كل ما في مصر متحفز. ترقب وآمال ومحاذير في حضرة "30 يونيو". الإعلام يشتعل بخطاب ناري، وكواليس حرب قوى بين القنوات الخاصة والنظام، وميدان التحرير يشتعل.
من السمات المميزة للمظاهرات المصرية، قدرتها على استخلاص الكوميديا من أحلك المواقف، والتعبير عن رأي سياسي بالنكتة، وتسليط الضوء على الوعي الشعبي في ما يخص الموقف السياسي والثوري. في محيط القصر الرئاسي في الاتحادية، بدأت اللافتات تتوجّه لناحية القصر مرسلة رسائل قصيرة إلى ساكنيه. اللافتة الأكثر طرافة التي وضعت فوق ترام مصر الجديدة، تقول: "موبايلات بقى" إلى جانبها صورة محمد مرسي. نكتة تحيل إلى إفيه محمد هنيدي في فيلم "جاءنا البيان التالي"، حين يتنكر في زي فتاة ليل، وتقبض عليه شرطة الآداب. وفي لحظة دخوله سيارة الشرطة، يقول: "موبايلات بقى". الإحالة إلى هذه الحالة، بكل ما تحمله من يقين برحيله أولاً، وعودته مرة ثانية إلى السجن.

على بعد كيلومترات، وفي ميدان التحرير، بدأت اللافتات والغرافيتي تتفاعل من الرسائل الواضحة "ارحل يا فاشل" وصورة مرسي عليها علامة (X) المميزة لحملة تمرد، وشعارات "مع الإسلام ضد الإخوان" و"يسقط يسقط حكم المرشد" و"كفاية عك" وصولاً إلى التساؤلات المريرة على شاكلة "سنة واحدة وعملت فينا كده؟" أو اللقطات الطريفة التي تعبر عن حالة من الكوميديا: "الإخوان المسلمون 1928 ـــ2013". لا يحتاج مرسي إلى أكثر من اقتباسات من خطاباته حتى تصنع حالة من الكوميديا فرفعت جمل تحمل صورته مثل "القرد لو مات القرداتي يشتغل إيه" و "إني أحذركم أن أفعلها وها أنا أفعلها" ولعل أطرفها من كلام مرسي "مصر ومرسي دونت ميكس"
على الجانب الآخر، شهد شارع رابعة العدوية وقاطنيه من الإخوان محاولة يائسة لصناعة كوميديا، وهو ما لم يقدروا على فعله في مليونيات سابقة. استشهادات من كتب تراث كالجبرتي: "الجنس العربي مختلف لا يقوم إلا بالدين" ولافتة مكتوب عليها "وما نيل المطالب بالتمرد— ولكن يؤخذ الكرسي انتخاباً" في تعديل لأحد أبيات أمير الشعراء أحمد شوقي.
أخيراً، نهل الشعب المصري من تصريحات رئيسه لافتات تمتلئ كوميديا لعل أطرفها ما قاله قبل الانتخابات "أنا عاوز الشعب يثور ضدي لو ماحترمش الدستور والقانون". استعار المتظاهرون المعارضون هذه العبارة ووضعوها على لافتة مع كلمة أخرى هي "حاضر".