أوّل من أمس، كان المشهد هزلياً في قصر العدل في بيروت، عندما جمع رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع سبعة مدّعى عليهم من الجسم الصحافي، والمحاماة، والفنّ. هكذا جمع هؤلاء في غرفة واحدة مع المدعي العام التمييزي شربل أبو سمرا، على خلفية ادعاء جعجع عليهم بتهم راوحت بين «القدح، والذم، وإثارة النعرات الطائفية، والتعرّض للرموز، والتشجيع على التسلح». استراتيجية جديدة تعتمدها «القوات» لإرهاق الجسم الصحافي، وممارسة رقابة غير مباشرة عليه.
والجامع بين كل هؤلاء المدعى عليهم هو اللون البرتقالي العوني المتمثل في «صوت المدى» وقناة otv. هكذا ظهر هؤلاء أخيراً على مواقع التواصل الاجتماعي عبر صورة واحدة جمعتهم، حيث قُلِّدوا أوسمة تعلوها عبارة «لائحة الشرف للكلمة الحرّة». وقد رفعت «القوات» جزءاً من هذه الدعاوى على خلفية بثّ حلقة من برنامج «شو عم يصير» في 8 أيار (مايو) الماضي على إذاعة «صوت المدى». يومها، تطرّق البرنامج إلى القانون الأرثوذكسي عبر تقارير ومداخلات من الضيوف، أهمهم ميشال ألفتريادس الذي وصف وقتها جعجع بـ«مجرم حرب» (الأخبار 21/9/2013)، والأمين العام لـ«هيئة قدامى القوات» جوزيف الزايك، والمحامية مي خريش، وأدارت الحوار ألسي مفرّج، وأعدّت التقارير رندلى جبور. قالت الأخيرة في حديث صحافي إن مضمون هذه التقارير «وردت على لسان أفراد من القوات ولا تتضمّن أيّ شتيمة». كذلك استُدعيت مديرة الأخبار في الإذاعة دورا نعيم متى. ولتكتمل الجوقة، انضمّت إلى المدّعى عليهم معدّة ومقدمة برنامج «خط تماس» على otv غدي فرنسيس، بسبب ادعاء جعجع أيضاً عليها بعد بثها حلقة تعود إلى أربعة أشهر، حيث يظهر مسلّح من «الجيش السوري الحرّ» في القصير يتهم قائد «القوات» بتسليحه. علماً بأنّ الجلسة في الدعاوى كلها أُرجئت إلى 11 تشرين الثاني (نوفمبر) بسبب اعتراض جهة الدفاع على تفريغ حلقة «صوت المدى» التي «أتت مجتزأة ولا تتطابق مع مضمونها الذي بُث»، فضلاً عن تأخّر محامي «القوات» سليمان لبس لأكثر من ساعة للحضور. هكذا، تتواصل سلسلة الاستدعاءات التي تقوم بها «القوات» عبر نبش أرشيف البرامج الإذاعية، والتلفزيونية، وحتى الإلكترونية، وليس آخرها استدعاء الكاتب والمخرج شربل خليل بتهمة تجسيد جعجع، ونائبه جورج عدوان على هيئة «مصاصي دماء» في برنامجه «دمى قراطية» على lbci في حلقة بُثَّت في آذار (مارس) الماضي. وكان سبق كل هذه الأسماء الصحافي مهند الحاج علي الذي نال نصيبه أيضاً من الدعاوى المقدّمة من «القوات»، عندما نشر موقع «المحاسبة» مقالاً، هو عبارة عن رسالة من «قدامى القوات اللبنانية» عنوانها: «سمير جعجع ترسانة من الجرائم والسرقات». هذه الاستدعاءات الهزيلة التي يقابل المدّعي التمييزي بعضها بالذهول والابتسامة قد يشبّهها المرء بمحرّك البحث الإلكتروني غوغل. فور وضع أيّ كلمة، تظهر أمامك كمية هائلة من المعلومات. هكذا أيضاً ضرب جعجع محرك بحثه «الإعلامي»، وأراد النيل من كل شخص طاوله بالكلام، ولو حتى مرور الكرام، ومن المفضّل أن يكون الشخص «برتقالياً»!