صبغ نشطاء حساباتهم في مواقع التواصل بالعلم الأمازيغي رفضاً لخطاب قائد الجيش
وبغض النظر عما كان يقصده رئيس أركان الجيش، رأى البعض أنه كان في غنىً عن التطرق إلى هذه القضية التي قد تفتح المجال أمام تأويلات لا حصر لها، وتفتح ملفاً تم تجاوزه بعدما اعتُرف باللغة الأمازيغية في دستور عام 2016 كلغة رسمية، وعُيّنت بداية السنة الأمازيغية كيوم وطني مدفوع الأجر، في إجراءات خفّفت بشكل كبير من وطأة صراع الهوية في البلاد. والجدير ذكره، هنا، أن الأمازيغ خاضوا نضالاً طويلاً من أجل الاعتراف بثقافتهم، وعرف هذا النضال ذروته عام 1980 في ما سُمي «الربيع البربري»، ثم أعيد إحياء القضية عام 2001 في ما عُرف بـ«الربيع الأسود»، الذي سقط فيه عشرات الضحايا في منطقة القبائل. والأمازيغ موزعون على كل مناطق الجزائر، ويتكلمون لهجات متمايزة، لكن منطقة القبائل الواقعة على بعد 120 كيلومتراً شرقي العاصمة تُعدّ أكثر المناطق تشبثاً بالهوية الثقافية الأمازيغية.
وأثار خطاب صالح احتجاجات في أوساط مثقفين ونشطاء، سرعان ما بادروا إلى صبغ حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي بالعلم الأمازيغي، وكتبوا أنهم يعتزون بهويتهم الثقافية. كما أنه أثار استهجاناً حتى خارج النخبة الأمازيغية، على اعتبار أن الجيش ينبغي أن «يترفّع عن الصراعات السياسية والأيديولوجية»، ويبقى مؤسسة تجمع كل الجزائريين. لكن اللافت أن الخطاب لقي ترحيباً في أوساط تيار بدأ يتشكل في البلاد، يتبنى موقفاً متطرفاً من المظاهر الثقافية الأمازيغية، كاللغة والراية وغيرها من الرموز. وتُعد النائبة في البرلمان، نعيمة صالحي، من أبرز وجوه هذا التيار، إذ اشتهرت بالكثير من التصريحات المثيرة ضد منطقة القبائل.
واستغلّ البعض إثارة هذه النقطة من قِبَل قائد الجيش، الذي يعتبر عملياً السلطة الفعلية في البلاد، لاتهامه بمحاولة حرف النقاش عن المسائل الحقيقية التي تشغل الجزائريين، وإفشال مطلب التغيير الجذري الذي يطالب به الحراك الشعبي، في حين تتمسك المؤسسة العسكرية بموقف صلب إزاء كل المبادرات الداعية إلى إبعاد رئيس الدولة الحالي عبد القادر بن صالح، والوزير الأول نور الدين بدوي، والذهاب إلى مرحلة انتقالية تسبق تنظيم الانتخابات الرئاسية، إذ تشدد على ضرورة الذهاب في أسرع وقت ممكن إلى الانتخابات، مع إنشاء هيئة مستقلة لتنظيمها، في ضمانة لا يراها الحراك كافية في ظلّ بقاء المنظومة الحالية.