خياليّون... أيّها العرب
كما يزعمون، ثمّة مفاوضات مباشرة تفرض آليّتها على السلطة الفلسطينية تحت شروط تعجيزية وتهديد أميركي في حال الرفض.
ماذا تتوقع السلطة من الإقدام على خطوة كهذه؟ ماذا تتوقّع، دولتين لشعبين...؟ خياليون أيها العرب... خياليون (عذراً محمود درويش). كيف نوَقِّع على وثيقة إعدام لوطنٍ حملناه اثنين وستين عاماً على قطار الحياة رغم وعورتها، لنرميه في صحراء بني صهيون من دون ماء. فيتوه حينها... حينها فقط يستطيع أن يرى سراب دولةٍ مستقلة... مع الرمق الأخير. إنَّ السلطة لن تتحمل الضغوط والتهديدات، فممَّ تهاب؟ رهاب حصار آخر لرام الله وعزلة من كل الدُّول، العربية منها والأوروبية وعلى رأسها أميركا؟ نحن ندفع ضريبة هذه الدُول منذ عشرات السنين العجاف، ثكلت فيها الأماني والآمال ولم نحصد فيها شيئاً.
موت بطيءٌ لغزة وجدارٌ خانقٌ متمردٌ... الفتنة الداخلية وتمدّد كتل الاستيطان الوقحة. تهميش لقضية أسرانا في السجون المنسية. تهويد القدس وتهجير أصحابها ليتفردوا بها عاصمةً، واعتبار قضية اللاجئين قضية داخلية...
إلا أن نحصل على ما هو عار أن نطلق عليه دويلة، وبهذا يذوي حق اللاجئين في العودة. هل سألتم أنفسكم ماذا عن ثروات بلادنا... سمائنا... مياهنا... وزيتوننا المعتقل... المقتول من دون ذنب؟
هل سيتركون لنا كتاب التاريخ والجغرافيا والأدب... أو حرية اختيار عدد الولادات... أو حتى لون العلم والنشيد؟
وإن كانت فلسطين قد ضاعت في نعاس الظهيرة في غفوةٍ منها وهفوةٍٍ منَّا وعذرٍ من آخرين... فلنبحث عنها ونعِدها بدون وساطة أميركا وخبثها ولعنة الصهاينة وسيطرتهم وتخاذل أوروبا وخوف الجيران.
ليتركونا وليحملوا معهم ذاكرتهم، فكفى بنا لفلسطين هجرانا...
آن لنا أن نثور وكفى صمتاً وتخاذلاً، وليكن الصَوت واحداً والقلم واحداً، ولنستصرخ من رفضنا صوتاً... ينادي كل الأحرار... وكل الثُوّار.
عهد المفاوضات من أوسلو وهلمَّ جرا جلب العار والخنوع لنا. فليعلم المتخيّلون أنَّ فجر الحريّة يشرق من واقع الثورة والرفض للظلم.
جمانة الجشي
(الجيل الجديد من فلسطينيّي الـ48)