وأشار مصدر شارك في الاجتماع، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن البعثة الأممية جادّة في الخروج بقاعدة دستورية من جانب أعضاء «ملتقى الحوار»، وهو ما يجعلها تستعجل عقد الاجتماع المباشر المقبل، مع إمكانية إجراء بعض التعديلات، استناداً إلى المناقشات التي أجريت الأربعاء، في محاولة لتقليل هوّة الاختلافات بين مختلف الأطراف، وبما يضمن سلاسة تطبيق القاعدة الدستورية. واستبعد المصدر فكرة العودة إلى مجلس النواب من أجل إقرار القاعدة، في ظلّ وجود أغلبية في الملتقى تسعى إلى إقرارها، ولا ترغب في تعطيل إجراء الانتخابات تحت أيّ ظرف. لكن محاولة إرضاء أكبر عدد من الأعضاء وتحقيق التوافقات والتوازنات التي تحدّ من التداعيات على الانتخابات، هي التي تدفع كوبيش نحو استمرار السعي إلى تحقيق أوسع تفاهم ممكن. وليست هذه المساعي الأممية مفصولة عن الزيارة التي قام بها اللواء المتقاعد خليفة حفتر إلى القاهرة للقاء مسؤولين عسكريين مصريين، إلى جانب المبعوث الأميركي إلى ليبيا، ريتشارد نورلاند، الذي كان يزور العاصمة المصرية، حيث جرت اتصالات مكثّفة خلال زيارة حفتر حول العديد من الموضوعات، لا سيما مسألة توحيد المؤسسة العسكرية التي يرفضها حفتر في الوقت الحالي، والتي باتت تهدّد مسار العملية الانتقالية. وجاءت تصريحات الأخير حول عدم خضوع المؤسسة العسكرية إلى أيّ سلطة، على رغم التفاهمات بينه وبين رئيس الحكومة، عبد الحميد الدبيبة، الذي ضمَّ نفقات قواته إلى موازنة الدولة من أجل تمريرها، ومن أجل تجنّب أزمة في الوقت الذي لا يزال يرجئ فيه تعيين وزير للدفاع حتى لا يصطدم مع حفتر الذي يراهن على اللجنة العسكرية واجتماعاتها باعتبارها السبيل الوحيد من أجل الوصول إلى تفاهمات سياسية تخصّ الملف العسكري.
هناك أغلبية في «الملتقى» تسعى إلى إقرار القاعدة الدستورية، ولا ترغب في تعطيل إجراء الانتخابات تحت أيّ ظرف
وعلى رغم مسؤولية المجلس الرئاسي الليبي، بقيادة محمد المنفي، عن القيادة العليا للجيش بموجب مخرجات الحوار السياسي، إلّا أن حفتر يحتفظ لنفسه بهذا الدور في معظم المناطق الليبية، ويرفض العمل تحت لواء المجلس الرئاسي، مفضّلاً انتظار الانتخابات الرئاسية، ومشترطاً خروج المرتزقة من الأراضي الليبية أولاً. في هذا الوقت، يعمل حفتر على استعادة التوازن في العلاقات مع كل من القاهرة وأبو ظبي عقب توتّر دام أسابيع، فيما يسعى حلفاؤه في «ملتقى الحوار السياسي» أو البرلمان، إلى تسهيل مسألة ترشّح العسكريين للانتخابات المقبلة. ولكن الصيغة النهائية للقاعدة الدستورية التي ستجرى على أساسها الانتخابات، تظلّ المعيار الرئيس في اتخاذه قرار الترشُّح للرئاسة من عدمه، لا سيما مع عدم وضوح صلاحيات الرئيس وشكل نظام الدولة. في المقابل، تسعى القاهرة إلى تجنّب إهدار مزيد من الوقت على القاعدة الدستورية، بالتنسيق الموسع مع فرنسا والجزائر والإمارات والسعودية، وسط تحرّكات لدعم ما تصفه مصر بـ«خيارات الليبيين» لمنع عودة الاقتتال الداخلي.