تونس | ما إن انتشر خبر اعتزام ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، زيارة تونس بمبادرة شخصية، مساء أول من أمس، حتى اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي، تحت وسوم ساخرة وأخرى جادة، عبّرت عن رفض شعبي عارم لاستقباله في البلاد. لكن مع تأكيد المستشار السياسي لرئيس الجمهورية، نور الدين بن تيشة، الزيارة المزمعة يوم الثلاثاء المقبل، وترحيبه بابن سلمان في تونس «كبقية الأشقاء العرب»، نقلت فعاليات سياسية ومدنية منددة، التحرك إلى نادي السياسة، داعيةً إلى الاحتجاج أمام القصر الرئاسي في قرطاج، حيث من المقرر أن يستقبل الرئيس الباجي قائد السبسي ولي العهد.الجولة بدأها ابن سلمان، أول من أمس، من الإمارات لـ«زيارة عدد من الدول العربية الشقيقة»، وفق بيان الديوان الملكي، على أن ينتقل بعدها للمشاركة في قمة العشرين، التي ستنعقد في الأرجنتين نهاية هذا الشهر. لكن الاحتجاجات المدعو إليها، من المتوقع أن تقوّض أهداف الجولة، التي بدأت وفق مراقبين لتبييض صورته، بعدما احترقت إثر جريمة قتل جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، وجرائم الحرب في اليمن، وانكشاف مسار التطبيع العلني الذي تتجه إليه الرياض وبعض الدول العربية، بعد تأكيد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أول من أمس، دور السعودية في حماية إسرائيل، في معرض دفاعه عن موقفه الداعم لولي العهد.
رفعت مجموعة من المحامين دعوى قضائية مستعجلة لمنع الزيارة


الناطق الرسمي باسم «الجبهة الشعبية»، حمّة الهمامي، اعتبر الزيارة «استفزازاً للشعب التونسي وثورته ومبادئها». وأضاف باسم التكتل اليساري الأكبر في البلاد: «لا أهلاً ولا سهلاً بجلاد الشعب اليمني، بمدمر ومخرب اليمن. لا أهلاً ولا سهلاً بمتزعم التطبيع مع الكيان الصهيوني على حساب الشعب الفلسطيني. لا أهلاً ولا سهلاً بالمشتبه به في قتل صحافي بطريقة من أبشع الطرق». واعتبر الهمامي الزيارة «دفعاً لبلدنا في سياسة المحاور الإقليمية، فالبعض يصطف وراء قطر وتركيا، والبعض يصطف وراء السعودية ومن لف لفها، وهو ما سينجر عنه مزيد الإضرار بسيادة وطننا واستقلالية قراره».
من جانبها، نشرت «النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين»، رسالة مفتوحة إلى رئيس الجمهورية، قالت فيها إنها تفاجأت «كأغلبية الشعب التونسي، بتأكيد زيارة ولي العهد السعودي»، مشيرة إلى أن «الهدف منها تبييض سجله الدامي، على خلفية تورطه ونظام الحكم في بلاده في جرائم بشعة، تمس حقوق الإنسان». وأضافت أنها تستهجن زيارة ابن سلمان «كونه (يمثل) خطراً على الأمن والسلم في المنطقة والعالم، وعدواً حقيقياً لحرية التعبير». وذكرت رسالة النقابة بـ«الموقف الهزيل»، الذي أصدرته وزارة الخارجية التونسية بخصوص اغتيال جمال خاشقجي، والمناورات العسكرية المشتركة الشهر الماضي، وبـ«الموقف المخزي للديبلوماسية التونسية، التي امتنعت عن التصويت للتمديد للجنة التحقيق الدولية المستقلة في اليمن». واعتبرت أن كل ذلك «لا يعكس بأي حال من الأحوال، ما تعيشه تونس من زخم، في إطار الانتقال الديموقراطي». واُختتمت الرسالة بالتأكيد على عدم استعداد الصحافيين للتنازل عن مكاسب الثورة التونسية، وعلى رأسها «سيادة القانون وحرية الصحافة والتعبير».
ومع تزايد الدعوات للتظاهر، تولت «مجموعة الخمسين محامياً للدفاع عن الحريات والتصدي للانحراف في السلطة»، التي تأسست مطلع هذا العام، رفع دعوى قضائية استعجالية لدى المحكمة الابتدائية في العاصمة، لمنع زيارة ابن سلمان إلى تونس. المنسق العام للمجموعة، نزار بوجلال، لفت إلى أنهم «سيتخذون أساليب احتجاجية أخرى لمنع الزيارة مع مجموعة الخمسين صحافياً، قد تصل إلى تنظيم وقفة احتجاجية في مطار تونس قرطاج يوم وصول ولي العهد».