الرباط | لم يتوقع الصحافي المغربي المختار الغزيوي أن تتحول مداخلته في برنامج «العدّ العكسي» على قناة «الميادين»، مساء السبت، إلى قضية أثارت الكثير من الجدل. بعدما طالب رئيس تحرير جريدة «الأحداث المغربية» الحقوقيين بإلغاء القوانين المجرّمة للعلاقات الجنسية في المملكة، فُتحت عليه أبواب جهنّم، وسيقت الكثير من الاتهامات في حقّه، وصلت إلى التلميح بـ«وجوب قتله»! جاءت مداخلة المختار الغزيوي إثر دعوة وجّهتها إليه «الميادين» للحديث عن مطالبة «الجمعية المغربية لحقوق الإنسان» بإلغاء الأحكام القانونية التي تجرّم العلاقات الجنسية بين راشدين خارج مؤسسة الزواج (الفصل 490 من القانون الجنائي المغربي). وفي بيان لها، رأت الجمعية أنّ الحرية الفردية هي الأساس، وأنّ الراشدين يملكون الحق في عيش حريتهم خارج مؤسسة الزواج. وبعدما أثار الموضوع الكثير من المداد، استقبلت «الميادين» المختار الغزيوي للحديث عن القضية. وخلال الحلقة، أرادت مقدمة البرنامج لينا زهر الدين استفزاز ضيفها الذي دعم موقف الجمعية، فسألته: «وهل ترضى هذا الأمر لأمك وأختك؟». كان جواب الصحافي حازماً منتصراً لحرية المرأة والإنسان التي لا تُختصر في الجنس فقط. قال: «أنا أقبل أن تمارس أمي وأختي وابنتي حريتهنّ كما يردن». هذا الجواب سرعان ما انتقل إلى يوتيوب، وفايسبوك، ونشرت مئات التعليقات المنددة، راوحت بين الشتم والسباب البذيء، ووصل بعضها حدّ الدعوة إلى قتل الصحافي. كلام الغزيوي وصل أيضاً إلى مجالس أحد «الدعاة» الذين تنشر لهم عشرات التسجيلات على الإنترنت. إنّه الشيخ عبد الله نهاري الذي لم يتردد في وصف الغزيوي بـ«الديوث» الذي يجب قتله، و«علامة من علامات ردّة خطيرة لم يعرفها المجتمع المغربي من قبل». تصريح عبد الله نهاري الذي سبق أن طرد من وظيفته كخطيب جمعة، أثار الكثير من التضامن مع الصحافي، باعتباره تحوّلاً خطيراً من مجرد انتقاد موقف الغزيوي إلى دعوة صريحة إلى المسّ بسلامته الجسدية. هكذا، قامت مجموعة من المنظمات الحقوقية، منها «بيت الحكمة» و«حركة اليقظة المواطنة» و«فيدرالية الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة»، بإصدار بيان دعت فيه «القوى المدنية الحية المنتصرة لقيم الحداثة والديمقراطية وحقوق الإنسان إلى التصدي لهذه الدعوات التكفيرية التي تسهم في نشر ثقافة العنف والتحريض واللاتسامح والتطرف». وأضافت: «لأنّ تصريحات النهاري تحريض مباشر على العنصرية والكراهية والعنف، ودعوة صريحة إلى المس بالسلامة الجسدية والمعنوية للأشخاص، وتحريض على القتل بموجب القانون الجنائي، فإنّنا ندعو الجهات القضائية المختصة إلى إعمال القانون في حقّ المسمى عبد الله نهاري».
جريدة «الأحداث المغربية» التي تعتبر من المنابر الإعلامية الداعية إلى العلمانية والحريات الفردية ومبادئ التنوير في المملكة، طالبت السلطات بفتح تحقيق في الاتهامات الخطيرة التي وجهها الداعية إلى الغزيوي، ودعوته الضمنية إلى استعمال العنف بحقّه، وحقّ مَن يحملون أفكاره. وهو ما استجابت له السلطات التي فتحت تحقيقاً في الموضوع. وأصدر وكيل الملك (النيابة العامة) في مدينة وجدة (شرق المغرب)، حيث يقيم الداعية، بياناً يعلن فيه فتح تحقيق في ملابسات القضية «وما يمكن أن تشكله هذه التصريحات من تحريض على ارتكاب أعمال تعتبر جناية بواسطة الخطب، أو تعتبر تحريضاً على العنف بالوسيلة نفسها».