معك في الخطوة الأولى
جميع القيادات السياسية والمراجع الروحية تؤكد وجوب إلغاء الطائفية السياسية وتُقرِنها بكلمة «ولكن...!» إذا جمعنا كلّ هذه الـ«ولكن...» وسلّمناها لهيئة متخصّصة تقوم بتشريحها، فلا بدّ من أن نخرج بصيغة جديدة. فمهما كانت تلك الصيغة، تبقى أفضل من الموجود الذي اختبرناه وأوصلنا إلى مزيد من الشحن الطائفي والذبح على الهوية...
فأنتم الذين استطعتم بفضله تأليف لجنة حوار وطني ناجحة، لن يصعب عليكم تأليف هيئة وطنية لدرس: إما الإلغاء أو تكريس الطائفية السياسية. فكما أن إعادة إعمار لبنان عامة، وبيروت خاصة، بعد الحرب، استلزمها شجاعة خارقة وقلب قوي، كقلب المغفور له الرئيس رفيق الحريري، كذلك إعادة إعمار لبنان قانونياً ودستورياً وانصهار شعبه في بوتقة واحدة متحابّة تستلزمها مبادرة خيّرة من مسؤول كبير مغامر.
إنها لفرصة تاريخية: فلنتشبّث بمبادرة الرئيس نبيه بري ولنترك للمتخصصين (هيئة إلغاء الطائفية السياسية) أن يقرّروا إن كان البحث في الموضوع ملائماً الآن أم غير ملائم، النظام المدني ملائم أم لا! العلمنة ملائمة أم لا...
نذكِّر أنه مرَّت علينا تلك الفرصة منذ السبعينيات مع مبادرة المرحوم كمال جنبلاط، فلو عرفنا تلقّفها لربما كنّا قد نجونا من حرب 1975.
والآن، إنها لفرصة تاريخية للّبنانيين، كل اللبنانيين، لا لفئة المستفيدين من السلطة في ظلّ التناحر الطائفي. إنها فرصة الأقليات الذين سيصبحون أكثر قلة مع الزمن.
فلتكن لهم رؤية مستقبلية وليدعموا تلك المبادرة التي لا بد من أن تؤدي إلى اختيار الأكفاء، وليحكموا على نتائجها، لأنها المدماك الأول في بناء لبنان جديد.
وبالمناسبة، من جملة الانتقادات لتلك المبادرة: القول بوجوب إلغاء الطائفية من النفوس قبل النصوص. لكن، لم يقولوا متى وكيف؟
فلنترك لتلك الهيئة أن تجد الحلول وليضع الخيّرون خبراتهم تحت تصرّف تلك الهيئة...
فيا أستاذ نبيه بري، إن المؤيدين لمبادرتك كثر، إلا أن الإعلام لا يُظهر إلا المنتقدين، فطالما أن نيّاتكم خيّرة، فلا تتراجعوا واكملوا المسيرة والله يرعاكم.
نعمة الله ميشال البريدي