ليس معلوماً كيف سيدوّن التاريخ «قصة شعب» يتربّع على سدة «أفقر الشعوب العربية»، وزاده «التحالف السعودي» ــ المتخم بكل شيء عدا العقل ــ بأن أكرمه بمنحة مستمرة للعام الثاني على التوالي، متمثلة في «هذا العدوان المرصع بشرعية الغاب، وشريعة الذئاب»، والذي لم يبخل بشيء من أدوات القتل ومساحيق الإبادة الجماعية إلا أهداها للريف كما للحضر، مخصصاً الطفولة اليمنية بفائض من الحب والحنان، حين جعل من الأطفال في أولويات المستهدَفين بتلك الهدايا. إذ وصلت نسبة من «أرضعوا القتل» بالطيران إلى أكثر من 60%ً وفقا لإحصائيات أممية (تراجعت الأمم المتحدة عنها لاحقاً نزولاً عند رغبة «جلالة الملك»)!؟أقول كيف لتاريخ أن يكتب عن هكذا شعب لم يسقط أمام تلك «الإغراءات» القاتلة والمميتة... ومن الحب ما قتل. بل يزيد أن يفاجئك بأن يخصص كل عام «لزهرة المدائن» يوماً يتذكرها، ويشتمّ عبيرَها وفي «يتيم أيام السنة» «يوم القدس العالمي» يحتشد لها ـ كما لو أنه على الأرض وحده من يعشقُها ـ، متمايزاً عن شعارات مناوئيه (محبيه القتلة)، ومتميزاً عليهم في خصوماتهم الموغلة في وحل العرقية والمذهبية والطائفية». يقفز عنها إلى ما فوقها من «الروابط الجامعة»، صانعاً من جراحاته ودمه النازف بطائرات «خادم الحرمين»، جدارية كفاحية وسط جبال مدينة سام بن نوح (العاصمة صنعاء)، بما لو قُدِّر لهذا العالَم الأعمى أن يراها كما هي. وفي ظل حصار وتهديد بالاقتحام لانحنى إجلالاً وإعظاماً لريشة ذلك الفنان الذي تُنسب إليه تلك الجدارية، ولقال: اللهم إن كانت هذه هي الحوثية فأنا حوثي! وأن بلداً يحتضن هكذا جدارية فأكرم وأنعم، وأنه يمنٌ لا بد يوماً كائن سعيداً بصنعته، شامخاً بصنعائه، رغم أنف المتفائلين بقرب تحطيم وتهشيم «جداريته اليمانية الفلسطينية الحوثية» الفريدة!
* اعلامي يمني