غزة | يبدو أنّ ترسيخ مبدأ الرقابة الذاتية عند الصحافيين أصبح نهجاً لدى القائمين على إدارة قطاع غزة والضفة المحتلة في ضوء حالة القمع الحاصلة لحرية التعبير، ما ينذر بخطر حقيقي، ويمثل تحدياً أمام الصحافيين والكتّاب. لم يشكل احتجاز الصحافية الفلسطينية مشيرة توفيق الحاج الأربعاء الماضي بقرار من النيابة العامة، سابقة في تاريخ العلاقة بين الأجهزة الأمنية التابعة لحركة «حماس» في غزة والصحافيين، غير أنه أثار حالة من الاستنكار لدى الأوساط الإعلامية.
جاء قرار الاحتجاز على خلفية تقرير نشرته توفيق عن الإهمال الطبي قبل عامين، ما دفع وزارة الصحة إلى رفع شكوى للنائب العام الذي قرر بدوره توقيف الحاج، وفقا لما ورد في بيان صدر عن «نقابة الصحافيين الفلسطينيين» في رام الله.
قضية اعتقال الصحافية أثارت حالة من اللغط. حاول بعضهم استغلال الموقف موجهين اتهامات ــ غير معلوم صحتها ـ ضد الصحافية، مشيرة إلى أنّها موقوفة على خلفية جرائم أموال. أمر لاقى استهجان قطاع واسع من الصحافيين، منهم مديرة «مركز تطوير الاعلام» في غزة سامية الزبيدي التي قالت «إن بعضهم حاول تحويل القضية من قضية حرية التعبير إلى قضية جرائم أموال».
ودافعت الزبيدي عن الحاج عبر فايسبوك، قائلة إنّ «اعتقال الصحافيين ليس من صلاحيات النائب العام وهو أمر غير قانوني. اعتقال مشيرة في ظل هذا التشظي الإعلامي (...) جاء لإرهابنا جميعاً، وإخراس أصواتنا الصادحة ضد كل هذه الحالة الهابطة في السياسة والصحة والتعليم وغيرها».

حالة قمع تمثّل تحدياً أمام الإعلاميين والكتّاب

ربما فجرت هذه الحادثة قضية الصحافي سمير شعيب المعتقل لدى أجهزة أمن السلطة الفلسطينية في الضفة المحتلة. إذ سبق أن كتب قبل اعتقاله بلحظات عبر صفحته على فايسبوك، إن كل ما يريده هو الحرية على ضوء الملاحقة المستمرة التي يعانيها. وبناء عليه، حاول نشطاء مقربون من «حماس» استثمار حادثة الحاج، لتسليط الضوء على اعتقال شعيب، واصفين التعاطف مع الصحافية بأنه يعبر عن سياسة «الكيل بمكيالين» لدى الاعلاميين ممن لم يتطرقوا إلى الصحافي المعتقل لدى أجهزة أمن الضفة.
وكانت جهود الصحافيين وبعض رجالات السياسة في غزة أثمرت عن الإفراج عن مشيرة توفيق الحاج بعد أقل من ساعتين على احتجازها، بعدما صدر قرار بإيقافها من النائب العام اسماعيل جبر.
وفي بيانها، وصفت نقابة الصحافيين اعتقال الحاج بأنه مدعاة للقلق على حرية الصحافة واستهداف لها ودفع باتجاه تغييب احترام الرأي والرأي الآخر، من دون التطرق إلى قضية شعيب.
حادثة اعتقال الحاج دفعت الحقوقي والكاتب السياسي مصطفى ابراهيم إلى التساؤل حول حاجة «حماس» إلى «مزيد من الأزمات وارتكاب الخطايا وانتهاكات حقوق الانسان؟». وأشار في الوقت نفسه إلى أن القانون يجب أن يطبَّق على الجميع، قائلاً إنّ «حرية الرأي والتعبير مكفولة للجميع ويجب عدم المس فيها، وممنوع احتجاز الصحافيين تحت أي حجة أو ذريعة، ويجب الضغط لتغيير القانون بحبس الصحافيين»