في «ذكرى 13 تشرين الأول 1990»، اختارت كلود أبو ناضر هندي القفز على التاريخ في برنامجها «تحقيق» الذي يعرض كل يوم أحد على mtv. حبكت الإعلامية اللبنانية حلقة من 51 دقيقة اقتطعت فيها حقبةً من الحرب الأهلية اللبنانية (1975 ــ 1990) لتربطها بذكرى «حرب التحرير»، وصولاً الى 2005 (الانسحاب السوري من لبنان) كما أوردت في المقدمة. بهذه الحلقة، أرادت كلود أبو ناضر الإضاءة على «ذكرى اجتياح الجيش السوري للمناطق الشرقية وما رافقه من عملية تنكيل بالجيش اللبناني والمدنيين»، مشبّهةً ما حصل بالمسيحيين في ظل الوجود السوري «بالنكبة بالنسبة إلى الفلسطينيين، والهولوكست بالنسبة إلى اليهود».
في هذه الدقائق، أخذتنا هندي الى 4 مناطق «مسيحية» وقعت فيها معارك أطراف متنازعة داخلية وإقليمية: قنات الشمالية (1976)، الدامور (1976)، الأشرفية (1978)، وزحلة (1981). سيناريو واحد في التعاطي والمقاربة اتكأ على أرشيف صور فيديو وعناوين صحف كانت تصدر في تلك المعارك مع إجراء مقارنة بين وضع البلدات وقتها وما هي عليه حاضراً، والاستعانة بشهادات أهلها. والأهم كانت «ركّ» هندي على شدّ «العصب المسيحي» في التقرير عبر العزف على وتر الكنائس في كل بلدة وما لها من رمزية دينية.
الحلقة «التوثيقية» نسفت كل إطار مهني يوجب التعاطي مع أي ملف تاريخي: بداية، ظهر تورّط المقدمة واضحاً في تدخلها المباشر بالتقارير من تعليق وخطاب طويل في نهاية الحلقة. بعدها، تغيّب هندي الأطراف الأخرى المشاركة في هذه المعارك كـ«الكتائب» و«الحزب التقدمي الاشتركي»، و«المردة» و«القوات اللبنانية» لتحصرها فقط بالجيش السوري (رغم وحشيته آنذاك وقصفه العشوائي على الأحياء المدنية).
تلعب هندي بدورها الحلقة على النفس الإنساني: صور أرشيفية من المستشفيات الميدانية في زحلة وأصوات الأهالي في الملاجئ تتحدث مع الإعلام الفرنسي بالفرنسية، والوقوف عند حالات إنسانية صعبة كفقدان إحدى الشاهدات ابنيها في معركة زحلة، وأخرى أفراد عائلتها وجيرانها في الأشرفية، بالإضافة الى استخدام لغة الأرقام في تعداد الضحايا والقذائف. لكن طبعاً كل ذلك لن يبرر هذا الاقتطاع والتحوير في توثيق هذه الحوادث الذي تجلّى عند الحديث عن معركة الأشرفية وترويج هندي لصورة بشير الجميل «قائد قوات مقاومة الاحتلال السوري». حلقة فئوية وأحادية تحوّر التاريخ وتلعب على الوتر الطائفي عبر تكريس عقدة الاضطهاد عند المسيحيين دون غيرهم من اللبنانيين الذين كان لهم بالطبع معاناتهم في تلك الحقبة وغيرها.

يمكنكم متابعة زينب حاوي عبر تويتر | @HawiZeinab




الهدف من الحلقة!

كان واضحاً في الحلقة التركيز على مقارنة ما حصل في حقبة الوجود السوري في لبنان، وما حصل اليوم في سوريا بداية مع الفترة التاريخية المتناولة في هذا التقرير التي امتدت الى 2005 عام انسحاب القوات السورية من لبنان. وبعدها، راح الشهود يذكّرون بأنّ مشهد الأمس هو نسخة عما ما يحصل اليوم. تقول كارول غلام معدة التقرير الخاص بالأشرفية: «السكان اليوم يسترجعون صور النظام الذي ظلمهم». وأنهت كلود أبو ناضر الحلقة بالكلام عن 100 ألف قتيل قضوا خلال سنتين وأكثر في سوريا لتسأل في النهاية: «كيف للبنانيين أن ينسوا نظام قتل وقمع منذ 30 عاماً، ولا تزال غباره متناثرة الى اليوم؟».