لم تكن يسرا محمد تعلم أنّها ستحاكم بسبب برنامجها الأسبوعي «في الصميم» الذي يعرض على قناة «اليوم» الكويتية ويناقش قضايا عدة، خصوصاً العنف الجسدي والجنسي ضد المرأة في المجتمعات العربية وموضوع السياحة الجنسية وشبكات البغاء. إذ رفعت وزارة الاعلام الكويتية دعوى ضد المذيعة بتهمة «خدش الحياء» في سابقة فريدة تسجّلها الدولة التي كانت توصف بأنها الديموقراطية الوحيدة في الخليج. اللافت أنّ الحلقة التي أقامت الدنيا عُرضت في شهر شباط (فبراير) الماضي، وتناولت فيها يسرا محمد «بغاء القاصرات»، فإذا بوزارة الإعلام تستفيق عليها اليوم. أحد المتضامنين على تويتر كتب في الصفحة التي أنشأها اعلاميون ومثقفون لدعم المذيعة الكويتية: «قدرك وقدر حلقتك أنها أتت في حقبة طغى عليها الجانب السياسي والديني، ولم تكن في حقبة ثقافية فكرية. السياسة إيدز الفكر والثقافة»، فيما اتهم آخر بأن «التيار الذي يقف خلف القضية المرفوعة، مشهور بإجازة زواج القاصرات». وكانت المذيعة المعروفة تقدّمت برسالة لوزير الاعلام الكويتي محمد عبد الله الصباح، شرحت فيها ملابسات الحلقة المثيرة للجدل، موضحة أنّ الكتب الجنسية التي استخدمت في إعداد الحلقة التلفزيونية، عبرت على وزارة الاعلام وتباع في الكويت بتصريح منها!
اذاً في قضية يسرا محمد، أصبح الدليل واضحاً على اختطاف الكويت من قبل تيار يوصف بـ«الإسلامي». فيما شكت الاعلامية من عدم وقوف «جمعية الصحافيين الكويتية» معها أو اصدار بيان يستنكر ما يحدث من هجمات ضدها... سقطة لبلد تميز بكونه دولة القانون والحريات في واحة الخليج العربي. بعدها توالت الاتهامات من الاوساط الثقافية الكويتية للسلطة المحلية بأنّها أصبحت الوجه الثاني من العملة لجارتها السعودية، في ممارستها المكارثية الثقافية.
يسرا محمد قالت في اتصال مع «الأخبار»: «قبل رفع الدعوى، أثير موضوع برنامجي في مجلس الأمة بسبب التيارات الإسلامية، ما دفع وزارة الإعلام إلى رفع دعوى بتهمة «خدش الحياء» حتى وصلت إلى المحكمة اليوم». وتضيف يسرا «وصلتني رسائل من مثقفات خليجيات يعانين من الاضطهاد الفكري وسيطرة الظلاميين». إذاً، كلمات مثل «شيك، عذراء، قاصر، سياحة جنسية، بغاء شرعي» قد أزعجت الرقيب الكويتي. فكتب أحدهم ساخراً: «في قضية يسرا محمد، جاءت الدعوى من وزارة الإعلام الكويتية، لو تقدم بها مواطن عادي كان مجرد قبول الدعوى، كارثة، فكيف والوزارة هي المدّعي؟!».



المسلسل مستمرّ

أصدرت «الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان» بياناً استنكرت فيه مقاضاة وزارة الإعلام الكويتية للإعلامية يسرا محمد واتهامها بخدش الحياء. وجاء فيه أنّ الدعوى تعدّ «انتهاكاً صريحاً لحرية الإعلام، واستمراراً لمسلسل تقييد الحريات الذي تشهده الكويت في الفترة الأخيرة من خلال ملاحقة المدونين على مواقع التواصل الاجتماعي وقمع التظاهرات السلمية، وإغلاق قنوات فضائية، ما يتعارض مع مقومات الديموقراطية والدولة الحديثة التي كانت الكويت تتمتع ببعض منها حتى وقت قريب». علماً أنّ يسرا ستمثل أمام المحاكم الكويتية في السادس من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.