خالد صاغيةإنّه الموسم. فليحمل كلّ لبنانيّ ما في جعبته من أفكار فريدة، وليضعها في إعلان متلفز أو في ملصقات تعلّق على جدران المدينة. وفيما سيقدّم الجيش اللبناني كالعادة استعراض أكل الحيّات، سيثبت اللبنانيّون أنّهم مهتمّون بأكل رأس الحيّة وحسب. فهنا مؤسّسة تربط بين الاستقلال وبين استمرارها في نهب أموال اللبنانيّين. وهناك من لا يخجل في استدعاء الحنين إلى زمن الليرة اللبنانيّة، علماً أنّه كان شريكاً في سياسات القضاء عليها. وبعد الفوز بأكبر عَلَم وأكبر صحن حمّص وأكبر صحن تبّولة، ثمّة من ينبش الأرشيف على الشاشات بحثاً عن عبقريّ لبنانيّ منسيّ من هنا، وعن عنزة لبنانيّة تمكّنت من الطيران من هناك.
إنّه الموسم. وفي هذه المناسبة، سأخرج من خزانتي بعض الجوارب المثقوبة وأرفعها على عصا لأصنع منها علماً. فهذا علم يليق بشعار «8 + 14 = 22» الذي بات يملأ الشوارع. كأنّ رافعه يعدنا بعام آخر من هذين التكتّلين اللذين لم يؤدِّ التعايش بينهما إلا إلى مزيد من الشلل. كأنْ لا مشكلة في 8، ولا مشكلة في 14. كلّ ما نحتاج إليه هو آليّة الجمع بينهما. وهو جمع لا يمكن أن يجري إلّا على حساب الاستقلال. أليس هذا هو جوهر الـ«سين ـــــ سين» التي لا نملك إلا انتظار غيثها عاجزين ومسلّمين بقضاء اللّه ورسله؟
إنّه الموسم. الأعلام اللبنانيّة تنتشر في كلّ مكان. وفيما تهفّ لها القلوب وتشخص لها العيون وتصفّق لها الأكفّ، على ما جاء في خطاب رئيس الجمهوريّة في ذكرى الاستقلال، يستمرّ حرمان أبناء الأمّهات اللبنانيّات جنسيّة بلاد الأرز. وتستمرّ المضاربات العقاريّة في طرد اللبنانيّين من المدن. وتمضي الكسّارات في قضم جبال لبنان «اللي ما بتنطال». ويستمرّ وحش الاستثمار في هدم البيوت التراثيّة اللبنانيّة. وكلّ ذلك بمباركة من 8 ومن 14 ومن 22.
ولمناسبة التلاحم بين الجيش والشعب والمقاومة، يرسل إليكم أهل نهر البارد تحيّاتهم، ويذكّرون بأنّهم لا يزالون في انتظار إعمار المخيّم الذي نجحت الدولة في تدميره عَرَضاً فيما كانت تكافح الإرهاب.
ورد الآن: الأمير عبد العزيز بن عبد اللّه في دمشق. كلّ استقلال وأنتم بخير.