بيان المحكمة العسكرية شدّد على أن المحاكمة جرت في ظروف جيدة
ولاقى سجن هذين المسؤولَين اهتماماً كبيراً في الجزائر، بعد أن لم يكن يتوقع أحد يوماً أن يلقَيا هذا المصير. وعُرف السعيد بوتفليقة بتحكّمه بمؤسسة الرئاسة، خصوصاً بعد مرض شقيقه عام 2013، حيث كان يُلقب بـ«الحاكم الفعلي للجزائر»، وبـ«رأس القوى غير الدستورية»، مستغلاً صلاحيات شقيقه الواسعة في الدستور، التي سيطر عليها بنحو خفيّ. أما الجنرال توفيق، فعلى الرغم من إحالته على التقاعد عام 2013، إلا أن اطلاعه الواسع على شؤون الدولة من موقعه السابق دفع شقيق الرئيس السابق إلى الاستعانة به، بعد أن ثار الشعب عليه. ويُعرف الجنرال توفيق بـ«صانع الرؤساء»، بعدما ظلّ مسيطراً على جهاز المخابرات لـ20 سنة، وهو ما خوّله بشكل كبير التحكم في صناعة القرار بالبلاد.
ومن بين المُدانين في القضية أيضاً، لويزة حنون، السياسية المعروفة وأول امرأة عربية تترشح لرئاسة الجمهورية، التي اتُّهمَت بـ«التآمر» بعد مشاركتها في اجتماع 27 آذار/ مارس مع السعيد بوتفليقة والجنرال توفيق. وعلى الرغم من اجتهاد فريق دفاعها في عدم ربط مصيرها بمصير المسؤولَين الآخرين، إلا أن الحكم جاء ثقيلاً عليها. ودافع المحامون بقوة عن لويزة حنون، معتبرين أنها كانت تقوم بواجبها كمسؤولة سياسية وكنائبة في البرلمان يتيح لها القانون اللقاء بالمسؤولين والاجتماع بهم، وقالوا إنها خلال هذا اللقاء قدّمت تصوّر حزبها لحلّ الأزمة، والمتمثل بالذهاب إلى مجلس تأسيسي، ولم تقترح قَطّ ما يفيد بتآمرها على سلطة الدولة والجيش. ورأى قياديو «حزب العمال» في اتهام لويزة حنون «تجريماً للعمل السياسي».
ومع أن بيان المحكمة العسكرية شدّد على أن المحاكمة جرت في ظروف جيدة، إلا أن بعض المحامين كان لهم رأي آخر. إذ احتجّ المحامي والحقوقي المعروف، مقران آيت العربي، على عدم السماح للصحافيين بالاقتراب من مقرّ المحكمة، وهو ما ينافي بحسبه مبدأ العلنية. واستغرب، في بيان، إدانة لويزة حنون ومعاقبتها بالسجن 15 عاماً من دون أي دليل على التآمر، «ما يشير إلى أن الحكم الصادر عليها كان بسبب نضالها وأفكارها التي عبّرت عنها علانية، وتمسكت بها أمام المحكمة العسكرية». وانتقد «رفض المحكمة، على رغم إلحاح المحامين، لاستدعاء إليامين زروال ضمن قائمة الشهود، وعدم تمكين الدفاع من توجيه أسئلة من شأنها أن تكون لمصلحة المتهمين». واستغرب، كذلك، «صدور الأحكام بعد 4 جلسات صباحية ومسائية، في حين أن المحاكمة كانت تتطلّب على الأقلّ أسبوعاً». وفي وقت يستعد فيه محامو المُدانين لاستئناف الأحكام، أُعلن أمس الإفراج عن الناشط السياسي، كريم طابو، ووضعه تحت الرقابة القضائية بدل الحبس المؤقت، في قضية «إحباط معنويات الجيش» المتابَع فيها. وفُهم هذا الإجراء على أنه نوع من التهدئة، في ظلّ سعي السلطة إلى إقناع المواطنين بالذهاب للانتخابات الرئاسية في 12 كانون الأول/ ديسمبر المقبل.