الجزائر | رغم أن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، لم تصدر عنه أي إشارة رسمية حول نيته الترشح لولاية رئاسية خامسة، فإنّ معظم التفاعلات السياسية في الجزائر تدور حول هذا الحدث المفترض. وفي خضم ذلك، استبَقَت 14 شخصية وطنية في الجزائر الموعد الرئاسي المرتقب العام المقبل، لتناشد الرئيس بوتفليقة، عدم الترشح لأن ذلك «سيرهن مصير الجزائر».وخاطب الموقّعون الرئيس بوتفليقة، عبر مراسلته، مبررين هذا الأسلوب بالقول: «إنّ ذلك أملته أوضاعكم الصحية التي لم تعد تسمح لكم باستقبال المواطنين الجزائريين». وأضافوا في مقطع آخر من الرسالة: «ندعوكم إلى اتخاذ القرار الوحيد الذي يمكنه أن يفتح حقبة جديدة للبلاد، حيث توضع المصلحة العامة فوق مصلحة الأشخاص: ألا وهو تخلّيكم عن العهدة الخامسة».
ولم تحمل رسالة الشخصيات الأربع عشرة، اتهاماً للرئيس بوتفليقة بـ«السعي للخلود في الحكم»، واكتفت بتنبيهه إلى أن ثمة «قوى خبيثة تتحرك لدفعكم نحو طريق العهدة الخامسة»، ثم نُصحه بأن ذلك «سيكون خطأً جسيماً قد يقترفه». وبنبرة عاطفية، خاطبوه بالقول: «برهنوا للجزائريين أن الجزائر أهم عندكم من طموحكم كرجل. ارفضوا اللامنطق، المخاوف، والغرائز الأنانية للذين يحيطون بكم... كونوا ذلك الرجل الذي سينهي عهد الشرعية الثورية بفتح الطريق نحو الشرعية الشعبية».
ومن بين هذه الشخصيات، أسماء فاعلة في المعارضة، على غرار رئيس الحكومة السابق أحمد بن بيتور، ورئيس «حزب جيل جديد» جيلالي سفيان، ورئيسة «الاتحاد من أجل العدالة والرقي» زوبيدة عسول. كما ورد من بين الموقعين، اسم الكاتب الجزائري (الفرنكوفوني) محمد مولسهول المعروف بـ«ياسمينة خضرا» والكاتب الصحافي المعروف سعد بوعقبة، والناشطة السياسية أميرة بوراوي.
طلبت 14 شخصية من الرئيس بوتفليقة عدم الترشح في الانتخابات المقبلة


وفي دوافع هذه الرسالة، ذكر عبد الغني بادي، وهو رئيس مكتب العاصمة لـ«الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان»، وأحد الموقعين، أنّ الأمر «يعود إلى بداية التهليل والتحضير للعهدة الخامسة بكل الوسائل، انطلاقاً من تصريحات رؤساء بعض الأحزاب أو من خلال الاستعراض المتكرر للرئيس في خرجات غير لائقة تعطي إيحاءات بأن هناك من يضع أولى اللمسات لإعلان عهدة خامسة».
وقال بادي في حديث إلى «الأخبار»، إنّ أحزاب الموالاة وأصحاب المصالح، وقبل أقل من سنة على الاستحقاقات الرئاسية، لا يزالون يمارسون خطاب سنة 2014 نفسه، وهم على أتم الاستعداد للمضي قدماً نحو عهدة خامسة ترهن مستقبل البلد بوضع أكثر هشاشة وخطورة في مقابل استقرار مصالحهم واستمرارها.
إزاء الانتقادات التي قوبلت بها هذه الرسالة، ردّ بادي بالقول: «إذا رجعنا إلى سنة 2012، كانت هناك رغبة لدى بوتفليقة للتخلي عن السلطة وقد تجلت في عبارات جيلي طاب جنانو (عبارة عامية تعني انتهى زماننا) وحان تسليم المشعل للشباب وعاش من عرف قدره، لكن بوتفليقة بعد وعكة 2013، لم يعد قادراً حتى على الكلام، كما أن هناك تكتماً على حقيقة وضعه الصحي الذي صار واضحاً بأنه تدهور بشكل كبير، ما يعني أن محيط الرئيس يتحكم في تسيير الوضع وأن أصحاب المصالح هم وراء ما يحدث».
وتقترب دعوة هذه الشخصيات إلى الرئيس بعدم الترشح، من مبادرة سابقة تقدم بها وزير الخارجية السابق، أحمد طالب الإبراهيمي، والحقوقي علي يحيى عبد النور والجنرال المتقاعد رشيد بن يلس، يدعون فيها إلى التكتل ضد احتمال ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لعهدة خامسة. ووجهت الشخصيات الثلاث نداء إلى المؤسسة العسكرية، من أجل تجنّب الانخراط في مشروع العهدة الخامسة. كما سبق للوزير السابق نور الدين بوكروح، أن حذر من مشروع العهدة الخامسة في مقالات طويلة، وطالب الجيش بأن يتدخل «لمنعها».
وتأتي هذه التحذيرات المتتالية من أحزاب المعارضة وعدد من الشخصيات، في ظل حملة مسبقة يقوم بها الموالون للرئيس بوتفليقة، تستعرض إنجازاته على مدار 20 سنة حكم فيها البلاد وتطالبه بالاستمرار. ويتقدم حزب «جبهة التحرير الوطني» دعاة الولاية الخامسة، كما أعلن أحمد أويحيى، وهو رئيس الوزراء والأمين العام لثاني أكبر حزب في الموالاة، أنه لن يكون إلا سعيداً في حال استمرار الرئيس بوتفليقة.