بدأت الأمم المتحدة تطبيق آلية جديدة لضمان إجراء الانتخابات في موعدها (24/12/2021)، وذلك بالسير في مسارَين متوازيَين لتهيئة الوضع في الداخل، مع إرجاء مسألة تسمية الشخصيات التي يمكن أن تدير المرحلة الانتقالية، شريطة ألّا يؤثر ذلك في أمور جوهرية في مقدّمتها الانتخابات وتحسين الحالة الاقتصادية. يأتي ذلك فيما لم يتمّ إلى الآن تحديد آلية لاختيار تلك الشخصيات، في ظلّ تنافس شديد ورشى انتخابية دُفعت لأعضاء «ملتقى الحوار السياسي»، علماً أن المرحلة الانتقالية كان يُفترض أن تبدأ في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.وفي محاولة لتدارك الفشل، وافقت المبعوثة الأممية بالإنابة، ستيفاني ويليامز، على مقترح تشكيل لجنتين: الأولى استشارية هدفها صياغة مقترحات يمكن التصويت عليها للحصول على غالبية في شأن تسمية المرشّحين لشغل المناصب السيادية، والثانية قانونية غرضها التمهيد للانتخابات، وهي اللجنة الأهمّ على أرض الواقع، وهذا يرتبط بكونها مسؤولة عن تحديد نظام الحكم في البلاد، والذي ستُجرى على أساسه الانتخابات، التي سيبقى الفائزون فيها في مناصبهم لأربع سنوات على الأقلّ بصفتهم مسؤولين معترفاً بهم. ويُتوقع أن تكون مخرجات هذه اللجنة هي الأكثر إثارة للجدل في الشهر المقبل، ولا سيما حول تقسيم الأقاليم وعدد ممثّلي كلّ إقليم وغيرها من القضايا. أمّا اللجنة الأولى، فبدأت اجتماعاتها منذ الخميس تمهيداً للقاءات أخرى خلال الأيام المقبلة. كما اقترحت دعوة البرلمان إلى جلسة موحّدة في بنغازي، وهو ما لم يلقَ تأييداً واسعاً، ما يعني إخفاقاً متوقّعاً لها.
يستهدف التحرّك الأممي إبقاء المسؤولين الحاليين في السلطة لأطول مدّة ممكنة قبل الانتخابات


وتحاول ويليامز الوصول إلى نقاط توافق على رغم الخلافات الكبيرة، فيما يستهدف تحرّكها الأخير إبقاء المسؤولين الحاليين في السلطة لأطول مدّة ممكنة قبل الانتخابات، مع السماح لمن يستقيل منهم أو يخرج من المشهد قبل الانتخابات بالمشاركة فيها لاحقاً. في هذا الإطار، وعلى رغم إظهار رئيس حكومة «الوفاق الوطني»، فائز السراج، رغبته في تسليم رئاسة الحكومة، فإنه يعمل عكس ذلك، مع آخرين في «الوفاق»، خاصة وزير الداخلية، فتحي باشاغا، الذي يتأرجح موقفه بين الرغبة في تولّي رئاسة الحكومة الانتقالية والترشّح في الانتخابات المقبلة، علماً بأن الأمم المتحدة تشترط في مَن سيتولّون القيادة الانتقالية ألّا يترشّحوا للانتخابات المقبلة على الأقلّ، وهو شرط جوهري وأحد أهمّ أسباب تعثّر الاتفاق حتى الآن.
على جانب آخر، يبقى جزء من الأزمة مرتبطاً بالتوتّرات في ملفَّين جوهريَّين هما النفط والمصرف المركزي. فبعد تجميد عائدات النفط، تعرّضت «المؤسسة الوطنية للنفط» وإحدى شركاتها لمضايقات جرّاء غضب بعض الأطراف من تجميد العائدات، مع التلويح بإعاقة تصدير النفط مجدّداً عقب ثلاثة أشهر عادت فيها الحركة داخل الموانئ النفطية إلى ما كانت عليه مِن قَبل. وفي الجانب الاقتصادي، تسعى الأمم المتحدة إلى تحقيق توافق بين فرعَي «المركزي» بِحَثّ الطرفين على اتخاذ القرارات نفسها، على غرار ما حدث في توحيد سعر صرف الدينار الليبي، على أن يتبع ذلك مزيدٌ من الخطوات حتى توحيد فرعَي المصرف.
وبينما يتواصل الحوار بين «الوفاق» وقوات خليفة حفتر، جاءت زيارة رئيس الوزراء الإيطالي، جوزيبي كونتي، للقاء حفتر بمكانة تراجع عن الموقف الداعم مطلقاً للسراج، في الوقت الذي تحاول فيه روما لعب دور وساطة بين الرجلين والتمهيد للقاء يجمعهما مجدّداً، ولا سيما أن الأخير موجود حالياً في العاصمة الإيطالية.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا