في استمرار للتطورات المتتابعة منذ إصدار القضاء المغربي في بداية الأسبوع أحكاماً شديدة ضدّ ناشطي «الحراك» الذي كان قد هزّ مدينة الحسيمة ونواحيها بين خريف 2016 وصيف 2017، شهدت منطقة الريف في شمال المغرب أمس، مواجهات وتوقيفات، فيما كان بعض الناشطين يسعون للتحشيد على وسائل التواصل الاجتماعي وإطلاق وسم «#الريف_منطقة_عسكرية».وبينما تحدثت وسائل إعلام محلية عن توقيفات وصدامات بين متظاهرين وقوات الأمن في بلدات قريبة من الحسيمة، نقلت وكالة «فرانس برس» عن مصدر في السلطات المحلية، تبريره حملة قوات الأمن بأنّ «نحو 60 شاباً قطعوا بحواجز طريقاً رئيسة وسط بلدة بوكيدارن (ضواحي الحسيمة) ورشقوا قوات الأمن بالحجارة لما تدخلت لفتح الطريق»، مضيفاً أنّ «عشرة من عناصر قوات الأمن أصيبوا بجروح متفاوتة وأصيب أحدهم بجروح بالغة بسبب طعنه بالسلاح الأبيض، ونقلوا جميعاً للمستشفى». وأعقب ذلك بالإشارة إلى «توقيف ستة أفراد جرى تصويرهم وسيتم تقديمهم إلى العدالة وفق القانون».
وبينما من الطبيعي أن تكون أصداء ما يجري في الريف ضعيفة في المدن المغربية، لأسباب على علاقة أساساً بشدة القبضة الأمنية للسلطات، فقد تناقل ناشطون عبر «تويتر» صوراً للوقفة «التي تحولت إلى مسيرة احتجاجية بمدينة مراكش مساء (أول من أمس) بدعوة من اللجنة المحلية بمراكش لدعم الحراك الشعبي، وتنديداً بالأحكام الجائرة في حق معتقلي الحراك الشعبي بالريف».
وكان القضاء المغربي قد حكم مساء الثلاثاء، على قائد حركة الاحتجاج ناصر الزفزافي وثلاثة من رفاقه بالحبس لمدة 20 سنة بعدما دانهم بتهمة «المشاركة في مؤامرة تمسّ بأمن الدولة» على خلفية الاحتجاجات التي هزت مدينة الحسيمة ونواحيها، كما دين 49 متهماً آخرين بالسجن بين عام و15 عاماً. تعقيباً على هذه الأحكام، كتب الدبلوماسي السابق علي المرابط، في تغريدة على «تويتر» أنّ «المسكين علي المرابط فعل كل شيء لعدم إشعال النظام: لم يتوقف عن تحقير "مرتزقة" البوليساريو؛ لم يتوقف عن إعلان أنّ هدف تمرده هو تنبيه الملك إزاء ما يعانيه الريف من قصور خطر»، مستدركاً بأنّه «لم يفهم شيئاً».
استمراراً لما بدأ هذا الأسبوع، حُكم بالسجن على الصحافي حميد المهداوي


جدير بالذكر أنّ صدور الأحكام القضائية تبعه في اليوم التالي حملة إعلامية من قبل مؤسسات قريبة إلى النظام، تبرر ما قام به القضاء، وتطلق عناوين من نوع: «ورقة حمراء لانفصاليي الريف».
واستمراراً لما بدأ هذا الأسبوع، فقد حُكم مساء أول من أمس، على الصحافي حميد المهداوي، بالسجن ثلاث سنوات، بعد إدانته بعدم التبليغ عن جناية تمس أمن الدولة، على خلفية الحراك، وهي تهمة قال ناشطون إنّها تعني عملياً أنّ الرجل خالف الوجهة العامة للتغطيات الإعلامية في الدولة أثناء الحراك.
أيضاً، أوضح ناشطون أنّه «تم (أمس) إيداع الناشط خالد الدمغي السجن بتهمة التحريض على ارتكاب جنح وجنايات، بينما تقررت متابعة الناشط نبيل الكرودي، بتهمة التظاهر من دون ترخيص». كما قال ناشط محلي في «الجمعية المغربية لحقوق الإنسان» لـ«فرانس برس»، إنّ عضواً في الجمعية تم توقيفه الجمعة ببلدة إمزرون، مشيراً إلى توقيفات أخرى في الحسيمة وبوكيدارن.
وأمام تطور الأحداث، أصدرت أحزاب الائتلاف الحكومي، بياناً أمس، عبّرت فيه عن «احترامها لاستقلالية القضاء» في ما يتعلّق بالأحكام الصادرة عنه، علماً أنّ هذا الائتلاف يضم أحزاب «العدالة والتنمية» (124 مقعداً برلمانياً من أصل 395)، «التجمع الوطني» (37)، «الحركة الشعبية»، «الاتحاد الاشتراكي»، «الاتحاد الدستوري»، و«التقدم والاشتراكية». وفي البيان، تحدثت أحزاب الغالبية الحكومية عن «ضمان شروط المحاكمة العادلة التي يقرها الدستور»، مشيرة إلى «حق استئناف الأحكام» و«ما يفتحه من آمال لدى المتهمين وأسرهم في مراجعتها».
في المقابل، أعلن نائبان عن «فيدرالية اليسار الديموقراطي» (معارضة برلمانية) أنّهما سيتقدمان باقتراح قانون من أجل عفو عام عن معتقلي الحراك، فيما عبّرت النقابة الوطنية للصحافة والجامعة الوطنية للصحافة عن «صدمتهما القوية» إثر الحكم على حميد المهداوي، وقالتا في بيان مشترك، أمس، إنهما تنتظران «الإفراج عنه» بعد مراجعة الحكم في الاستئناف.