يوم الثلاثاء الماضي، دارت كاميرا المخرج السوري سيف الدين السبيعي (1973) لتصوير الجزء الثالث من مسلسل «الولادة من الخاصرة» الذي يحمل اسم «منبر الموتى» بعدما اعتذرت رشا شربتجي عن عدم إكماله (الأخبار 29/4/2013). في ما يتعلق بأسباب الاعتذار، فقد شرحتها شربتجي في بيان قبل أيّام، إذ أكّدت «استحالة تنفيذ العمل بإمكانات إنتاجية أقل مما يفترض»، مشددةً على «حرصها منذ البداية على التصوير في الأماكن الحقيقية للقصة، رغم سوء الظروف الأمنية في سوريا»، على اعتبار أنّ النص يحاكي الأحداث الواقعية هناك بعمق. لكن استجابةً لرغبة ممثلي العمل، اضطرت صاحبة «زمن العار» (2009) إلى التصوير في بيروت على حد زعمها. إلّا أنّ المخرجة السورية لم تتطرق إلى منع الرقابة السورية لنص المسلسل أو تأجيله بطريقة احتيالية للتهرب من بتّه، وخصوصاً أنّه يُصوّر خارج الأراضي السورية. ولم تأت شربتجي أيضاً على توضيح الشائعات التي تفيد بأنّ ارتباطها أخيراً بضابط سابق في الاستخبارات السورية جعلها تراجع نفسها، وتتردّد في إنجاز العمل الذي يفضح المنظومة الأمنية في البلاد لجهة فسادها وعلاقاتها بعصابات تبدو أقرب إلى المافيا. العمل المرتقب يتعرض بشكل مباشر لارتباطات ضباط في الأمن السوري وتجاوزات فاضحة قاموا بها. على أي حال، سرعان ما اتخذت شركة «كلاكيت» المنتجة للعمل إجراءاتها الإسعافية بعد توقف المسلسل، وعمدت إلى إبرام اتفاق مع المخرج السوري سيف الدين السبيعي، كما استبدلت الفنيين الذين اعتذروا عن عدم إكمال المشروع واستعانت بعبد الناصر شحادة.
في حديثه إلى «الأخبار»، تبرّأ السبيعي من التصريحات التي نقلت عن لسانه، موضحاً أنّه «لم أدل بأي تصريح لأي وسيلة إعلامية حول هذا المشروع، لأنّه بمجرد اتصال «كلاكيت» بي، تواصلت فوراً مع شربتجي وحاولت معرفة المشاكل الحقيقية التي واجهتها وأوصلتها إلى الاعتذار، وخصوصاً أنّه سبق لها أن أنجزت جزءين منه». وأضاف صاحب مسلسل «طالع الفضّة» (2011): «حاولت تقريب وجهات النظر بين زميلتي والشركة المنتجة، لكن على ما يبدو كانت هناك هوّة كبيرة بينهما، الأمر الذي دفع شربتجي إلى اتخاذ قرار حازم بعدم التصوير»، مشيراً إلى أنّ «مصلحة العمل تفوق مصلحة الجميع في النهاية، وهناك محطات فضائية وقّعت عقوداً مع الشركة وتنتظر وصول حلقات جاهزة للعرض في الموعد المحدد». وقال السبيعي إنّ «هناك جمهوراً عريضاً ينتظر عرض المسلسل، فضلاً عن إعجابي بالنص الذي قرأته». وتطرّق صاحب مسلسل «عن الخوف والعزلة» (2009) إلى نص العمل، موضحاً أنّ «السيناريست سامر رضوان أنجز نصاً تفوّق فيه على كل إنجازاته السابقة من خلال حكاية درامية تغوص أكثر في تفاصيل الأزمة السورية وتطوراتها، لكن بعيداً عن التوثيق»، مضيفاً إنّ الكاتب لجأ إلى «تصنيع درامي مختلف يحاكي الأحداث بشكل إسقاطي هام، واتخذ موقفاً واضحاً مما يحدث من دون أي مواربة»، وهو ما اعتبره السبيعي أكثر مقومات النص تميّزاً. وعن عدم حصول الأخير على موافقة «لجنة الرقابة في التلفزيون السوري»، أكد نجل الفنان الكبير رفيق سبيعي أنّ «الدوائر الحكومية لم توافق على العمل كونه لا يُصوّر على الأراضي السورية، وفضّلت مشاهدته بعد إنجازه لاتخاذ القرار النهائي بشأن عرضه على القنوات السورية، من دون أن تحمّل صنّاعه أي مسؤولية». وأشار السبيعي إلى أنّ جميع نجوم المسلسل مستمرّون في أدوارهم، وهم: منى واصف، عابد فهد، باسم ياخور، قصيّ خولي، صفاء سلطان، شكران مرتجى، محمد حداقي وفادي صبيح، فيما حلّت النجمان سمر سامي وأيمن رضا ضيفان جديدان على «منبر الموتى».
شخصيّة «أبو نبال» (باسم ياخور) التي برزت في الجزء الثاني من المسلسل العام الماضي ستستمرّ في الجزء المقبل، وفق ما أكد الممثل باسم ياخور لـ«الأخبار»، مشدداً على أنّ «هذه الشخصية تأتي كنوع من الرصد لتلك الشريحة من الناس التي تشكّل مافيات صغيرة، وهي جزء من السلطة التي تستخدمها مطيّة لتنفيذ مآربها». وأضاف بطل مسلسل «المفتاح» (2012): «يسعى أبو نبال إلى الانتقام من المسؤول الكبير الذي تخلّى عنه بطريقة مهينة، ومن الضابط رؤوف الذي أذلّه إلى أقصى الحدود، وهو يستفيد من الأزمة العاصفة بالبلاد ومن علاقته بالسلطة ليكون ذراعاً في يد الأمن في مواجهة الاحتجاجات». هكذا سيكون «الشبيح» غطاءً قانونياً للسلطة وممارساتها القمعية وقبضتها الحديدية في وجه التظاهرات. لكن ماذا عن الشهامة والرجولة التي ظهرت في شخصية أبو نبال في الجزء الثاني وتتناقض مع مسارها في «منبر الموتى»؟ يجيب: «يطغى على الشخصية الجانب الدموي في سبيل السلطة، وهي تعتبر أنّ هذه السلطة هي الوطن، وأنّ أي شذوذ عن طاعتها هو تخلّ عن الوطنية يستحق السحق». ويتابع ياخور شارحاً: «هكذا يتحوّل «أبو نبال» إلى أداة ممنهجة لقمع التظاهرات، ويشكّل جيشاً كاملاً من الشبيحة يشرف عليه شخصياً». إذاً لرصد الواقع السوري الجديد بعد غرق البلاد في بحر من الدماء من وجهة نظر القائمين عليه، ما علينا سوى انتظار «الولادة من الخاصرة 3» (منبر الموتى) على قناة «أبو ظبي الأولى» ومحطات أخرى في رمضان المقبل.