طرابلس | تتواصل رحلة البحث عن حلّ للأزمة الليبية، مع تكثّف اللقاءات بين الأطراف الدولية والإقليمية الفاعلة في هذا الملفّ، في حين أن الأفق لا يزال غير واضح في ظلّ رفْض الأطراف، حتى الآن، تقديم تنازلات حقيقية. وفي اجتماعات ترعاها المخابرات المصرية في القاهرة، وجمعت كلّاً من رئيس «المجلس الرئاسي» محمد المنفي، ورئيس البرلمان عقيلة صالح، واللواء المتقاعد خليفة حفتر، اتفق هؤلاء على التوصّل إلى مبادرة تُطلَق من العاصمة المصرية، في حال التوافق على حلول للأمور العالقة في الوثيقة الدستورية، والتي جرى حسم 70% من بنودها في الاجتماعات التي جرت الصيف الماضي في مصر. وإذا ما جرى تجاوز عقبة ترشُّح مزدوجي الجنسية والعسكريين في الانتخابات المقبلة، ستُبحث، تالياً، آلية تنسيق تضمن توفير تنسيق أمني متكامل لعملية الاقتراع بما يضمن إجراء الاستحقاق في أجواء آمنة وتحت إشراف دولي، ومن دون القلق من حصول عمليات تزوير.وجاءت اجتماعات القاهرة مكمّلةً للقاءات التي عُقدت، الأسبوع الماضي، وجمعت إلى عقيلة صالح، رئيس «المجلس الأعلى للدولة» خالد المشري، الذي لا يزال طرفاً فعّالاً في المناقشات، ويتطلّع إلى أن تحقّق جزءاً كبيراً من مطالبه، في مقابل دعمه المسار الذي تتبنّاه مصر. وبالتوازي مع ذلك، أنهت اللجنة العسكرية الليبية المشتركة، «5+5»، اجتماعاتها في مدينة سرت، مع مراقبي وقف إطلاق النار المحليين والدوليين، برعاية بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، ممثَّلة برئيسها، عبدالله باتيلي، الذي تحدّث للمرّة الأولى عن إمكانية استكمال اللجنة في سرت، وعقْد اجتماعات مرتقبة من أجل الدفع بملفّ إخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية من ليبيا. وفي الوقت الذي يتمسّك فيه باتيلي بإجراء الانتخابات لإعادة الشرعية إلى مؤسّسات الدولة وتوحيدها، فهو يعمل أيضاً على دعم حضور مراقبين ليبيين إلى جانب الحضور الأممي، من أجل تثبيت وقف إطلاق النار، فيما يُنظر بترقُّب إلى دعوته إلى مؤتمر جامع في مدينة ليبية محايدة في ختام الملتقى الذي شارك فيه في طرابلس.
يُتوقَّع أن يُعقد المؤتمر الذي سيشرف عليه «المجلس الرئاسي» في مدينة غدامس، باعتبارها مدينة محايدة


ويُتوقَّع أن يُعقد المؤتمر الذي سيشرف عليه «المجلس الرئاسي» في مدينة غدامس، باعتبارها مدينة محايدة بمشاركة جميع الأطراف، وسط تكرار الحديث عن حكومة وحدة وطنية تكون مهمّتها التمهيد لإجراء الانتخابات فقط، وهو أمر لم تُكشف آلية تطبيقه حتى الآن، في ظلّ الدعم الذي تتلقّاه حكومة عبد الحميد الدبيبة المسيطِرة على طرابلس من واشنطن وأنقرة، ورفْض البرلمان الليبي الاعتراف بشرعيّتها، بعدما أقرّ شرعية حكومة فتحي باشاغا التي حازت ثقته في نيسان الماضي. في هذا الوقت، يعمل رئيس «المجلس الرئاسي» على صياغة توصيات قابلة للتنفيذ خلال المؤتمر، وسط أجواء تؤشّر إلى أنه سيشهد استكمال مناقشات المسار المعتمَد في القاهرة لإجراء الانتخابات في نهاية العام الجاري، بعد صياغة الترتيبات الإقليمية والدولية الضرورية في هذا المجال.
كذلك، فإن التحرّكات في الملفّ الليبي ممتدّة إلى أنقرة التي زارها وزير الخارجية الإيطالي، أنطونيو تاياني، من أجل مناقشة التفاهمات الجارية مع نظيره التركي، مولود تشاويش أوغلو، حيث يتوافق البلدان حول العديد من النقاط في ما يخصّ الوضع في ليبيا، وهو مسار يختلف في منظوره عن المسار المصري - الفرنسي. ويُتوقَّع أن تشهد المرحلة التالية، توافقاً دوليّاً حول الصياغات التي تُطرح من جانب المبعوث الأممي، بعد التشاور مع الأطراف الدولية المعنيّة وانخراط المنفي في التفاوض مع الأطراف في الداخل الليبي. وكشفت مصادر، لـ«الأخبار»، أن ثمة مشاورات جارية بين مصر وتركيا حول الملفّ الليبي، وأن هناك نقاطاً مشتركة يمكن أن توسّع مساحة التلاقي بين البلدين، اللذين شكّل هذا الملف أحد أسباب التوتّر في العلاقات الديبلوماسية بينهما. ولفتت المصادر إلى أن هذه التفاهمات تجري ضمن إطار أكبر، وبمشاركة الإمارات والسعودية وقطر.