دمشق | منذ انطلاق الاحتجاجات السورية قبل ثلاثة أشهر، تحوّلت مواقع التواصل الاجتماعي إلى غرف عمليات تنقل الأحداث وترصدها مباشرةً على الشبكة العنكبوتية. هكذا اختار الموالون للنظام استبدال صورهم الشخصية بأخرى تمثّل شخصيات ورموزاً من النظام، أو بالعلم السوري مرفقاً بشعارات وطنية وقومية تؤكد ولاءهم للسلطة، وتتبنى نظرية المؤامرة التي روّجت لها. أما المعارضون، فلم يتردّدوا في التعبير عن رفضهم لعمليات القمع الممارَسة ضدهم، وخصوصاً بعد الاعتقالات وإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين في مختلف المحافظات. هنا شاهدنا شعارات ورسوماً كاريكاتورية تسخر من استخدام القوة المفرطة في مواجهة التظاهرات السلمية.
وجرى الترويج لهذه الأعمال ضمن حملة بعنوان «الشعب السوري عارف طريقه». وقد أنشئت صفحة خاصة على الفايسبوك تحمل العنوان نفسه، كذلك اختار بعض المحتجين استبدال صورهم بأخرى للمعارضين المعتقلين، مطالبين بالإفراج الفوري عنهم.
لكن النشاط الإلكتروني المعارض بقي ناقصاً في ظل غياب صورة الشخصية الرمز، كما كانت حال الشهيدَين محمد البوعزيزي في تونس، أو خالد سعيد في مصر... في الأسابيع الماضية، رشّح أحمد البياسي ليؤدي هذا الدور، وخصوصاً بعد ظهوره في أحد الأشرطة المصوّرة وهو يتعرّض للضرب والدوس بالأرجل مع عدد من أبناء قرية البيضا الساحلية، ثم ظهر الشاب نفسه ليكذّب الرواية الرسمية عن تآمره ضد بلاده، ويروي بالتفاصيل ما قام به «شبّيحة» النظام. وقتها قيل إن البياسي اعتُقل ومات تحت التعذيب، لكن سرعان ما أطل الشاب نفسه على شاشة التلفزيون الرسمي لينفي اعتقاله أو تعذيبه وقتله.
هكذا أعاد الشباب السوري المعارض حساباته إلى أن خرجت قصة الطفل حمزة علي الخطيب إلى العلن. ظهرت صور ابن الـ13 عاماً مقتولاً ومعذّباً بطريقة وحشية. وقد أجّجت هذه الصور مشاعر الغضب والحزن عند قسم كبير من السوريين، ليتحوّل الخطيب تلقائياً إلى رمز الثورة المنشود. وفي ساعات قليلة، انتشرت على فايسبوك عشرات الصفحات والمجموعات التي تحمل اسمه، وتطالب بالتحقيق ومحاسبة من تسبّب بتعذيبه وقتله بوحشية مفرطة. ولعل أبرز هذه الصفحات هي «كلنا الشهيد الطفل حمزة علي الخطيب»، التي ضمّت أكثر من 49 ألف مشترك خلال أربعة أيام. وقد تنوعّت التعليقات والمشاركات على حائط هذه المجموعة، من قصائد رثاء، وعبارات تنديد واستنكار، إلى صور مختلفة للشهيد. وتحولت هذه الصور إلى أيقونات تصدّرت الكثير من الصفحات الشخصية، كما عمل البعض على تحويلها إلى رمز قومي، عندما وُضعت على خلفية العلم السوري، وقد كُتبت تحتها كلمة «منحبك». كذلك صمّم البعض ملصقات خاصة بالمجموعة تطالب بــ«إسقاط النظام المجرم وأعوانه وأبواقه»، وحُمّل الشريط الذي يُظهر جسد الخطيب بعد تعذيبه
وقتله.