متابعو الشأن الفلسطيني الرسمي في قنوات الإعلام/ التضليل وغيرها من المنابر، الرسمية والخاصة، على السواء، لا شك في أنهم لاحظوا تشاركها في لغة موحدة عن المادة.فعلى سبيل المثال، تشير تلك المنابر إلى سلطة مبنى المقاطعة في رام الله بصفتها الحكومة الفلسطينية، وإلى رئيسها بصفته الرئيس... إلخ.
وإذا كانت مفردات كهذه تصدر عن مؤسسات إعلامية تمولها أنظمة متحمسة للغاية لتصفية القضية الفلسطينية وغيرها من قضايانا القومية، فمن حقنا توقع سماع لغة مختلفة تماماً في قنوات تتبنى خط المقاومة، ومنها قناة الميادين على سبيل المثال.
الأمثلة على اللغة المضللة التي تنطق بها الميادين في الشأن الفلسطيني أكثر من أن تعد، من دون نسيان تضليل لغة شريط الأخبار المرافق لكل برامجها.
لنذكر أحدث مثال وهو ولعها بمسألة لجوء سلطة رام الله لمجلس الأمن لانتزاع قرار هزيل معادٍ لطموحات أمتنا العربية وهدفها في فلسطين. النقل المباشر لوقائع الاجتماع دليل كافٍ وبرهان على كيفية تعاطي القناة مع الشأن الفلسطيني. لكن هذا يبدو غير كافٍ لتضليل المشاهدين فأتبعت الأمر بمقابلة مع صائب عريقات كبير المساومين على حقوق شعبنا وأمتنا في وطننا.
الميادين تركت له الاسترسال في تضليل المشاهدين، أو محاولة عمل ذلك.
والأمثلة على المشاركة في التضليل أكثر من أن تعد. فالإشارة إلى محمود عباس بأنه الرئيس تضليل لأنه لا يترأس أي شيء، هذا من ناحية الجوهر، أما من الناحية التكنيكية الشرعية وفق دستوره فهو «الرئيس» المنتهية ولايته. وهذا ينطبق على كل إدارته التي لا تملك أي سلطة، حتى تلك المتعلقة بدخول أعضائها مكاتبهم في مدينة رام الله نفسها.
على الميادين ألا تنسى قول بوش الابن للراحل عرفات، الذي تمجده ليلاً نهاراً: عليك منح محمود عباس أو أحمد قريع منصب رئيس الوزراء، وعدم نسيان وصف عرفات لأبي مازن بأنه قرضاي فلسطين.
لو كانت القناة تكترث حقاً بإيصال حقيقة الوضع الفلسطيني وسلطة أوسلو وسياساتها المعادية لأهداف أمتنا لقامت بتحليل مشروعها الأخير أمام مجلس الأمن وتوضيح أنه محطة جديدة من محطات الاستسلام، ناهيك عن ممارساتها في حقول الاقتصاد والتربية والمال والاستخبارات... إلخ.
لو كانت الميادين تكترث بقول الحقيقة كاملة، أو حتى جزء يسير منها، لأشارت إلى بيانات الحركة الوطنية الفلسطينية قبل خمسين سنة التي أعلنت أن أحد أهداف انطلاق العمل الوطني الفلسطيني التحرري إخراجه من دائرة المؤتمرات والمنظمات الدولية... إلخ.
لا شيء. كل صوت معاد لسلطة أوسلو في مبنى المقاطعة في رام الله لا مكان له في برامج الميادين.
لو كانت القناة تكترث بالحديث في جوهر الأمر لمنحت الأطراف المعادية لسلطة أوسلو ونهجها الاستسلامي صوتاً عن معاناة شعبنا في مناطق حضورها. ثمة الكثير الواجب قوله بالخصوص، وثمة كثير من علماء أبناء شعبنا الذين لم تتمكن منظمات المجتمع المدني، الاستعمارية الأهداف، من استئجار أصواتهم، وهم يناضلون ليلاً نهاراً ضد ممارسات تجمع أوسلو في مبنى المقاطعة، ونشروا العديد من الأبحاث العلمية التي تفضح استسلامها وممارساتها المعادية لحقوق شعبنا في وطننا وذلك في مختلف المجالات، وسبق لنا عرض بعضها في منابر إعلامية عربية.
إضافة إلى ما سبق، تتبنى الميادين المصطلح المضلِّل «حل الدولتين»، والذي هو في شكله وجوهره تبنٍّ للمشروع الصهيوني والتخلي عن فلسطين، وليس أي أمر آخر.
كلمة أخيرة: كل تدخل في الشأن الفلسطيني هدفه تقويم مسار نضال شعبنا من أجل تحرير فلسطين ودعمه، ليس فقط مرحب به، بل واجب. أما التدخل لدعم نهج الاستسلام فلا حاجة لنا به.
8 تعليق
التعليقات
-
نعم يا صديقتي مارسيل السكاكيننعم يا صديقتي مارسيل السكاكين الكثيره أدمتنا كلنا، حان وقت سحبها من بين عروقنا وتضميد جراح بعضنا ولننطلق في طريق الشفاء التي لا محاله قادمه وإن تأخرت، تاهت أو أصابها الحَول لبرهه. تحياتي.
-
إلى من عنونت "الحقيقة الكاملة لا أنصاف ولا شذرات"يا سيدة فاطمة، الصراع بلا شك عربي صهيوني وليس فقط فلسطينيآ، ولكن غالبية الأشقاء الفلسطينيين (وهم الضحايا المباشرون) انسحبوا منه للأسف الشديد، بل وأصبح قسم منهم في الجانب الآخر سرآ أو علنآ، وهذا ما يعطي العدو الصهيوني إمكانية التجذر في فلسطين ويمنحه الوقت الكافي للاسترخاء وتنفيذ مؤمراته (المعلنة بالمناسبة) في تدمير الشعب العربي ويصعب مهمة أي عربي غيور مثلي يرى فلسطين إيقونة مقدسة. ألا ترين أنه من العار مثلآ أن حزب الله (اللبناني) يفكر ليلآ نهارآ في تحرير كامل فلسطين، بينما الرئيس (الفلسطيني) محمود عباس يتنازل عن حقه (الشخصي كما يقول) في العودة إلى بيته الذي هجر منه. دعيني أبسط أكثر، لا بد أن لك شقيقآ داخل أسرتك، هل تستطيعين أن تساعديه في حل مشكلته إذا لم تكن لديه هو إرادة (أو بعضها على الأقل) في البحث عن هذا الحل؟ إن جريمة تصفية القضية الفلسطينية ترتكب، ويا للأسف، بالأيادي الفلسطينية، بغض النظر عن الرؤوس التي تخطط لهذه الجريمة (وهي صهيونية، دولية، عربية وحتى "بعض" فلسطينية). ثم، العلمانية يا سيدة فاطمة هي فصل الدين عن الدولة والاعتراف بحق أي إنسان باختيار دينه و بتغييره وبالإلحاد. والعلمانية أحد أسس الديموقراطية التي بدونها لا مكان للكرامة الإنسانية. بالله عليك، أين هو التناقض في كلامي؟
-
هل بالإمكان أفضل مما يكون ؟!لفتني يوما شعار على الميادين " للعدالة في فلسطين " وتساءلت هذه المحطة المقاومة كيف ترى العدالة التي تدعو لها في شاشتها ؟ وهاهو المقال يخبر أنه في حل الدولتين ! إذا أين هي العدالة ؟! في الميادين محاورون جيدون ولكن في الميادين أيضا التزام من المحاور ببنود مكتوبة بعناية لايجعلهم رد االضيف يخرجون عنها فهل المهم الاستفاضة حين يستدعي رد الضيف لإيفاء المواضيع حقها بالكامل أم الانتهاء من طرح كل الأسئلة قبل انتهاء الوقت المعطى ؟! الميادين تسيء استعمال الوقت الممنوح لحساب الكم من الأسئلة . في الميادين تهذيب غير مبرر في أحيان كثيرة ، فلقاء شخص كصائب عريقات وهو من هو ! كيف لاتكون الأسئلة استفزازية له وهجومية ، ومن العيار الثقيل واستخدام كل المعلومات المتاحة عن دوره في العملية الاستسلامية ولو كانت بإطار حواري مهذب كما تتمنى القناة ولكن اختيار الأسئلة بدهاء تجعل عريقات وغيره يكونون غير مؤهلين لإعطاء الدروس والعبر من خلال هذا الظهور . اختلف كثيرون حول الميادين وهناك من قال أن الجزيرة بدأت يوما بشكل مقارب لها حتى جذبت المشاهد العربي ثم كشّرت عن أنيابها ( متكلين عن أن بعض مذيعيها تدرّبوا في الجزيرة ومن هنا أتاهم الشك بهذه المحطة الوليدة حينها ) أخالفهم الرأي ولا أرى وجها للشبه بينها وبين الجزيرة ، ولكني أيضا لاأراها وصلت لمرحلة التحدي اللازمة والجرأة اللازمة في طرح الأسئلة لتكون على مستوى الحدث حين يستدعي الأمر ،
-
قول االنصف الآخر من الحقيقةأنا متابع مواظب لما تكتب يا أستاذ زياد لأنه غالبآ يعبر عما آفكر به شخصيآ. ولكنك دائمآ تتجاهل جوهر المشكلة، وهو أن من "باع" القضية الفلسطينية هم الفلسطينيون أنفسهم قبل غيرهم (شعبآ وقيادة) لأسباب كثيرة، ذاتية وموضوعية (احتلال خمس نجوم، اختيار قيادات مرتشية وعميلة، تكريس العامل الإسلامي، وأحيانآ المذهبي، في الصراع على حساب العامل الوطني الجامع والكابوسي بالنسبة إلى الصهاينة، الخ...). النتيجة مأساوية (وهي حقيقية): آخر ما يشغل بال الفلسطيني (مع استثناءات قليلة) هو قضية تحرير فلسطين.
-
مشكلة أعمّالمشكلة في الإعلام الذي ينسب نفسه إلى مقاومة المشروع الأميركي إنه غالباً ما ينسى إنّه في خضم حرب قذرة تُشن عليه من كل حدب و صوب و تُستعمل فيها كل أسلحة الدمار الشامل للعقل و النفس و لا سيّما سلاح الإعلام. فالمشكلة لا محصورة في الميادين و لا بالقضية الفلسطينية. يُخلط كثيراً بين ما يسمّى التعددية و إعلام الحرب و في هذه الخلط يصبح مشروعاً إستخدام مصطلحات اخترعتها آلة الحرب الإعلامية الأميركية، و الكل بدون استثناء مشترك في هذا التخبيص الغبي.