طرابلس | يثير التعامل بجديّة مع نتائج المشاورات الليبية - الليبية حول القاعدة الدستورية التي عُقدت الجولة الثانية منها في القاهرة، واختُتمت الجمعة الماضي، العديد من التساؤلات. فعلى رغم توافق اللجنة المشتركة لمجلسَي النواب والأعلى للدولة، على غالبية مواد الدستور الذي سيتمّ التصويت عليه، تمهيداً لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في يوم واحد، لتسليم السلطة إلى حكومة منتَخبة، هي الأولى منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمّر القذافي، إلّا أن هذا التوافق لا يزال هشّاً، ولا يُتوقّع أن يؤدّي سوى إلى إهدار مزيد من الوقت. ولم تُسفر جلسات المفاوضات التي استضافتها القاهرة للشهر الثاني على التوالي، برعاية أمميّة وحضور مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة في شأن ليبيا، ستيفاني وليامز، سوى عن الاتفاق على المواد المتَّفق عليها سلفاً، مع تعديلات طفيفة في تفاصيلها، إذ لا تزال المواد الخلافية في مسودة الدستور، والتي تمّ إرجاء حسْمها إلى جلسات لاحقة، على حالها، فيما يُنظر بحذر إلى المسار الموازي الذي تشجّعه مصر والأمم المتحدة، في ظلّ تعثُّر السير في المسار المخطّط من قِبَل البرلمان، وعدم تسلُّم حكومة فتحي باشاغا السلطة من حكومة عبد الحميد الدبيبة.
لا يُتوقَّع أن تؤدّي الجولة المقبلة من المفاوضات إلى الاتفاق على البنود الخلافية في الدستور

ولا يُتوقَّع أن تؤدّي الجولة المقبلة من المفاوضات إلى الاتفاق على البنود الخلافية، بخاصّة في ظلّ طبيعة المحاصصة وغيرها من التفاصيل التي يرغب ممثّلو كل إقليم في فرضها، بالإضافة إلى صعوبة التوافق على جدول زمني واضح سواء في مرحلة ما بعد الاستفتاء على الدستور، أو حتى في البحث عن موعد لإجراء الاستفتاء الذي تقول مصر إن في الإمكان تنظيمه بمساعدة دولية قبل نهاية العام الجاري. وتتضمّن السيناريوات التي تضعها القاهرة لمساعدة الليبيين في تجاوز الانقسام السياسي، تقديمَ دعم في مختلف المجالات القانونية والقضائية لمساعدة مفوضية الانتخابات على إجراء الاستفتاء على الدستور، وبعدها إجراء الانتخابات وفق القواعد المتَّفق عليها. وتسعى مصر إلى التوافق على خريطة طريق انتقالية جديدة، في ظلّ تعثّر المسار الذي اعتمده البرلمان الليبي بعد تكليف حكومة فتحي باشاغا، وحلّ مشكلة الحكومتَين بشكل رئيس والاستقرار على حكومة مصغّرة تدير البلاد خلال المرحلة الانتقالية، والنظر إليها باعتبارها الحلّ الوحيد من أجل إنهاء الأزمة الحالية، مع أحقيّة باشاغا والدبيبة للترشّح وخوض الانتخابات الرئاسية إذا رغبا في ذلك.
لكن المسار لا يبدو سهلاً أو خالياً من العوائق، وأبرزها عدم قدرة مفوضية الانتخابات على تنظيم الاستفتاء على كامل الأراضي الليبية، بسبب الأوضاع الأمنية. وحتى الآن، تبدو جميع الحلول مجمّدة، بما فيها فكرة تشكيل حكومة تصريف أعمال واحدة تكون مسؤولة عن إدارة البلاد، وسط محاولات مصرية لتحقيق تفاهمات مع الجزائر حول مصير حكومة الدبيبة. ويدرك المشاركون في الحوار الذي سيتواصل في القاهرة، أن النتائج التي ستتمّ صياغتها ستكون حاكمة للسنوات المقبلة على الأقل، إذ تشير السيناريوات جميعها إلى أن الدستور الذي سيصاغ هو نفسه الذي سيجري العمل فيه، فيما يُتوقَّع أن تشهد جولة المباحثات المقبلة توافقاً على مواد أقلّ، لترحّل المواد الأكثر جدلاً إلى الجولة الأخيرة التي يمكن أن تُعقد قبل عيد الأضحى.