ما نراه اليوم بلا رتوش، بأن تباطؤ توسّع الكيان الصهيوني جغرافياً، لا يعني عدم توسعه فعلياً! فقبل أن يُعلن الكيان في فلسطين بالتوازي تقريباً مع الإعداد له، أُقيمت له مرتكزات في الوطن العربي والمنطقة، بُنيت بهدوء وإتقان:
ــ تقسيم الوطن العربي طبقاً لسايكس - بيكو مع خلق حبل سرِّي بين وجود وبقاء الأقطار العربية والكيان الصهيوني.
ــ تقسيم مهام وواجبات في الجزيرة العربية بدعم سلطة آل سعود الوهابيين، وما كُتب بخط اليد الرديء لعبد العزيز آل سعود عن تأييده لإعطاء فلسطين لليهود صار معروفاً.
ــ إلحاق هزيمة بالهاشميين ليقبلوا بمهمة حكم سوراقيا لتفتيتها (أي ليكون لكل أخ مملكة) بشرط العمل على إقامة الكيان وحمايته وخاصة النظام الأردني.
ــ إقامة الكيان الملكي المغربي تحت زعم أنه من الأشراف والذي طرد اليهود المغاربة من الكيان فيما حافظ على علاقات سرية خطيرة مع الصهاينة.
ــ إنشاء قوة البرزاني تحت زعم تمثيل الأكراد.
ــ موضعة تركيا في الناتو كحليف حقيقي للكيان الصهيوني.
وفي النهاية إقامة الكيان الصهيوني.
مصالح بعض الكيانات
العربية دفعتها للمشاركة
في حرب سوريا

وللتكثيف، هناك خمس قواعد لحماية الكيان: نظام المغرب، ونظام الأردن ونظام السعودية والنظام التركي والإقطاعيون الكرد. لا فرق بينها.
وبكلام آخر، لولا هذه المرتكزات لم يكن للكيان أن يبقى رغم كل التبني الإمبريالي الغربي. أما اتفاق كامب ديفيد، واوسلو-ستان ووادي عربة ووجوده في قطر ودُبي، وفي قلوب الكثيرين، فقد أتت لتطرح شكلاً جديداً لتوسع الكيان فعلياً، وإن لم يعد يتوسع جغرافياً كما يخطط ويحلم ولن يتوقف.
هذه القواعد أو المرتكزات أو الاتفاقات هي نفسها استطالات للدور والمصالح الصهيونية مما لا يجعل التوسع الجغرافي وحده هو الخطر.
تضمنت هذه الاتفاقات إشراكاً في البنى التحتية سواء باتفاقات غاز وطرق وكهرباء ما يخلق شرائح اجتماعية تتضرر من أي وقف للعلاقة بالكيان، فما بالك بحرب معه.
لا بل إن مصالح بعض الكيانات العربية مثل قطر دفعتها باتجاه المشاركة في حرب وتمويل حروب لاحتلال سوريا لتسيير أنابيب غاز ونفط عبرها إلى تركيا فأوروبا.
أما الظهور العلني للعلاقات السعودية الصهيونية، فهي تُنبئ بما هو أخطر بمعنى تولي الكيان «حماية» النظام السعودي ما يؤدي إلى تشغيل وتمويل ماكينته العسكرية بالتشارك مع الغرب الأوروبي والأميركي. وفي الإطار نفسه يمكننا إدراج العلاقات القطرية التركية.
وهذا يعني استمرار الزعم بأن إيران خطر على الخليج، وهو ما قد يؤدي إلى خلق جامعة عربية تقودها سلطات تل أبيب تحت تسمية ما.
ما نقصده أن القواعد التي اقيمت لحماية الكيان قد دخلت مرحلة العلانية:
ــ تركيا تعلن ان علاقتها بالكيان هي لصالح المنطقة.
ــ دُبي تعلن الاعتراف بالكيان من دون تفسير لماذا.
ــ السعودية اطلقت تأكيدات عدة على تحالف حقيقي مع الكيان.
ــ كردستان العراق تبيع الكيان نفط سوريا والعراق.
ــ الكيان يجاهر بأن علاقته بالأردن قديمة ومستقرة ليس سياسياً فقط بل وأمنياً واقتصادياً.
ــ المغرب يخدم الكيان عبر دوره بعدم حصول اي توافق بين دول المغرب العربي وخاصة دورها ضد الجزائر.
لا يتناول هذا الحديث ما يستفيد منه المركز الإمبريالي من وجود الكيان وعلاقته بالأنظمة العربية بما هو ـ اي الغرب ـ المشغِّل للكيان.
* كاتب فلسطيني