مافيات الحاويات
انتشرت منذ فترة طويلة ظاهرة العاملين على جمع العلب المعدنية مثل علب البيبسي الفارغة، التي عادة ما تكون ملقاة على قارعة الطرقات أو في حاويات النفايات أو سلال المهملات. وباتت هذه ظاهرة عادية ومقبولة من الناس، وبات البعض يعدّ مظهر الشخص الذي يلقي نصف جسمه في الحاوية بحثاً عن العلب الفارغة مظهراً حضارياً يدلّ على وعي الناس بأهمية التدوير وضرورته.
ولكنّ المفارقة الواضحة هي ظهور ما يسمّى في الشارع المحلّي «مافيا الحاويات»، حيث إن هذه المافيات باتت تحجز الشوارع بالحاويات التي فيها وتقتسمها وتقتتل في ما بينها في حال تعدّي أي مجموعة على منطقة المجموعة الأخرى. وفي النهاية، فإن الطرف الخاسر الوحيد في القصة هو الأشخاص غير المنتمين إلى مجموعة تدعمهم وتحميهم وتحفظ حقهم المشروع في حاوياتهم التي اعتادوا ارتيادها منذ قديم الزمان.
وهذه القصة تذكّرني باقتسام العمال الوافدين للشوارع والحارات لغسل سياراتها وأخذ بدل تلك الخدمات من غسيل وما إلى ذلك.
أما السؤال الذي يطرح نفسه في الوقت الحالي هو: إذا اقتسمت العمالة الوافدة الشوارع لغسل السيارات، واقتسمت المافيات الشوارع من أجل ثروات الحاويات، فهل يا ترى بقي شيء في البلد لم يقتسمه أحد وما زال يُعدّ ملكية عامة؟
مراد خواجة
(مخرج)

■ ■ ■


امتحانٌ للنزاهة

قد يُخبّئ أيلول في باطنه قراراً ظنيّاً. فإذا اعتمدَ الظنّ على الأسس القانونية الصحيحة، واستندَ إلى أدلّةٍ قاطعة وبراهينَ غير شهود الزّور، فستتحقّق العدالة المُنتظرة مُنذ خمس سنوات، ويرتاح الوطن، ويغفو الرئيس الشهيد مُطمَئنّاً في ضريحه. أمّا إذا نبَعَ القرارُ من حِقدٍ أعمى بهدف الانتقام، وكتبه الذين لهم باعٌ أصيل في صناعة الشر، فإنّ الوطن لن يجدَ مَخرجاً من فتنةٍ ستُلهبُها القوى التي جهّزت القرار، ثمّ فتّشت عن أقاويل باعتبارها أدلّة لِتُلحِقَها به غصباً. هذه الفرضيّة باتت أقرب إلى الواقع المحوك استناداً إلى تسريبات الصُّحف الغربيّة ونشرات الأخبار الإسرائيلية. لذلك، فإنّ الوطنَ بحاجةٍ إلى صحوةٍ وموقفٍ جامع يجعلُ من أيِّ قرارٍ غيرِ مُستندٍ إلى أدلّةٍ صادقة باطِلاً ومَردوداً إلى مَصدره. أمّا الغمز والتّلميح بأنّ أيّ قرار عن المحكمة هو نافذٌ حُكماً بغضّ النّظر عن أدلّته، فهذا لن يصبَّ في مصلحةِ أحد، ولن ترضى أيُّ جماعةٍ باتّهامِها ظُلماً، وسيكون ردُّها قاسِياً عملاً بقانون لكلِّ فعلٍ استفزازيّ ردُّ فعلٍ بالمُستوى نفسه، إن لم يكنْ أكثرَ شراسة.
مصطفى كلاكش