القاهرة | في تظاهرة «الشرعية والشريعة» التي خرجت قبل شهر لدعم القرارات الديكتاتورية للرئيس المصري محمد مرسي أمام جامعة القاهرة، وقف بعض شيوخ السلف على المنصة، وقال أحدهم إنّ هناك خبراً مفرحاً وصل إليه الآن: «بشار الأسد قتل». نزل الشيخ من على المنصة وسجد شاكراً الله! وما هي إلا ثوان حتى عاد الشخص نفسه لينقل خبراً آخر وهو أنّ «بشار الأسد قد هرب». خبران متناقضان في أقل من دقيقة يهدفان إلى زيادة حماسة المتظاهرين المنتمين للتيار الإسلامي الذين أتوا لدعم مرسي، لا للتخلص من الأسد.
في تعليقه على هذه اللقطة ضمن برنامجه «البرنامج»، لم يسخر الإعلامي باسم يوسف (1974) من فعل السجود نفسه، رغم عدم منطقيته، بل حاول أن يقدم لجمهوره كل المتناقضات في خطابات اللاعبين على الساحة السياسية المصرية لإظهار قدرتهم على التلاعب بمشاعر الجمهور.
الغاضبون من باسم يوسف لم يهتموا بمراجعة صاحب خبر مقتل أو هروب الأسد ولومه على منح الإعلامي الشهير فرصة السخرية منه، بل ذهبوا إلى النائب العام طلعت عبد الله المعين من قبل مرسي بشكل مخالف للقانون، مطالبين بمحاكمة يوسف الملقب بـ«جون ستيوارت العرب». والسبب هو «إهانة الرئيس والتقليل من مهابة منصب الرئاسة والسخرية من الصلاة ومن الشيوخ»، رغم أنّ كثيرين من أبناء التيار الديني تبرأوا من الشيوخ الذين سخر منهم يوسف عبر قناة «سي. بي. سي.». وكانت محاولة قناة «الحافظ» إيهام جمهورها بأنّ الأزهر أصدر فتوى لتحريم مشاهدة باسم يوسف دليلاً على حجم القلق المزمن الذي يعانيه النظام الديني الحاكم في مصر. على الفور، نفى الأزهر صدور فتوى تحرّم أي برنامج، لكنه في الوقت نفسه طالب الجميع بالتزام قيم المجتمع. وهنا تجدر الإشارة إلى أنّ القنوات الدينية التي تهاجم مذيعي الـ«توك شو» وتتهمهم بمعاداة الإسلام هي نفسها التي لا توفر لجمهورها أي قدر من المهنية وترفض حضور أي طرف يمثّل وجهة النظر الأخرى في برامجها. غير أنهم وقفوا عاجزين أمام يوسف لأنّ الشعب المصري مدمن على السخرية. كما أنّ الإعلامي الشاب نجح في الإفادة من تصريحات الشيوخ والرد عليهم بقوة، مازجاً بين السخرية والجدية. في البداية، حاولوا الهجوم عليه على طريقة عبد الله بدر وإلهام شاهين. وصفه خالد عبد الله بأنه «باسم سوستة». لكن عندما جاءت الهجمات بمردود عكسي، توقف هؤلاء وتركوا المهمة للمحامين الإسلاميين الذين كرروا أسلوب محامي مبارك قبل الثورة عبر استنزاف المعارضين ببلاغات وقضايا يعرفون أنه يستحيل الحصول على حكم قضائي فيها.
قضية يوسف لاقت اهتماماً كبيراً في الصحافة الأجنبية. خصصت صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» الأميركية أخيراً مقالاً اعتبرت فيه أنّ في مصر اتجاهاً واضحاً «يكفله الدستور الجديد» يتعلق بملاحقة معارضي السلطة قضائياً، مشيرةً إلى أنّ قضية يوسف هي «أحدث هدف لمحاولات إسكات المعارضين». وبعد تناول القضية بالتفصيل، خلصت الصحيفة إلى أنّ «حرية التعبير في مصر بعد الثورة تحت التهديد»! وفي غضون ذلك، أكّد باسم يوسف لـ«الأخبار» أنّه مستمر في نقد مَن في الحكم ولن يرد على حملات التشويه إلا بالمضمون البرامجي الذي يقدمه على غرار البرنامج الأميركي الشهير «ذا دايلي شو» لجون ستيوارت، لافتاً إلى أن هدفه الأساسي أن تتحسّن أحوال البلد وتجني الثورة ثمارها، مضيفاً: «من يخاف السخرية عليه أن لا يرتكب أفعالاً ويصدر تصريحات تساعد على ذلك، سواء كان موالياً أو معارضاً».

«البرنامج»: 23:00 اليوم على «سي. بي. سي.»