تمكن حلفاء أميركا في فنزويلا من الفوز في الانتخابات البرلمانية، بعدما عمدوا الى إخفاء المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية، التي يستوردها كبار التجار الاغنياء، وحرمان الاسواق منها، بالتزامن مع نجاح السياسة الأميركيّة في المساهمة بشكل رئيسي وفعال في جعل سعر برميل النفط ينخفض الى 38 دولاراً، وكل ذلك أتى غداة إفشال المخابرات البوليفاريّة محاولة لإطاحة الرئيس مادورو، بواسطة انقلاب فاشل نُفّذ في 12 شباط 2015، ولا شك في أن تأثير الرهان على بعض شرائح ضئيلة من الفقراء، جعل الفريق الموالي للإمبريالية يفوز في الانتخابات.
وتهدف أميركا من ذلك الانتصار، الذي تحقق بواسطة مالها وإعلامها، الى بدء مسيرة تسللها شيئاً فشيئاً الى الداخل السياسي الفنزويلي، لتقويض المفاعيل القوية للثورة، بهدف سرقة النفط البرليفاري. والنفط هو مستعبد الشعوب، كما قال يوسف ابراهيم يزبك، أحد مؤسّسي الحزب الشيوعي في لبنان. من هنا لا بد لأميركا لإقامة حكومة سيطرتها الأحادية القطب على العالم، من المواظبة على الاستمرار في رجم الفقراء المقاومين بالنار والحديد وقتل أطفالهم ونسائهم وشيوخهم. فالمقاومون الفقراء يشكلون العقبة الوحيدة أمام تحقيق حلمهم. وبالمناسبة، فإن هربرت غانس، العالم الاجتماعي الاميركي الشهير، كان قد وصف فقراء العالم بالكسالى الذين لا يستحقون الحياة، ووصف نساءهم بالمهووسات بوباء النزعة الرذيلة الى النكاح المبكر لإنجاب المآسي الى الحضارة.
انطلاقاً من هذه الأضاليل والافتراءات، تستمر أميركا في تنفيذ سياسة اسرائيل الاسطورية التي تبناها الغزاة الانكليز الاوائل، والقائمة على احتلال أرض الغير، واستبدال ثقافة الارض المحتلة بثقافة المحتلين، على قاعدة قدرة التوسع اللانهائي عبر التضحية بالآخر لجلب الخلاص للعالم!
أما حجب رؤية شاشتي الميادين والمنار في دول خليجية وأوروبية وأفريقية، وفرض عقوبات اقتصادية على المنار، فمردّهما إلى خسارة أميركا لجولات عدة من الغزو أمام المقاومين في لبنان وسوريا والعراق. لذا كان اتهام الاعلام العربي بشقه المقاوم بالارهاب، واغتيال المناضل البطل الشهيد سمير القنطار، لأنه قهرهم وعاد الى مقاومتهم بشراسة طاهرة، فغدوره بقاذفة تلمودية وحشية. لقد وصف ديك تشيني قسماً من الاعلاميين العرب بالحمير، لأنهم صدقوا أن أميركا تريد الديمقراطية، ووصف القسم الآخر منهم بالخنازير، لأن أميركا نجحت في جعلهم يسألونها أين هي المؤامرة، كلما أعدّت مؤامرة. وما دام القسم الاكبر من الاعلام العربي يستمر في وصف أميركا بحامية الديمقراطية في العالم، تبقى مقولة ماركس، إله اليهود هو المال، كلاماً من ذهب، ما دام المال يحرّف الوقائع، ويصنع العجائب. لكنّ عيني الشريف المتنور لا تعلو على الحاجب، لأنها لا تتعامى عن رؤية مؤامرة واضحة كعين الشمس.
ريمون ميشال هنود