خالد صاغيةعلى فلسطينيّي لبنان أن يهدأوا قليلاً. صحيح أنّهم لم يحصلوا على حقوقهم، لكنّهم نجحوا في ما هو أهمّ من ذلك. نجحوا في حثّ النائبة جلبيرت زوين على الكلام. لقد نطقت سعادة النائبة. أصدرت بلاغها الأوّل بعد تجديد انتخابها، لتعلّق على ما جرى أمس في المجلس النيابي.
نطقت فقالت إنّه لو أقرّت أمس المشاريع المتعلّقة بالحقوق المدنية للفلسطينيّين، لكانت ستعيد المجتمع اللبناني «إلى غريزته». وهذه كارثة طبعاً. فالمجتمع اللبناني يتمتّع حالياً بفائض من العقلانيّة. والدليل إعادة انتخاب السيّدة زوين بعد النجاح المنقطع النظير الذي حقّقته في الندوة البرلمانية.
تعدّد سعادة النائبة شروطاً تعجيزيّة قبل التمكّن من إعطاء الفلسطينيين بعض حقوقهم، كأن «تتمكّن الدولة من دمج طوائف لبنان وملله ضمن كيان لبناني أوحد»، أي إلغاء الطائفية السياسية، و«أن ينال المسيحيّون في لبنان حقوقهم». لكنّ الشرط «الكيوت» (Cute) فعلاً، هو الأخير: «لا يجوز شرعنة أي حق من حقوق أي شعب في الدولة اللبنانية، والدولة اللبنانية غائبة وغير مكترثة لحقوق المرأة والطفل».
نستنتج من كلّ ذلك أنّ السيّدة زوين تحترم حقوق الإنسان، لكنّها تريد السير بالأمر تدريجاً: حقوق الدولة أوّلاً، حقوق المسيحيين ثانياً، حقوق المرأة ثالثاً، والطفل رابعاً... ثمّ نبحث في حقوق الفلسطينيّين.
والأمر منطقيّ حقاً. فما دمنا نتحدّث عن الإنسان وحقوقه، لا بدّ من تقسيم أبناء البشر إلى مراتبَ ودرجات قبل البحث في إعطائهم حقوقاً.
السيّدة زوين من حيث لا تدري أمينة على المفهوم الاستعماري لحقوق الإنسان. حقوق الدولة أوّلاً. حقوق البيض ثانياً. حقوق المرأة ثالثاً. ثمّ نبحث في ما نفعله بالمهاجرين والسود...
السيّدة زوين من حيث لا تدري أمينة على تمثيل دور الضحية التي تستمتع بوضعها ما دامت قادرة على اضطهاد غيرها. فزوين لا تبحث عن الدولة المدنية. تريد الاستمرار في لعبة الطوائف والنقّ المستمر من وضعها الأقلّوي، شرط تمكينها من اضطهاد الفلسطينيّين، وربّما ضرب «الخادمة».
السيّدة زوين ليست مجرّد نائبة. كانت تنطق أمس باسم مجموعة كبيرة من النوّاب ومن الناس الذين تمثّلهم. جلبيرت زوين... احفظوا هذا الاسم جيّداً. لبنان كلّه سيبدأ منذ اللحظة بترداد تنويعات على أقوالها.