رستم محمود*نشرت صحيفتكم بتاريخ 28 تشرين الأول المنصرم، مقالة بعنوان «من «العراق الجديد» إلى «فجر الحرية» ويبقى العراق مُستعمَراً!» للكاتب خليل عيسى. وقد وردت في متن المقالة تلك، إشارة الى مقالتي التي نشرتها في تموز من هذا العام، في صحيفة لوموند دبلوماتيك تحت عنوان «العراق بلاد الوفرة والفشل والديموقراطية والانقسام...»
(http://www.mondiploar.com/article.php3?id_article=3093). ويشير عيسى في المقطع الأخير من مقالته السردية الطويلة عن واقع العراق الحالي وعذاباته، إلى الاستراتيجية الأميركية إعلامياً تجاه الحدث العراقي، التي، بحسبه، تدرّ ملايين الدولارات لتثبيت قاعدتين إعلاميتين، أولاهما للصق كل العمليات العنفية في العراق بتنظيم القاعدة... والأخرى عبر التركيز على العملية السياسية، وذلك لزرع الشعور بواقع السيادة العراقية على أرضه... وضمن هذا السياق، فإنه يشير إلى عدد من الكتاب، منهم حازم صاغية ومحمد أبو رمان وأنا، رستم محمود. وهنا لا بد من أن أسجل نقاطاً عدّة:
أوّلاً: إن ذكر اسمي في هذا السياق يقارب مقام القذف المعنوي لكرامتي والاتهام المادي لي بالارتشاء، ودون ذكر ملمس جنائي، وأتحدى كاتب المقالة أن يذكر أي ملمس في ذلك المقام.
ثانياً: أكاد أن أجزم بأن عيسى لم يقرأ مقالتي أساساً. فهو يقول: «أما رستم محمود في عدد تمّوز 2010 من النسخة العربية لـ«لوموند ديبلوماتيك»، فيكتب عن كردستان العراق «بلاد الوفرة والفشل والديموقراطية والانقسام»... والحقيقة أن عنوان المقالة هو «العراق بلاد الوفرة والفشل والديموقراطية والانقسام». فما كتبته كان عن العراق، لا كردستان العراق كما ذهب خيال الكاتب خليل عيسى. ويزيد الأستاذ خليل: «بدون أيّ ذكر حتى لكلمة «احتلال» في مقاله الكبير»، وهو شيء بالغ السهو لأن العبارة الأولى في مقالتي تقول «نظريّاً، ستبدأ قوّات الاحتلال الأميركيّة والمتعدّدة الجنسيّات، انسحابها من العراق اعتباراً من شهر آب/ أغسطس القادم». فكيف يسمح الأستاذ خليل لنفسه بهذا التغيير والتحريف المباشر لكتابات الآخرين لإثبات مراميه وأفكاره. وهنا أيضاً أحبذ التسجيل بأن نعت الاحتلال بالنسبة إليّ ليس وصفاً قيمياً ذا بال كبير في كتابتي، بقدر ما هو وصف ونعت قانوني وفعلي لوضع العراق الكياني في المنظومة الدولية.
ثالثاً: ليس لي أن أعيد التعبير عن مرام مقالتي تلك. فهي تحلل ترهّل البنية الكينونية وتفسُّخَها في ظل تكالب الزعامات المحلية والدينية والسياسية عليه، ولسيطرة الهاجس الأمني والقلق من الدول المحيطة به على مواطنيه، في ظل الفشل الذريع لمشاريعه التنموية الداخلية من نخبته الحاكمة. وتتساءل المقالة أخيراً عن مستقبل هذا البلد في ظل هذا الوضع المعقد من كل الجوانب والمسؤولية التي تقع على كاهل كل مسببي ذلك له. فهل هذا التحليل والرأي يدخل في خدمة الاستراتيجية الأميركية، التي بحسب الأستاذ خليل عيسى تدرّ ملايين الدولارات؟
سؤال لا يتعلق بالمقالة فحسب، بل بمدى تقدير الكاتب لعقل قرائه ولكرامة نظرائه من الكتّاب.
* كاتب وصحافي