الشاشة مقسّمة إلى أربعة مستطيلات، أربع صور جامدة لولا رعشات لامتناهية في الإطارات التي تغصّ بالحشود. ولولا الضجّة العارمة الهاربة من التلفزيون، كأنّها تلك الفرحة الشعبيّة القديمة تنبعث من الراديو خلال أحد خطابات جمال عبد الناصر (تأميم قناة السويس مثلاً؟). هكذا لدقائق طويلة، توقّف الزمن عند اللحظة المستحيلة، بقيت أعيننا مسمّرة إلى المشهد العاري، من دون أي تعليق أو تحليل. هدير بشري متواصل. لا مكان لصوت منفرد الآن. وحدها هذه البهجة الكونيّة تليق بالموقف.كان عمر سليمان يرى نفسه وصيّاً على شعب «غير جاهز للديموقراطية» (بعكس أحبابه في إسرائيل)، فإذا به الكومبارس الذي يعلن نهاية اللعبة. جملة قصيرة جاءت حين لم يعد أحد يتوقعها، دخلت التاريخ مباشرة على الهواء، بالأخطاء اللغويّة التي ارتكبها الرجل المثير للشفقة. ثم تجمّدت الشاشة. إنّه الذهول الذي يعقب تلقّي نبأ خطير، لا يصدّق، أو فرحة لا تتّسع لها الصدور. البيان الذي تأخّر 24 ساعة على الأقلّ، نقلته المحطّة قبل أن تترك شاشتها للناس الذين أحيت جذوة ثورتهم، وأوصلتها إلى الفضاء الأوسع. لقد بلغت الثورة تمامها على «الجزيرة»، هنا حيث دارت فصولها بالنسبة إلى العالم أجمع، وحتى بالنسبة إلى الذين احتشدوا في ميدان التحرير، وسائر الساحات المصريّة، ممن كانوا في حاجة حيويّة إلى اختراق الجدران الصمّاء للإعلام العربي.
«ثورة النيل» التي عشناها مباشرة على الهواء، بأيامها الصعبة ومشاهدها المفجعة وآمالها وفرحتها، بضحاياها وشهدائها، بوجوهها المغمورة ورموزها وقياداتها وأبطالها المرتجلين... أعلنت نهاية الإعلام العربي السائد (حتّى في «لبنان ـــــ الحريّة»، حجبت أصوات ومقالات إعلاميين أرادوا التعاطف مع شعب مصر). الآن وقد أعلنت الساعة الصفر للديموقراطيّة في أرض الكنانة، سؤال أساسي يطرح نفسه: ما هو مصير الإعلام الرسمي على الطريقة المصريّة؟ كيف سيتصرّف جيش الموظّفين المدجّنين في مواجهة جيل التويتر والفايسبوك؟ اليوم خمر... وغداً تبدأ المعركة الفعليّة لبناء المستقبل.
5 تعليق
التعليقات
-
تعليق عاجل..!خطر ببالي تعليق عاجل..! منيحة هيدي عاجل يللي بتضوي براسنا كل لحظة ونحن مشدوهون على شاشات الفضائيات والأرضيات -ومابينهما- ننتظر بحرقة وتشفٍ خلع طاغية؟! غريزياً توجهت (لثقافة وناس).. مالقيت بعدد اليوم مايتعلق بموضوع تعليقي , قمت جيت (عالبيت) .. على احدى مقالات بيار وقررت أكتب هنا..! خطر في بالي خاتمة قصيدة محمود درويش :(عابرون في كلام عابر), حسيت -وهي الموجهه الى الصهاينة- صالحة جداً لمخاطبة الطغاة الحكام العرب المخلوعين والمرشّحين.. يقول درويش : ..... ايها المارون بين الكلمات العابره كدسوا اوهامكم في حفرة مهجورة ، وانصرفوا واعيدوا عقرب الوقت الى شرعية العجل المقدس او الى توقيت موسيقى مسدس فلنا ما ليس يرضيكم هنا ، فانصرفوا ولنا ما ليس فيكم : وطن ينزف و شعبا ينزف وطنا يصلح للنسيان او للذاكرة ايها المارون بين الكلمات العابرة آن ان تنصرفوا وتقيموا اينما شئتم ولكن لا تقيموا بيننا آن ان تنصرفوا ولتموتوا اينما شئتم ولكن لا تموتو بيننا فلنا في ارضنا مانعمل ولنا الماضي هنا ولنا صوت الحياة الاول ولنا الحاضر،والحاضر ، والمستقبل ولنا الدنيا هنا...و الاخرة فاخرجوا من ارضنا من برنا ..من بحرنا من قمحنا ..من ملحنا ..من جرحنا من كل شيء،واخرجوا من مفردات الذاكرة ايها المارون بين الكلمات العابرة!..
-
جوزف سماحة ..... قامة المجد !اليك في ذكراك وانت الساكن شغاف القلوب ، واهداب العيون تحكي قصص المجد للغافلين تنير الدرب وتصنع العشايا يا قلم الحرية والجرأة والبطولة يا حبر " الاخبار " ومدد العزم ما احوجنا اليك ترقب طلائع الاجيال التي آمنت بالفكر سلاحا امضى من كل الادوات الرخيصة المادية فانت وامثالك لا تموتون ولا تغادرون ولا تترجلون عن جياد السف والقلم ها نحن نؤؤب اليكم مؤمنين اكثر من اي وقت مضى انكم كنتم العقل والو عي والحرية والسماحة والمحبة يا اخي جوزف سلام عليك .... من علي النهري المثقفة التي احبك الكثيرون فيها لانك ابن الارض ولسان الحب وسيف المقاومة سلام عليك تنظر بعيني الامل الثورات الحالمة بشرق جديد حيث قضت البطولة _ وعذرا من ابي ريشة _ ان تمد جسمك وقامتك قامة المجد ، جسرا للعبور الى ظلال الحرية جوزف باق فينا املا وحبا وسماحا وارادة لا تلين وعهدنا بمن احببت واحبوك في الاخبار كلمة حق وسيف عدالة ....
-
في ذكرى جوزف .... تحية الىفي ذكرى جوزف .... تحية الى بيار المدرسة ذاتها ....بيار يتابع وينجز
-
جوزف وبيار!بيار أبي صعب: أشدّ على يديك في ذكرى جوزف سماحة! أعرف أنه كان نديمَ روحك! بعيداً عن اللغة الانتصاريّة -ونحن نعيش انتصارات من يصعدون الى جلجلة الحريّة باسمين- أقول ماأحسّ بأنّ الطفلَ الذي داخلك يبوح -على وجل- به اليوم : اين هو ؟! اشتقنا للسهر معه..لنديم كأس و شجو أغنية من طرب الزمن الجميل..!ِ
-
مصيرهم كما مصير الانظمة التيمصيرهم كما مصير الانظمة التي ترعاهم مصيرهم في مزبلة التاريخ بارادة الشعوب التي بدات تستعيد وعيها