الجزائر | انفجر النقاش مجدّداً في الجزائر حول مكانة اللغة الإنكليزية في مراحل التعليم الأساسي، وذلك على إثر توجيه الرئيس عبد المجيد تبون، خلال اجتماع الحكومة الأخير، بـ»اعتماد اللغة الإنكليزية بدءاً من الطور الابتدائي». وعلى رغم أن القرار لم يحدّد ما إذا كان الأمر يتعلّق باستبدال لغة بأخرى، ولكنه أعاد إلى الأذهان، تاريخاً من مساعي إدراج الإنكليزية في دروس المرحلة الابتدائية، والتي كانت تفشل أو «تُجهَض» في كلّ مرة. ولعلّ أبرز مسعى كان في عام 1990، إذ استمرّ لأشهر قبل أن يتوقّف في ظلّ ظروف كانت تعيش الجزائر خلالها مخاضاً عسيراً في أعقاب «ثورة أكتوبر» 1988. وتَبرز من بين المساعي أيضاً إصلاحات «لجنة بن زاغو» الشهيرة في عام 2000، والتي لم تُطبَّق. كما أن النقاش نفسه عاد إلى الواجهة في خضمّ الحراك الشعبي الذي انطلق في شباط 2019، حيث نادت فئة بإسقاط اللغة الفرنسية لأن «استئصالها هو استئصال للوجود والهيمنة الفرنسيَّيْن في الجزائر».وفي حديث إلى «الأخبار»، أعرب النقابي في «الاتحاد الوطني لعمّال التربية والتكوين»، مسعود عمراوي، عن أسفه لأن الخطوة «تأخرت كثيراً»، لافتاً إلى تخوّفه من دور يلعبه «وكلاء فرنسا» لعرقلة هذا المسار. ورأى عمراوي أن المساعي السابقة «لم تفشل، ولكنّها أُجهضت»، بخاصة تجربة عام 1990 حين أحدث وزير التربية في حينه، علي بن محمد، نقلة نوعية في القطاع، فيما «أجهض التيّار الفرنكوفوني» مشروع إدخال اللغة الإنكليزية إلى جانب اللغة الفرنسية في مرحلة التعليم الابتدائي. وذكّر كذلك بمسعى «مماثل أُجهِض» قبل أكثر من عقدين، في إشارة إلى لجنة وطنية لإصلاح المنظومة التربوية أنشئت في بدايات عهد الرئيس الأسبق، عبد العزيز بوتفليقة، وكان من بين أهم توصياتها إدراج الإنكليزية في التعليم الابتدائي. وقال: «صرنا لا نطمئن لأنّ وكلاء فرنسا كانوا نافذين بقوة في السلطة، وأملنا أن يكون الوضع قد تَغيّر»، مضيفاً: «ما زلنا متشبّثين باللغة الفرنسية، وكأننا فرنسيون أكثر من فرنسا».
أعاد الجدل المتجدّد، إلى الأذهان تاريخاً من مساعي إدراج الإنكليزية في دروس المرحلة الابتدائية


من جهته، قال المستشار السابق في وزارة التربية الوطنية بين عامَي 2008 و2015، أحمد تيسة، لـ»الأخبار»، إن «الوضعية السيّئة للمدرسة والجامعة الجزائرية تقتضي فتح نقاش بيداغوجي حول كيفية تطوير تعليم كلّ اللغات في النظام المدرسي، مع إعطاء الأولوية للعربية والأمازيغية». ورأى أن «تعليم كلّ اللغات في حالة كارثية» حالياً، فمثلاً «اللغة الإنكليزية تُدرَّس منذ عشرين سنة، بداية من السنة أولى متوسّط ولمدّة سبع سنوات، ما يكفي لممارسة هذه اللغة، ولكنّ السؤال: لماذا النتائج في الإنكليزية سيّئة؟ ونفس الشيء بالنسبة إلى العربية والأمازيغية والفرنسية؟». وشدّد تيسة على وجوب «إنعاش الذاكرة» إذ إن «مناضلي الحزب المنحلّ، الجبهة الإسلامية للإنقاذ، هم مَن طالبوا بإحلال الإنكليزية بديلاً عن الفرنسية في بداية التسعينيات، بل أصدروا فتوى لمنع تعليم الفرنسية»، مشيراً إلى تعذّر ذلك في بلد على علاقة بالفرنسية منذ أكثر من قرن، «وأغلب أرشيفنا، وموروثنا الأدبي، والعلمي، والتكنولوجي هو باللغة الفرنسية».