نشرت مجلة «أتلانتيك» الخميس الماضي حواراً يعتبر الأهم للرئيس الأميركي باراك أوباما الذي يغادر البيت الأبيض بعد تسعة أشهر. عبر 80 صفحة، تم رسم الوصية الأساس أو ما سمّي «عقيدة أوباما»، مفجراً قنابل سياسية في الداخل والخارج، وموضحاً طبيعة علاقة الأميركيين مع الحلفاء والأعداء. الحوار أثار ضجة صحافية وسياسية ترددت أصداؤها في البيت السعودي، وخصوصاً بعدما وجه أوباما للحليف النفطي تهمة «تصدير الوهابية التي ستقضي على الإسلام»، داعياً السعودية إلى سلام بارد مع الإيرانيين للقضاء على الحروب في الشرق الأوسط.
الغضبة السعودية المستجدة على الحليف القديم، بدأها مدير قناة «العرب» جمال خاشقجي عبر تويتر بالقول: «نعم هناك ود مفقود بين المملكة وأوباما، ولكن على ذلك تبكي النساء. المهم أن نعمل بجد لئلا تتحول «عقيدته» إلى سياسة أميركية ينتهجها من يليه».
الصحف السعودية الصادرة أمس، تبنت بدورها تظهير الخطاب السعودي الرسمي المعترض على الهجمة الأميركية بطريقتها الخاصة. هكذا، قرأنا مقالاً للأمير تركي الفيصل في «الشرق الأوسط» السعودية بعنوان «لا... يا سيد أوباما». بدأ الفيصل بلهجة هجومية قائلاً: «نحن لسنا من يمتطي ظهور الآخرين لنبلغ مقاصدنا»، ومعدداً تقديمات السعوديين للأميركيين في مجال محاربة الإرهاب، متهماً أوباما بالانقلاب على حلفائه، بحجة أنّ القطيعة الأميركية الخيرة إنما جاءت ردة فعل متأخرة على «ضربة مليكنا الراحل عبدالله، على الطاولة في لقائكما الأخير، حيث قال لك: «لا خطوط حمراء منك، مرة أخرى، يا فخامة الرئيس»».
سيد البيت الأبيض يشاهد الأوبرا ويداعب كلبه ويلعب الغولف
وعبر افتتاحيتها التي يكتبها الصحافي أيمن الحمادي، انتقدت صحيفة «عكاظ»، اقتراح الرئيس الأميركي هدنة «سلام بارد» مع الجار الفارسي، بحجة أنّ «مقومات نشوئه وأساسيات قيامه لا تستقيم وتصرفات إيران التي لا تتوافر لديها أبجديات الحث على التقارب، فما بالنا بحلول السلام بيننا».
وباعتقاد الحمادي، فإنّ المقابلة الأخيرة أفشلت حظوظ أول أميركي من أصول أفريقية ينتخب رئيساً للولايات المتحدة، في المساهمة في صنع اللحظات التاريخية في المنطقة العربية المضطربة التي تحتاج «إلى رئيس يصنع التاريخ لا أن يدخله».
الكاتب طارق الحميد في صحيفة «الشرق الأوسط» كثف هجومه على الرئيس الأميركي بالقول: «وجهة نظر أوباما هذه لا تتعلق بطرف محدد بقدر ما توضح أنه يعيش في فقاعة، وأنه مثقف روائي وليس سياسياً. حالم يقرأ الرواية وليس كتب التاريخ والسياسة». الرئيس الذي ــ بحسب رأي الحميد ــ انتقد الجميع حتى إسرائيل، واستثنى من هجومه إيران وروسيا، ظهر في «أتلانتيك» مستخفّاً بخطر «داعش» "الذي لا يشكل خطراً على المواطن الأميركي"، كونه رجلاً «يعيش في فقاعة وممتلئاً بالغرور والمثالية».
وفي سياق الحملة المتحدة على الحليف الأميركي، بدأ مشاري الذايدي مقالته في الصحيفة نفسها بالقول: «الأمر معقد» هكذا أجاب الرئيس الأميركي، الحائر المحير، باراك أوباما، حين سأله الصحافي: أليس السعوديون أصدقاء لكم؟». واتهم الرئيس أوباما بـ«كسر كل ثوابت السياسة الأميركية الخارجية، كأنه يقوم بثورة بيضاء داخل البيت الأبيض، لكن في الوقت الضائع بعد غروب شمس ولايته». وسجّل الذايدي اعتراضه على طلب أوباما تقاسم المنطقة بين السعوديين وإيران، كون ذلك «تسطيحاً لطبيعة الصراع» بين الغزاة «الخمينيين» وبين من يريد الحفاظ على أمنه».
الحملة التي ستستمر ربما إلى أن يغادر سيد البيت الأبيض منصبه، ختمتها صحيفة «عكاظ» بالسخرية من أمنيات أوباما بالسلام المستحيل، في مقالة فهيم الحامد الذي كتب: «لولا عاصفة الحزم، لابتلع النظام الإيراني اليمن أيضاً، بينما كان سيد البيت الأبيض يشاهد الأوبرا ويداعب كلبه في البيت الأبيض ويلعب الغولف في هونولولو».