«طلعت ريحة» النظام الطائفي
في بداية الحراك العربي، في شتاء 2010 ــــ 2011، قلتُ لأصدقائي: «سأصدّق هذا الربيع حين يخرج الشباب العربي ليطالبوا بإسقاط النظام العربي الطائفي ويحققوا هذا بالفعل». كنتُ أتمنى خروجهم لإسقاطه بالفعل في لبنان، الذي وصل إلى حالة استعصاء كاملة... صحيح أن بعض الأصوات قد خرجت من لبنان لأجل ذلك، لكنها ما لبثت أن خمدت، ويا للأسف! فعاد كلٌّ «ليرعى في قطيعه» الطائفي، مستسلماً لقرارات «زعيمه» الإقطاعي!

اليوم، وبعد أن طمرت دولة «لبنان العظيم» أبناءها بالنفايات، من دون أن يرفّ لمسؤوليها جفن، كما أنهم ما زالوا يتعاملون مع هذا الوضع الخطير صحياً وبيئياً وسياحياً بمنتهى الاستخفاف، فيتقاسمون الغنائم حتى من النفايات، «طفح الكيل» برعايا «ملوك الطوائف» هؤلاء، فنزلوا إلى الشارع ليقولوا للمسؤولين، وبملء أفواههم: «طلعت ريحتكن»! ثم ليطوّروا هذا الشعار، منادين: «الشعب يريد إسقاط النظام».
حقاً... هذا هو المطلوب، وهذه هي الثورة الحقيقية: إسقاط لنظام الطوائف العربي وإقرار دساتير عَلمانية في البلاد العربية، وليكن لبنان رائدنا جميعاً في هذه الثورة، كما كانت رجالاته خلال النهضة العربية، من أجل أن نكون مواطنين فعلاً، فنلغي النظام الطائفي ونظام الرعية لدى الإقطاعيين.
إن المشروع النهضوي العربي، في وطننا العربي، لن يُقَدَّر له النجاح إلا في إقرارنا جميعاً، وبشجاعة وجرأة تامتَيْن، بضرورة عَلمَنَة وطننا، وإقرار فصل نهائي بين الدين والسياسة. فهذا المشروع النهضوي لن يستطيع التنفّس بحرية طالما أننا نفتقد في وطننا إلى المواطنة الحقّة، لأنّ الأديان، لا بل، الطوائف والمذاهب متحكِّمة بحياتنا السياسية...
فمن واجبنا وحقنا اقتراح تعديلات حقيقية وملموسة لعصرنة دساتيرنا والسير خطوة أولى على طريق مشروعنا النهضوي العربي وتحقيق المواطنة العربية، ونشر هذه التعديلات وتشجيع شبابنا على الإيمان بها والترويج لها والضغط من أجل تحقيقها.
أرجوكم يا أبناء بيروت، ويا كلّ اللبنانيين الشرفاء، ألا تتراجعوا وألا تخفت أصواتكم، هذه المرّة، وليكن شعارنا جميعاً: «الدين لله والوطن للجميع»!
د. ريم منصور الأطرش