قبل مصير باقي الشعوب، هذا وإنه لا يمكن الركون إلى المستعمر والثقة بأنه سيمنحهم دولة مستقلة موحدة أو حتى مجزّأة، وتجاربهم في الماضي خير مثال.
*باحث لبناني